منير عامر أستاذ الكلمة المضيئة

منير عامر أستاذ الكلمة المضيئة

المغرب اليوم -

منير عامر أستاذ الكلمة المضيئة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

كنت دائمًا أشاهد الكاتب الكبير منير عامر بصحبة زوجته السيدة شريدان في دار الأوبرا يتابعان العروض بمختلف أنماطها، وكأنهما صديقان وليسا فقط زوجين حبيبين. مع نهاية العام الماضى افتقدتهما، سألت الإعلامى شريف عامر، فقال لى إن والدته تعانى من حالة صحية حرجة أفقدتها الحركة والنطق، وأيقنت خطورة الموقف، دعوت لها بالشفاء.. حاولت أن أتحدث مع الأستاذ منير إلا أن شجاعتى كانت تخوننى.. قبل ثلاثة أشهر رحلت السيدة شريدان، وتعطلت لغة الكلام، فلم أجد كلمات، ولم أجرؤ حتى أن أقدم واجب العزاء.

ولم يصمد بعدها الأستاذ منير، وإن ظل ممسكًا بالقلم يكتب مقالًا أسبوعيًا على صفحات (الأهرام)، إنه واحد من آخر سلالة الموهوبين، التي مع الأسف تعانى الانقراض، إنهم أساتذة الكلمة الذين يملكون سحر (الأبجدية) بعد أن بات القسط الوافر من الأقلام يستخدم فقط لملء مساحة بيضاء.. كتابات الأستاذ منير تملؤنا ضوءًا، فهو أساسًا قارئ استثنائى، كثيرًا ما كان يشرفنى بالتعقيب على مقال لى، وكنت أشعر بالخجل من كلماته التي كانت ولاتزال تطوق عنقى، في جعبته دائما الكثير من الحكايات عن الكبار، أمثال: كامل الشناوى وإحسان عبدالقدوس وصلاح جاهين وفتحى غانم، والرسامين الكبار بقامة زهدى وبهجت وحجازى وغيرهم، في كل مكالمة أظفر بمعلومة، كما أننى أتعلم أيضا منه درسًا.

كنت أعلم من الإذاعى الكبير وجدى الحكيم أن المخرج محمد علوان غير راض عن النص الذي كتبه الصحفى الكبير محمود عوض لمسلسل (أرجوك لا تفهمنى بسرعة)، وعقد عبدالحليم بطل المسلسل جلسة، واقترح وجدى اسم وحيد حامد لإنقاذ الموقف، الحلقات كانت تنفذ على الهواء- كما يجرى هذه الأيام بالضبط- وبالفعل، استقر الرأى على إعادة كتابة الحلقات، على أن تظل القصة تحمل اسم محمود عوض، وكتب وحيد عدة حلقات، مر يوم واثنان وثلاثة ولم يوضع اسم وحيد في (التتر)، وقالوا لوحيد حامد إن السيدة صفية المهندس، نائب رئيس الإذاعة هي المسؤولة عن الدراما، تعترض، قالت له: (هو إحنا ما عندناش غير وحيد؟.. لك مسلسل يومى في صوت العرب، ما ينفعش يبقى لك مسلسل كمان في الشرق الأوسط).

وتوقف وحيد حامد وتمت الاستعانة بآخرين.. من أنقذ الموقف أن يوم 6 أكتوبر الموافق العاشر من رمضان عام 73 تغيرت الخريطة الإذاعية، وتوقفت كل المسلسلات الاجتماعية.

قال لى وجدى الحكيم إن عبدالحليم بعد اعتذار وحيد استعان بأحد أصدقائه الصحفيين لاستكمال الكتابة، ورفض ذكر الاسم، اعتقدت أنه كان يقصد منير عامر فهو الذي حرر مذكرات عبدالحليم.

صحح لى قبل عامين الأستاذ منير الواقعة قائلا: (لم أتدخل في كتابة المسلسل)، كان من الممكن ببساطة أن يصمت، فهو شاهد الإثبات الوحيد، ولكن ضميره حال دون الصمت.

كانت لدى الأستاذ منير عين ثاقبة لاختيار المواهب، كانت الخطوات الأولى لوحيد حامد صحفيًا في مجلة (صباح الخير)، طلب منه الأستاذ منير أن يكتب حلقات عنوانها (القاهرة بالليل)، ووحيد شاب ريفى، تعرّف على المدينة، ويذهب من مكان إلى آخر.. وبعد أن أنهى وحيد الجزء الأول، سأل عن المقابل المادى، فاكتشف أن أجره في الشهر لا يصل إلى نصف أجر حلقة واحدة في المسلسل، فتفرغ للكتابة الدرامية، وظلت شخصيات (القاهرة بالليل) بمثابة كنز ينهل منه وحيد بين الحين والآخر.

تجاوز الأستاذ منير الثمانين من عمره، إلا أنه ظل حتى اللحظات الأخيرة أستاذًا للكلمة التي تومض في القلب!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منير عامر أستاذ الكلمة المضيئة منير عامر أستاذ الكلمة المضيئة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث

GMT 13:00 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أحدث صيحات فساتين الزفاف لعام 2020

GMT 12:10 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي حقيقة صورة محمد هنيدي مع إعلامي إسرائيلي

GMT 00:44 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

بولهرود يغير وجهته صوب "ملقا الإسباني"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib