الكولونيل والرقص على حافة الهاوية
باكستان تسجل 23 إصابة جديدة بحمى الضنك خلال 24 ساعة في إسلام آباد مصرع خمسة متسلقين ألمان في انهيار ثلجي بجبال الألب الإيطالية مصرع خمسة وثلاثين شخصا وفقد خمسة آخرين بسبب الفيضانات في وسط فيتنام إشتعال ناقلة نفط روسية وسط هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية في البحر الأسود إنفجار عنيف في مستودع أسلحة لقسد بريف الحسكة وسط تحليق مسيرة مجهولة ومصادر تتحدث عن حالة هلع بين السكان حركة حماس تعلن العثور على جثث ثلاثة رهائن في غزة وتنفي اتهامات أميركية بشأن نهب شاحنات مساعدات الأسرة المالكة البريطانية تعرب عن صدمتها بعد هجوم طعن في قطار بكامبريدجشير أسفر عن إصابات خطيرة غارة إسرائيلية على كفررمان تقتل أربعة من عناصر حزب الله بينهم مسؤول لوجستي في قوة الرضوان غارات إسرائيلية مكثفة تهزّ قطاع غزة وتثير مخاوف من إنهيار إتفاق وقف إطلاق النار نادي وولفرهامبتون الإنجليزي يستقر على فسخ التعاقد مع البرتغالى فيتور بيريرا المدير الفنى للفريق
أخر الأخبار

الكولونيل والرقص على حافة الهاوية

المغرب اليوم -

الكولونيل والرقص على حافة الهاوية

غسان شربل
بقلم : غسان شربل

يحدث أن يتوقف مصير دولة وشعب على قرار يتخذه الرئيس. نعرف نحن أبناء الشرق الأوسط الرهيب هذه القصة. ونعرف أن زمن دولة المؤسسات ليس قريباً ولا يلوح في الأفق. وأن مصير الناس معلق أحياناً على إرادة الرجل القوي الذي يعتبر أن البرلمان والدستور والجيش مجرد عاملين في مكتبه ورهن مشيئته. وأن صاحب القرار يستطيع أن يأخذ البلاد في هذا الاتجاه أو ذاك. وأن الوظيفة الحقيقية للمستشارين هي تسويق القرار الذي يؤخذ بمعزل عن رأيهم. ومن عادة الأقوياء الرقص على حافة الهاوية.
يحدث أيضاً أن يتوقف مصير العالم بأسره على قرار يتخذه رجل واحد. رجل يقود دولة مسلحة حتى الأسنان وتريد الثأر من الظلم الذي ألحقه التاريخ بخريطتها أو دورها. لدينا من القرن الماضي أمثلة كثيرة على رجال اتخذوا قرارات أغرقت العالم أو أجزاء منه أو بلدانهم في بحيرات من الدماء. أمضى الخبراء سنوات يحفرون في مسيرة هذا النوع من الرجال. ثمة من وصف الرجال الذين أدموا العالم بأنهم مرضى. قيل ذلك عن هتلر وستالين وبول بوت وكثيرين. أخاف حين أقرأ هذا النوع من الدراسات. أخشى أن تكون ذهبت بعيداً في التفسير وإطلاق الأحكام. وأخاف أكثر أن تكون صحيحة.
أكتب ذلك، لأن مصير المرحلة المقبلة يتوقف حالياً على إرادة رجل واحد اسمه فلاديمير بوتين. رجل تمكن من إعادة عقارب الساعة الأوروبية إلى الوراء. ثمة من يقول إن الرجل خبير في توظيف مخاوف الآخرين منه. وإنه يجيد جني الثمار من صورة الشرير التي ألصقت به. ومن صورة اللاعب الماكر التي ربما حرص على صناعتها. هذا يقول إن الكولونيل الذي كان مكلفاً بتعقب جواسيس وتطويع آخرين قرب جدار برلين قبل انهياره لم يغادر حقده على الغرب الذي مزق خريطة الاتحاد السوفياتي وهالة روسيا العميقة.
ينقب الخبراء في تاريخ السيد الرئيس ويعيدون قراءة حركاته ولفتاته. وصل الأمر ببعضهم حدّ قول «نيويورك تايمز» إن حرصه على الانفصال عن ضيوفه عبر طاولة طويلة يعبر عن انفصاله عن الواقع. وعن عزلته وشعوره بأنه مختلف عن الزعماء الذين تراكضوا لاسترضائه. وهناك من بدأ يدبج عما فعلته عزلة «كورونا» بالسيد الرئيس، فيما يقول آخرون إنه يحاول كتابة الفصل الذهبي من تاريخه قبل أن تغدره السبعينات أو المفاجآت. ولا يغيب الخبراء الذين يؤكدون أن طول الإقامة في القصر وشعور الرئيس أنه جاء في مهمة مقدسة يُدخلان بالضرورة تغييراً كبيراً وخطراً على شخصية سيد الأختام.
واضح أن العالم فوجئ بالأزمة الأوكرانية. لم يتوقع أن يدفع سيد الكرملين أوروبا، خلال أسابيع، إلى حافة الهاوية. ولم يتوقع أن تستيقظ في القارة القديمة مفردات من نوع الغزو والاجتياح، وأن تتلاحق المناورات على نحو يدفع جنرالات حلف «الناتو» إلى تحديث الخطط القديمة وإعادة روسيا إلى موقع العدو الأول. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم تشهد أوروبا هذا القدر الهائل من التخويف والتضليل. لم تتوقع الدول الغربية أن ترغم على تحسس ترساناتها والعودة إلى سيناريوهات الغارات وقوافل اللاجئين.
المتابع المحايد لمسيرة بوتين يستبعد أن يأمر هذا الرجل «الجيش الأحمر» بالاستيلاء على أوكرانيا، مهما كان الثمن. مغامرة من هذا النوع ستعيد الروح إلى الحلف الغربي ضد روسيا. ستعيدها إلى الإقامة تحت الثلج مع اقتصاد مقطع الأوصال بالدول الغربية. إراقة الدم الأوكراني بغزارة قد لا تكون مأمونة داخل روسيا نفسها بسبب الروابط العرقية والدينية والتاريخية. مثل هذه العزلة ستضعف موقع روسيا، وستجعلها أسيرة لدى العملاق الصيني الذي قد يكون أخطر على بلاد لينين من الغرب نفسه.
هل أوقع السيد الرئيس نفسه وبلاده في مأزق؟ هل راهن بكامل رصيده على رقم واحد في كازينو الأزمة الأوكرانية التي أطلقها؟ هل يستطيع العودة من حافة الحرب من دون ثمن؟ وهل يلجأ في حال تشدد الغرب إلى إغراق العالم في أزمة طويلة، مع الاستمرار في تحريك القوات ورعاية المناورات؟ هل يستطيع بوتين العودة من شفير الهاوية بلا انتصار؟ ماذا سيقول لمستشاريه وجنرالاته؟ ومن سيأخذ على محمل الجد أي مناورات وحشود قد ينظمها مستقبلاً؟
أقرأ ما يكتب عن «تهور» بوتين و«عزلته» و«عواقب كورونا» ولا أميل إلى التصديق. لكن لا يمكن إنكار أن الإقامة المديدة في القصر قد تضاعف شعور الرئيس بقوته وفرادته، وقد توصله إلى حد التخاطب مع التاريخ بدلاً من التخاطب مع مستشاريه. يصعب الاعتقاد أن رجلاً بذكاء بوتين دفعته عزلة «كورونا» إلى الانقطاع عن الواقع والحقائق الإقليمية والدولية.
نحن أبناء الشرق الأوسط الرهيب نخاف أحياناً من التحولات التي يدخلها القصر على أحلام السيد الرئيس وأوهامه. ذات يوم أمر صدام حسين قوات الحرس الجمهوري باجتياح الكويت من دون إبلاغ وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش بالقرار إلا بعد تنفيذه. وذات يوم حضر طارق عزيز اجتماعاً للقيادة قررت فيه «إعادة الفرع إلى الأصل» واعتبار الكويت محافظة عراقية جديدة. أدرك عزيز بحكم خبرته خطورة القرار الكارثي، لكنه لم يحاول جدياً تغيير اتجاهات الريح. وذات يوم أدرك العسكريون العراقيون أن كل الدفاعات قد دمرت، ولم يجرؤ أحد على مطالبة السيد الرئيس بالانسحاب من الكويت. وذات يوم أمر معمر القذافي بخطف وزراء منظمة «أوبك» وقتل الوزيرين السعودي والإيراني، وأوكلت المهمة إلى الفنزويلي الشهير كارلوس، وكان ما كان.
أعرف تماماً أن بوتين كان لاعباً بارعاً وحذراً وماكراً. وأنه أستاذ في إخفاء نواياه. وأستاذ في فن الخداع. وأنه درس في معهد الـ«كي جي بي» علم التضليل وشروط العيش باسم مستعار والكتابة بالحبر السري. وأنه لقّن فنّ التسديد في اللحظة المناسبة بلا تقديم أو تأخير. لكن الأزمة الأوكرانية محفوفة بالأخطار، وهي ستكشف إن كان الشعور بالقوة بعد استعادة القرم والتدخل في سوريا سمح لعزلة «كورونا» بدفع السيد الرئيس إلى مكان يصعب الانتصار فيه ويصعب التراجع منه. ولا بد من الانتظار، فقد يفضل الغرب الانحناء للكولونيل الذي أتقن الرقص على حافة الهاوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكولونيل والرقص على حافة الهاوية الكولونيل والرقص على حافة الهاوية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - إيلون ماسك يطلق ميزة جديدة في غروك لتحليل منشورات منصة إكس

GMT 09:09 2016 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

7 فنانين مصريين أكدوا نظرية "الموهبة ليست لها وقت أو سن"

GMT 01:07 2017 الخميس ,23 شباط / فبراير

خالد عبد الغفار يشدّد على تحسين "البحث العلمي"

GMT 16:42 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

إصابة مدير سباق فرنسا الدولي للدراجات بكورونا

GMT 15:00 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

محمد باعيو يكلف الجيش الملكي 100 ألف دولار

GMT 21:04 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 11:17 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

أبرز صيحات موضة 2019 بأسلوب كارلا حداد

GMT 22:17 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أبرز مواصفات سيارة "Vitara" المعدلة

GMT 09:00 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

أبرز عروض الأزياء بأسبوع الموضة في باريس

GMT 15:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

مواجهة حامية بين "يوفنتوس" و"أتالانتا" لخطف بطاقة التأهل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib