كامل الشناوي يكتب عن سيد درويش
هزة أرضية بقوة 4.7 درجة على مقياس ريختر تضرب مدينة شاهرود في إيران جماعة الإخوان المسلمين المحظورة يتهم «الإخوان» بجمع أكثر من 30 مليون دينار بشكل غير قانوني الجيش اللبناني يُوقيف 144 سورياً بـ«جرائم» الدخول غير الشرعي والاتجار بالسلاح احتجاجات في 3 محافظات يمنية ضد إنتهاكات الحوثيين رافضة لسياسات القمع وفرض الإتاوات والاختطافات وزارة الصحة اللبنانية تعلن سقوط 6 جرحى في حصيلة أولية جراء غارات طائرات الاحتلال الإسرائيلي على منطقة البقاع عودة الحكمة التركية أليف كارا أرسلان للتحكيم بعد إيقافها بسبب فضيحتها الجنسية إستشهاد وزير العدل الفلسطيني الأسبق محمد فرج الغول بقصف إسرائيلي على مدينة غزة إرتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في ولاية تكساس الأميركية الى 131 قتيلًا وسط تحذيرات من أمطار جديدة زلزال بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر يضرب جزيرة لوزون في الفلبين انفجار في حقل سارانج النفطي يوقف عمليات شركة إتش كيه إن إينريجي بالعراق
أخر الأخبار

كامل الشناوي يكتب عن سيد درويش

المغرب اليوم -

كامل الشناوي يكتب عن سيد درويش

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

الشارع يموج بالزحام والأنواع، وبأصوات متباينة، يختلط فيها الزعيق، والغناء، والهتاف، وعزف الموسيقى، وتسمع من خلال الأصوات المدوية أبواق السيارات، ورنين أجراس بسكليت، أو عربة «حنطور» خاصة، وفرقعة السياط في أيدى سائقى عربات «الحنطور»، أحيانًا يلهبون بها ظهور الجياد، وأحيانًا يلهبون بها ظهور الصبية المتعلقين بمؤخرة عرباتهم، وأحيانًا يلهبون الهواء بسياطهم.. ليشقوا لهم طريقًا للمرور!.

إن الكلمات، والقهقهات هي الأخرى تترنح. الذين يزعقون تخرج الكلمات من أفواههم مبتورة ملتوية، كالسيرة المعوجة، أو السلوك السيئ!، والذين يقهقهون تعلو قهقهاتهم وتهبط، وتتقطع وتتمايل، كسكران شرب زجاجة كاملة من خمر ردىء!. والشارع يبدو كما لو كان متدثرًا في غطاء، فضاؤه تغطيه البالونات، يمسك بخيوطها الصبيان والباعة الجائلون، جدرانه تغطيها إعلانات الملاهى وصور المطربات والراقصات والمطربين.. النساء والفتيات والشبان والكهول غطوا الرصيف والطريق، أزياء الرجال متعددة الأشكال، عمائم وطرابيش وقبعات، جبب وقفاطين، وبذلات، ومعاطف وجلاليب عادية، وجلاليب من الصوف أو الحرير تولى حياكتها أشهر الخياطين، النساء يرتدين الفستان، أو الحبرة، أو المعطف، أو الملاءة اللف.. أكثرهن سافرات الوجوه، والأقلية منهن احتفظن باليشمك التركى، أو البرقع البلدى!.

لا يوجد مقعد خالٍ في مسرح، أو مقهى، أو دار سينما، أو كباريه.. وعلى أبواب المقاهى يعرض الحواة ألعابهم العجيبة. يحشون صدورهم بالثعابين، ويأكلون النار، ويبلعون المسامير.. وإلى جانبهم فرقة تعزف البيانولا، وبين أعضاء الفرقة مَن تخصص في المشى على يديه، ومَن تخصص في حمل بقية أعضاء الفرقة فوق قدميه!.. ومن كل ناحية تنطلق أغانٍ، وألحان، ترددها المجموعات، أو المطربون في المسرح، وترددها معهم الجماهير في الشارع الكبير!.

هكذا كان شارع عماد الدين، مساء يوم 31 ديسمبر من عام 1922.. وكان صاحب هذه الألحان والأغانى يمشى في الشارع، ويستمع إلى الناس، وهم يبدون إعجابهم به، فيأخذه الزهو، وتتملّكه نشوة النجاح، لقد سبق زمنه في الكشف عن حقيقة الأغنية، ووظيفتها، ومفهومها، وسبق زمنه أيضًا في الكشف عن مكانته، وموهبته، وعبقريته!.

أصبح صوت مصر.. صوت عاطفتها، ومرحها وألمها، ونضالها.. إنه صاحب كل هذه الألحان التي تعبر عن الحب، والحزن، والأمل، والتمرد على الظلم، والاستغلال، والاحتلال!.

إنه الرجل الذي انفعل بآلام الشيّالين والسقّايين، وغنى في وقت واحد: «ضيّعت مستقبل حياتى»، و«شفتى بتاكلنى أنا في عرضك»، و«فلفل فلفل اهرى يا مهرى»، و«زورونى كل سنة مرة»، و«بلادى بلادى لكِ حبى وفؤادى»، و«قوم يا مصرى مصر أمك بتناديك»، و«اللى أوطانهم تجمعهم عمر الأديان ما تفرقهم».

إنه سيد درويش.. وكان في هذا العام قد بلغ من عمره الثلاثين، وبلغ في فنه قمة المجد والشهرة.. إنه ابن كل شارع في مصر، واحد من غمار الناس. عاش مشاعرهم، وتجاوب معهم، فجعل من فنه رئة يتنفسون بها!.

وفى شهر سبتمبر من عام 1923، أعد سيد درويش نشيدًا وطنيًّا ليغنيه مع المجموعة في حفل استقبال الزعيم سعد زغلول لمناسبة عودته من إحدى الرحلات. وسافر سيد درويش إلى الإسكندرية، ونام عند شقيقته في حى محرم بك، وفى اليوم المحدد للاحتفال، 15 سبتمبر، كانت المجموعة قد حفظت النشيد في الصباح، وانتظرت سيد درويش، ولكنه لم يحضر، ولم يعجب أحد لذلك، فقد كان الشيخ سيد لا يلتزم بأى موعد. وظهر سعد زغلول في الاحتفال، وعزفت المجموعة نشيد «بلادى بلادى لكِ حبى وفؤادى»، ورددت الجماهير هذا النشيد بقوة وحماسة، وأبدى سعد زغلول إعجابه باللحن الشعبى العظيم، وسأل: مَن الذي وضع هذا اللحن؟!. وقيل له: سيد درويش، فقال: أين هو لأُحييه؟. وقيل لسعد زغلول: لقد مات.. اليوم، مات سيد درويش!.

كامل الشناوى

مقطع من مقال يتجاوز 3 آلاف كلمة، رسم فيه الكاتب والشاعر الكبير كامل الشناوى ملامح سيد درويش، الذي نحتفل بمئويته خلال أيام، (جعل من فنه رئة للناس يتنفسون بها)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كامل الشناوي يكتب عن سيد درويش كامل الشناوي يكتب عن سيد درويش



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

GMT 17:24 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

دنيس هوف يفضح عائلة كيم كارداشيان

GMT 11:30 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

عدنان العاصمي يقترب من الانتقال إلى أولمبيك آسفي

GMT 22:53 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

مليارديرات روس ازدادات ثروتهم بشكل ملحوظ في 2022

GMT 23:33 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

خطة سوناك لإنعاش الاقتصاد البريطاني

GMT 23:03 2021 الإثنين ,18 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الأرض داخل "نفق عملاق" يصل إلى "نهاية الكون

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 11:26 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

أزياء الـArmy تعود للصدارة من جديد في 2020

GMT 18:57 2020 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تفاصيل مقتل سائق تاكسي في أغادير

GMT 00:51 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة رجل شرطة بملعب "محمد الخامس" أثناء "الديربي البيضاوي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib