صورتان وبينهما الزمن

صورتان وبينهما الزمن!

المغرب اليوم -

صورتان وبينهما الزمن

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

انتشرت على (الميديا) العديد من صور النجمات والنجوم، نشاهد أولاً صورة الفنان في العشرينات من عمره، ثم الثانية بعد أن مرت عقود من الزمان، وعلينا كجمهور أن نواجهها بالحسرة ومصمصة الشفاه، ونحن نرى كيف استباح الزمن هذه الوجوه، التي كانت عنواناً للشباب، وتفيض بالنضارة، ثم اكتست (يا للهول) بالتجاعيد، والعينان اللتان كانتا تبرقان بالحياة، لم يعد فيهما سوى بقايا شحيحة من الوميض، والقدم التي كانت تدك بقوة على الأرض، صارت بحاجة إلى عصا أو كرسي متحرك.
ما هو الغريب في كل ذلك، حتى تحظى الصور بكل هذا الشغف وتصبح (تريند)؟ أليس هؤلاء بشراً، وكلنا ما دام امتد بنا العمر، سنصل لا محالة إلى هذه الصورة؟
القسط الأكبر من البشر يخشى الزمن، ويزداد الأمر صعوبة عندما تعتقد فنانة أن رأسمالها يكمن فقط في جمالها الخارجي، وربما كانت سعاد حسني هي أصدق نموذج يجسد هذا الإحساس، السؤال الذي كان ولا يزال يشغل الرأي العام، هل انتحرت سُعاد أم قُتلت؟ إجابته عندي أنها انتحرت، لأنها خاصمت الزمن. أتذكر في نهاية الثمانينات ومع انتشار جهاز (الأنسر ماشين) سجلت سعاد على آلة الرد الآلي أغنية (زوزو النوزو كوانوزو)، التي قدمتها في فيلمها الأشهر (خلي بالك من زوزو)، حيث كانت في الثلاثين وظلت سعاد نفسياً متشبثة بالثلاثين، حتى سفرها إلى لندن مطلع التسعينات للعلاج. كان الهدف الحقيقي أن تبتعد عن كل من يعرفها في مصر، بعد أن زاد وزنها وتسللت إلى وجهها بعض التجاعيد. كانت تعاني أيضاً من التهاب (العصب السابع) ومتاعب في العمود الفقري، ومن الممكن علاجها في مصر، ولهذا أصدر رئيس الوزراء في نهاية التسعينات قراراً بإيقاف علاجها على نفقة الدولة في الخارج، مع توفره في مصر، ولم تعد سعاد بل كان المشروع السينمائي الوحيد الذي وافقت عليه سيناريو عنوانه (البلياتشو)، حتى تخفي الأصباغ كل معالمها. في مطلع الألفية الثالثة، قررت الطيران لأعلى، الذي عده القضاء البريطاني انتحاراً من الشرفة.
بينما زميلة دفعتها بل وتكبرها بسنوات، أقصد نادية لطفي، ظلت حتى رحيلها في مستشفى المعادي العسكري تواجه بجرأة كاميرات التلفزيون والصحافة.
حكت لي الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، أنها اضطرت في أحد مشاويرها لركوب (تاكسي) وتعرف عليها السائق من نبرة الصوت، وباح لها بحسرته مما فعلته السنين، وقالت له فاتن كلنا سنصل إلى تلك المحطة، وظلت فاتن تحلم بالعودة للسينما، وكانت لها أكثر من جلسة عمل مع المخرج الشاب عمرو سلامة، فلم يكن لديها ما تريد إخفاءه.
كثيراً ما تردد أن ليلى مراد ابتعدت عن التمثيل بسبب ملامحها، خوفاً من أن تتحطم صورتها الذهنية كـ(سندريلا)، والحقيقة الموثقة، أن تلك واحدة من أشهر الأكاذيب. ليلى مراد تقدمت بطلب لمؤسسة السينما المصرية في الستينات، من أجل العودة للشاشة الكبيرة، وبدأت بالفعل في اتباع (ريجيم) قاس، إلا أنها فوجئت بتبديد الوعد، فكانت تكتفي بتسجيل أغانٍ للإذاعة، مما ساعد على انتشار شائعة اعتزالها خوفاً من أن تجرح صورتها الذهنية في خيال الناس.
الصلح مع الأيام يمنحنا القدرة على الحياة السعيدة. عندما يصبح تاريخ الميلاد في جواز السفر مجرد رقم. كثير من الفنانين تجاوزوا التسعين، وظلوا حتى اللحظات الأخيرة يبدعون. لدينا أنغام عبد الوهاب، وكلمات نجيب محفوظ، وصوت وديع الصافي.
نعم الملامح تتغير، ولن يستطع (البوتوكس) خداع العيون، إلا أن الإنسان لن تقتله صورة، أما من يجدون متعة في مقارنة الصورتين، أقول لهم ألقوا نظرة أولاً على أرشيف صوركم، وبعدها مصمصوا شفاهكم كما يحلو لكم!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورتان وبينهما الزمن صورتان وبينهما الزمن



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib