«المستعمرة» سينما الضوء والصوت والإحساس الهامس
وزارة الخارجية الأميركية تدين "الفظائع" في الفاشر وتحذر من خطر يهدد آلاف المدنيين جيش الإحتلال الإسرائيلي يعلن عن عمليات لتطهير رفح وتدمير بنى حركة حماس التحتية قلق في تل أبيب من إنتقال عدوى مرضى الحصبة إلى الأطباء مع تفشي المرض في مناطق عديدة في إسرائيل سلطات الطيران النيبالية تعلن سلامة ركاب طائرة إثر هبوطها إضطرارياً في مطار جاوتام بوذا الدولي غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد فشل تسليم جثث الرهائن وتل أبيب تؤكد أن الجثامين لا تعود للمحتجزين الجيش الأوكراني يعلن تنفيذه عملية معقدة لطرد جنود روس تسللوا إلى مدينة بوكروفسك في منطقة دونيتسك بشرق البلاد خلافات حادة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشأن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين قوات الاحتلال تواصل القمع وتقتل فلسطينيين وتصيب آخرين بالضفة وغزة ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 68858 شهيداً بينهم أطفال ونساء مصرع ثلاثة عشر شخصا في انهيار أرضي غرب كينيا بسبب الأمطار الغزيرة
أخر الأخبار

«المستعمرة».. سينما الضوء والصوت والإحساس الهامس!!

المغرب اليوم -

«المستعمرة» سينما الضوء والصوت والإحساس الهامس

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

لكل عمل فنى مفتاح، إنها النسبة الزئبقية التى لا تستطيع تحديدها بدقة. تختلف حسب طبيعة الفيلم. تحدد العلاقة بين الشريط والجمهور. (الترمومتر) هو المعلومة الدرامية. ما الذى تقدمه للمتفرج وما الذى تضيفه أنت؟.

السينما فى تطورها كلغة صارت تزيد من هامش الإيجابية، وكأنك تصنع بتلك الإضافات فيلمك أنت، تنازع المخرج على الفيلم. المعلومات عن الشخصيات والمكان والزمان تتسرب بانسياب بلا أدنى تعمد. تمنحك فقط بداية الخيط. هناك قدر من القتامة والضبابية والمأساوية تسيطر على الجو العام لفيلم (المستعمرة) لمحمد رشاد، والذى عُرض فى قسم (وجهات نظر) بمهرجان برلين.

الشريط بكل تفاصيله من أول تسكين الممثلين، عدد منهم يقف أمام الكاميرا لأول مرة. الأداء المفرط فى طبيعته أحد عناصر خصوصية الفيلم. يمهد لك أيضًا (أبجدية) التلقى. أنت داخل مصنع (الخردة) العتيق، حيث يجرى القسط الأكبر من الأحداث. المكن العجوز، الذى يتجاوز عمره الافتراضى وكأنه يئن من قسوة وتراكم السنين. التجاعيد تعيشها أيضًا الآلات الحديدية. الحركة المتعثرة والإضاءة الخافتة تسهمان فى تأكيد هذا الإحساس. البيت الذى نراه قبل رؤية المصنع مقبض فى كل تفاصيله. الأم الأربعينية، صارت أرملة، مصابة بما يُعرف شعبيًّا بـ(قدم الفيل)، معاقة حركيًّا بنسبة كبيرة، لا يسند ظهرها سوى ابنيها، الأول شاب فى مطلع العشرينيات، والثانى مراهق يصغره بنحو ١٠ أعوام، ومع رحيل الأب يلعب الابن الكبير دور الأب، وهكذا نراه فى بداية الفيلم وهو يعنف شقيقه الصغير. تكرار مشهد المرهم الذى يضعه الابنان تباعًا على قدمى الأم يؤكد أن المواجهة مستحيلة، نرى المرض المتضخم بضراوة أمام أعيننا، بينما سلاح المواجهة يبدو هزيلًا، وكأنك تواجه (ديناصورًا) متوحشًا بـ(نبلة) بدائية.

فى المشاهد الأولى نرى الابن المراهق عندما يعثر فى الدولاب على مطواة، يتأملها مسرعًا، ثم يُعيدها فى لمحة إلى الدولاب، بينما فى المشهد الأخير، وبعد هروب شقيقه الكبير من مطاردة رجال الأمن، يأخذها من الدولاب محتفظًا بها ليؤكد شفرة القراءة التى بدأها معنا، أننا سنضيف بخيالنا ماذا بعد أن صارت المطواة فى حوزته؟، حتى علاقته بتلك الفتاة التى نراها داخل المصنع ليست قصة حب تقليدية، بقدر ما هى تعبير عن احتياج الطرفين لعلاقة ما، لا نستطيع تحديدها بدقة، الشريط كله مجموعة من أسئلة بلا إجابات قاطعة، حتى رحيل الأب، وتعويض ابنيه بالعمل، لم ندْرِ بالضبط كيف رحل، ومَن المسؤول، وكيف تمت الصفقة، مساحة الغموض تجمع الدراما والإضاءة والموسيقى وحركة الكاميرا وأداء الممثلين فى بوتقة واحدة.

شعرت بعد مشاهدة الفيلم أن مستقبل السينما المصرية مشرق، مادمنا وجدنا هؤلاء المبدعين وهم يتقدمون بجرأة وشجاعة، يعثرون على معادلات إنتاجية خارج الحدود، تسمح لإبداعهم بالتنفس.

جميل جدًّا ومنعش أيضًا أن يبزغ اسم مخرج مصرى ليطل علينا من (برلين) يمنحنا قدرًا من الثقة فى القادم. رغم كل المعوقات، فإن هؤلاء المبدعين يستطيعون أن ينفذوا ولو من ثقب إبرة، وعلينا فى نفس اللحظة أن نسارع باحتضانهم، لم نقدم مع الأسف لهذا الجيل شيئًا إلا فيضًا من المعوقات والتوجسات، الدعم المادى أوقفناه قبل نحو ٩ سنوات، كان يتيح للسينمائى الموهوب ومن كل الأجيال ضوءًا أخضر للإسهام فى تنفيذ مشروعه، فيلم داوود عبدالسيد (رسائل بحر) نموذجًا.

ومع توقف الدعم وفى السنوات العشر الأخيرة ازدادت شراسة مخالب الرقابة، وغالبًا هناك قراءة متوجسة خارج النص، تنظر دائمًا بعين الريبة لكل ما هو خارج السياق العام والمحفوظات العامة، ومع الأسف صار هذا الصوت المتحفظ له مريدوه فى الشارع، والأغرب أن من بين المؤيدين والمروجين عددًا من المبدعين، الذين تبنوا نظرية باطلة بأن الفن المسؤول الأول عن حالة التردى والانفلات فى الشارع، ومنحوا المصادرة غطاء شرعيًّا.

يواكب الفيلم تعيين رقيب جديد للسينما يؤمن بالحرية، الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال، الفيلم عُرض فى

(برلين) قسم جديد (وجهات نظر)، والذى يحتفى بالنظرة الجديدة للسينما فى العالم.

سبق أن شاهدت الشريط مرتين، الأولى قبل نحو العام (نسخة عمل)، والثانية بعد اكتماله وعرضه بالمهرجان.

نسخة العمل هى الشريط قبل الرتوش الأخيرة فى المونتاج والمكساج والموسيقى، ولكنها بالنسبة لعين المحترف تستطيع أن تقرأ من خلالها حالة الفيلم.

وتتأكد بعد إضافة الرتوش أننا بصدد مخرج صاحب رأى ورؤية، ومعه عدد من الموهوبين الذين يستحقون الحفاوة، وهم الممثلون أدهم شكر وزياد إسلام وعماد غنيم ومحمد عبدالهادى وهنادى عبدالخالق وهاجر عمر، وصوت محمد صلاح وأحمد عدنان. والموهوبون بزيادة المونتيرة هبة عثمان، ومدير التصوير محمود لطفى، وديكور ياسر الحسينى، وملابس سلمى سامى، وجرافيكس عطية أمين، وموسيقى طونى أوفروو.

فيلم مشرف يؤكد أن الإبداع، رغم كل الظروف المعاكسة، قادر على الحياة!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المستعمرة» سينما الضوء والصوت والإحساس الهامس «المستعمرة» سينما الضوء والصوت والإحساس الهامس



GMT 22:12 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عارك وحدك

GMT 22:05 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تجعلوا من النكره نجمًا

GMT 22:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن أنور السادات

GMT 21:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق التاريخ... مُنتعشة!

GMT 21:56 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الخليج... والنمو الاقتصادي المطلوب

GMT 21:53 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة عقود على إعلان «نوسترا أيتاتي»

GMT 21:51 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

استراحة فاروق جويدة!

GMT 21:48 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

من نحن.. فراعنة أم عرب أم ماذا؟!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 12:02 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب
المغرب اليوم - دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض القلب

GMT 02:12 2019 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز أضرار ممارسة الضغط على الأبناء في الدراسة

GMT 20:24 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تؤكد أن 4 أنماط فقط للشخصيات في العالم

GMT 04:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

التكنولوجيا الحديثة تجلب ضررًا كبيرًا في المدارس

GMT 16:13 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يستدعي سفراء الدول العظمى بسبب قرار دونالد ترامب

GMT 00:17 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ماذا عن الحمل بعد الأربعين؟

GMT 23:59 2022 الخميس ,10 شباط / فبراير

7 مباريات قوية وحاسمة للوداد في شهر

GMT 12:44 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

كيا تطرح نسخا شبابية قوية وسريعة من سيارة Ceed الاقتصادية

GMT 02:07 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

فساتين خطوبة باللون الأحمر لعروس 2020

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib