قمم وهضاب

قمم وهضاب

المغرب اليوم -

قمم وهضاب

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

يصعب على المرء أن يفصل بين وجوده كصحفي محترف، وبين قدره كمواطن في منطقة حاشدة بالأحلام، ومكتظة بالخيبة والمرارة. جلست لأعدَّ بعض الملاحظات لهذه السلسلة، وإذا بي في ذهول العمر: أول قمة عربية حضرتها في القاهرة كانت شتاء 1964، أي قبل ستة عقود إلاّ قليلاً. والعمر يمضي بالأفراد والجماعات مضاء الليل والنهار. كانت القاهرة شابة نضرة تتمخطر على ضفاف النيل مثل كليوباترا «فاتنة الدنيا وحسناء الزمان».

وكان العالم الثالث كله يردّد أناشيد الاستقلال، وأفريقيا في الساحات تؤدّي رقصة الحرية، والاستعمار يوضّب ما تبقّى من حقائب العودة إلى دياره في كل مكان. عالم جديد يولد من رحم العالم القديم. عالم شاب نضر ومتدفق ولا يلوي على شيء.

العربي المستقل كان يكرر كل يوم التذكير ببغض سياسة «فرّق تسد» التي مارسها الأتراك والإنجليز في إهلاكنا وإغراقنا في التخلّف. إذن، لا تفرقة بعد اليوم. وحدة وتضامن وعمل. لكن ما إن بدأت القمّة حتى لعلعت الأصوات وعلت الشتائم، وضاعت فلسطين في صراخ المتحمسين لها، ورأت نفسها أعلى صوتاً وأدنى مرتبة على جدول الأعمال. فالأسبقية لليمن وحربها. والنزاع البعثي مع الناصريين. والصراع بين دمشق وبغداد، أمويين وعباسيين. وعلى الزعامة بين القاهرة وبغداد ودمشق.

بدأت الدولة العربية في التفكك قبل أن تولد، وبدأ عصر استبدال العلم بالوهم. والإعداد للنكسة بدل النصر. وامتلأت الأرض والسماء شتائم لم تنج منها أعراض النساء. وتكاثرت العلاقات المقطوعة والمؤامرات الموصولة. وفتحت الثكنات في وجه بعضها البعض. وسلمت شؤون التنمية والاقتصاد والنمو إلى خريجي المدرسة الحربية. وصغرت أحجام الزنزانات وكثرت أعدادها. وصار تلاميذ المدارس يتعلّمون نشيد تمجيد القائد ويرددونه كل صباح، وفي مدارس اليمن الجنوبي كان التلاميذ يلقون التحية على مولانا فلاديمير إيليتش، ويطبقون تعاليم ماركس في أبين (جنوب اليمن) والمكلّا (حضرموت).

كنا ننتظر الدولة العربية ففوجئنا بألف دولة. والدولة الوحيدة التي أخذت تقوم على أسس حقيقية، كانت دول الخليج التي تشتم، آذاك، كل يوم. ودعك من أن السبب ثروتها النفطية الحديثة، فالدول الثورية كانت أغنى بكثير. وخذ على ذلك مثلاً، مقارنة غاية في البساطة، السعودية والعراق. الأولى، لديها النفط والربع الخالي والرمال، والثانية لديها الرافدان وخصب ما بين النهرين وثاني احتياط نفطي في العالم. لكن فيما كانت الأولى تحرث وتبني في الرمل وترسل إلى جامعات العالم عشرات آلاف الطلاب، كان علي صالح السعدي يرفع في العراق شعار «اسحقوهم حتى العظم». ولم يكن في حاجة إلى الأمر، إذ قبل عام واحد، يوليو (تموز) 1963، كنت ذاهباً إلى دمشق لتغطية أحداثها، فأبلغنا على الحدود أنها مغلقة، لأن الفريق أمين الحافظ سحق المتظاهرين حتى العظم، أو أكثر.

إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمم وهضاب قمم وهضاب



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 15:02 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا سعيدة بإهداء دورة مهرجان القاهرة السينمائي لشادية

GMT 01:36 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"لارام" تلغي الخط الجوي الرابط بين الحسيمة والدار البيضاء

GMT 00:59 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

10 نصائح للفوز بفستان زفاف أنيق يوافق المرأة في سن الأربعين

GMT 23:42 2024 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

نيللي كريم تُصرح أن جائزة جوي أووردز كانت مفاجأة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

إشبيلية يفشل في تأجيل سفر النُصيري

GMT 16:35 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ديكورات لحفلات الزفاف الخارجية لصيف 2023

GMT 23:09 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

السعودية تجمع 10 مليارات دولار من إصدار سندات

GMT 16:37 2022 الأحد ,09 كانون الثاني / يناير

4 غيابات للأسود في أولى مباريات "الكان

GMT 21:54 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقّعات العرّافة البلغارية العمياء بابا فانغا لعام 2021

GMT 22:53 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروغوياني يعلن إصابة لويس سواريز بـ فيروس كورونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib