البحث عن سارتر في بكين بوم مطار أورلي

البحث عن سارتر في بكين: بوم مطار أورلي

المغرب اليوم -

البحث عن سارتر في بكين بوم مطار أورلي

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كانت «الموضة» إذن، هي اليسار. ومن اليسار أقصاه، أي ماو. ويقول فرانز أوليفيه - جيزبير إن مراسل «لوموند» في بكين، آلان روك كان يكتب رسائله وكأنه موظف في جريدة «الشعب» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني.
كانت الماوية، بالنسبة إلى جيزبير، الآيديولوجيا الأكثر قتلاً في القرن العشرين. وفي أرقامه أنها تسببت في مقتل 45 إلى 80 مليوناً، بما في ذلك ضحايا «الثورة الثقافية»، فيما تسبب ستالين في وفاة 28 مليوناً، وأبادت النازية 12 مليوناً على الأقل. «لكن أحداً لا يريد سماع صراخ الضحايا». وسوف يصر أندريه مالرو، وزير الثقافة عند ديغول، على أن ماو «هو أعظم شخصية تاريخية في هذه الحقبة»، بينما قال فرنسوا ميتران إنه من «أعظم الإنسانيين». يختار جيزبير من أقوال أعظم الإنسانيين أثناء التحريض على الثورة الثقافية ما يلي: «يجب أن نطهر الأرض من ديدانها، وأن نكنس جميع العقبات»، «نحن لا نريد الرقة، بل نريد الحرب»، وخصوصاً «لا بناء من دون هدم». وعلى ذلك دمر تلميذه الوفي بول بوت مدن كمبوديا من أجل أن يقيم مكانها حقولاً خصبة، وترك خلفه مليونين إلى ثلاثة ملايين قتيل، وأكبر عدد من ذوي الأطراف المقطعة في تاريخ البشرية.
يدمر جيزبير أسطورة حزينة أخرى، من أساطير فرنسا التي عايشناها عن قرب وفي شغف، خصوصاً الذين مثلي حاولوا بناء جزء من حياتهم المهنية على تغطية شؤون فرنسا السياسية والثقافية. كان من أبرز السياسيين آنذاك الزعيم الاشتراكي بيار منديس فرانس، رئيس الوزراء السابق، الذي حرر فرنسا من استعمارها «الهند الصينية»، التي سوف تعرف بعد ذلك باسم فيتنام.
لم أحظ بمقابلة مع منديس فرانس الذي كان له مظهر الرجل الوقور والسمعة الطيبة. لكنني كنت في مطار أورلي ذات يوم، وإذ بالرجل أمامي. تقدمت منه وسلمت عليه، وقلت له إنه ليس معي سوى جواز سفري، فهل يسمح بتوقيع عليه للذكرى؟ فعل ذلك بكل لطف. وبدل أن أطرح عليه بعض الأسئلة، كان هو - مثل أبناء جيله - من طرح علي بعض الأسئلة عن لبنان.
حفظت تلك السانحة بامتنان للرجل التاريخي الذي أظهر كل ذلك التواضع. لكن هو هذا المخرب، جيزبير، يروي أن منديس فرانس كلفه ذات مرة، كتابة سيرته. وفوجئ بكم هو رجل محدود وأقرب إلى السذاجة. وقال إنه في الجلسة الأولى بدأ منديس فرانس الحديث بالتعبير عن دهشته لعدد السائقين اليابانيين في طوكيو. وقبل أن يتساءل المرء عن مدى صحة الرواية، يقول جيزبير مؤكداً: «إنني لا أمزح في ذلك على الإطلاق».
ومن طرائف هذا العالم الصغير جداً أنني دهشت في منديس فرانس لسبب لا يصدق. كان يشبه مختار قريتي مثل توأم سيامي: الرأس العريض والكتفان العريضان، والقامة الربعية، وما يقول كاتب سيرته إنه «وجه البوم».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن سارتر في بكين بوم مطار أورلي البحث عن سارتر في بكين بوم مطار أورلي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 18:48 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة جديد في خان يونس
المغرب اليوم - كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة جديد في خان يونس

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 00:26 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة بوسي تكشّف أسباب ابتعادها عن الأدوار الكوميديا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib