نُعلن أم نَلعن

نُعلن أم نَلعن؟!

المغرب اليوم -

نُعلن أم نَلعن

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

لم يكن أبداً خلافاً على شريط سينمائي، الاختلاف ظاهرة صحية وقبل ذلك مطلوبة وحتمية، لو لم نجده اخترعناه. ما تابعناه الأيام الأخيرة في أعقاب زلزال (أصحاب ولا أعز) يصلح اعتباره تحليلاً للمجتمع بكل طوائفه. نعم الحكاية في مصر كانت صاخبة، إلا أنها ليست فقط حكاية مصرية، بل عربية بامتياز.
لدينا أصوات تختلف درجة شدتها، تميل أكثر لإقامة سور حديدي عصي على الاقتحام. في التاريخ لدينا (سور الصين العظيم) لم يحُل ذلك دون اختراقه عدة مرات، جاءت الثغرة من الحراس أنفسهم، الذين تمت مساومتهم، ووافقوا على الرشوة، والدرس لا تبنِ سوراً ولكن ابنِ الإنسان أولاً. القوة داخلك والضعف داخلك، هذه هي حكمة السنين، التي لا نريد أن نتعلمها.
حتى مطلع الثمانينات، كانت الدولة المصرية، وأتصور غيرها من الدول العربية، تخشى من إذاعة (بي بي سي) اللندنية، لأنها تقدم الحقيقة من دون تزويق ولا مكسبات طعم ولون ورائحة، وهكذا تم اختراع صفارة تعلو على صوت مذيع نشرة الأخبار، باستخدام الموجة اللاسلكية نفسها، فلا تتبين حقيقة الخبر، ورغم ذلك كانت الناس تتحايل على المؤشر، حتى تتمكن بعد معاناة من ضبط الموجه، وتتابع الخبر رغم (الشوشرة).
في نكسة 67 كان الإعلامي الكبير الراحل أحمد سعيد يقرأ نشرة مختلقة، تؤكد أننا أسقطنا للعدو عشرات من الطائرات، وأن بيننا وبين (تل أبيب) مجرد (فركة كعب)، واستسلام إسرائيل بات في لحظات، بينما الحقيقة أن سلاح الطيران المصري لم يشارك أساساً في الحرب، لأنهم وجهوا إليه ضربات قاضية، وهو لا يزال واقفاً على الأرض في الممرات العسكرية.
الدولة في عز هيمنة عبد الناصر على الإعلام، لم تستطع خداع الناس كل الوقت، ولكن فقط بعض الوقت، وتكشفت الحقائق بعدها بأيام.
(أصحاب ولا أعز) هل قال شيئاً خافياً على أحد؟ إجابتي هي لا، هل قدم مشهداً خادشاً للحياء؟ الإجابة لا، كل ما فعله أنه قال ما نعلمه ولكننا عادة لا نناقشه، تناول الخيانة الزوجية والمثلية الجنسية وأيضاً البرودة الجنسية، ومن هنا جاء التصنيف العمري فوق 16، ليس بسبب المشاهد التي نصفها عادة بـ(الجريئة)، فلم تكن هناك مشاهد ينطبق عليها هذا التوصيف، تلك القضايا تستلزم فقط أن يستوعبها من هم في السادسة عشرة كحد أدنى. قالت لي إحدى الصديقات إن ابنتها وقد تجاوزت هذه السن، كانت تسألها عن بعض التفاصيل في الفيلم، والأم شعرت بحرج، قلت لها كان ينبغي لابنتك أن تعرف كثيراً مما يدور حولها، السؤال الأزلي، الذي كان يردده الطفل العربي لأمه قبل نصف قرن: (كيف جئت للدنيا؟)، الإجابة الأزلية: (وجدناك أمام الجامع)، لم تعد هذه الكلمات ممكنة. الجيل الذي أطلقوا عليه (زد) المولود في التسعينات، تُضحكه هذه الإجابات.
ورغم ذلك، الدعوة للانغلاق لم تتوقف، رغم أنك لن تستطيع مهما كانت لديك من إمكانات بناء هذا السور الذي لا يسمح بالدخول إلا للمعلومة التي تريدها وللهواء المعقم، كأننا في غرفة العناية المركزة.
دعونا نتفق أولاً، أن العيش داخل (كومباوند) خاص معزول عن الدنيا، صار حلماً مستحيلاً، علينا إذن أن نتعلم مناقشة كل قضايانا، ولا نستسلم لما دأبنا أن نطلق عليه مسكوتاً عنه. السلاح الوحيد الذي نملكه هو أن نُعلن قبل أن نمنع ونلعن!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نُعلن أم نَلعن نُعلن أم نَلعن



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 21:04 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هيرفي رونار يقلل من قيمة الدوري المغربي للمحترفين

GMT 10:02 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منزلك أكثر تميّزًا مع الديكورات اليابانية العصرية

GMT 19:00 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تطور ملحوظ وفرص سعيدة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 21:52 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وفاء الكيلاني تثير الرأي العام بقصة إنسانية في "تخاريف"

GMT 11:00 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

"بوما" تطرح أحذية رياضية جديدة ومميزة

GMT 10:39 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

تعرفي على إتيكيت أكل "الاستاكوزا"

GMT 12:35 2013 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

البدء فى البرنامج التوعوي التثقيفى لمرضى داء السكر في سبها

GMT 02:20 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة بالمركز القومي للترجمة حول أعمال نوال السعداوي

GMT 18:34 2017 الجمعة ,25 آب / أغسطس

فوائد نبات الحلتيت لصحة الإنسان

GMT 00:18 2014 السبت ,07 حزيران / يونيو

ضروريَّات من أجل عودة السياحة إلى مصر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib