طرق بلا أصدقاء

طرق بلا أصدقاء

المغرب اليوم -

طرق بلا أصدقاء

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

موحش عالم الطرقات في أميركا. مهمَل وبلا أي عناية. كل شيء صُنع على عجل من أجل حاجات العابرين السريعة. محطات وقود تبيع كل شيء، وفنادق مسطحة تستقبل من يشاء بأسعار رخيصة. ولا صداقات تقام هنا، ولا زبائن دائمين، ولا لوحات جميلة على الجدران. هذا ليس فندقاً. هذا «موتيل». نزل للعابرين. أهل الطريق السريعة. من ولاية إلى ولاية. ألوف السيارات. كل في اتجاه. إنها أميركا السريعة: «الموتيل» والماكدونالد، وصاحب محطة الوقود، الذي يعيش في الجانب الخلفي منها، بلا حياة اجتماعية أو عائلية أو إجازات.
ما أزال أشعر بشيء من الخوف كلما تذكّرت رحلات الطرق السريعة. ألوف السيارات تمر بك وتمر بها، والجميع غرباء، والليل ثقيل بطيء كأنك في أفلام الرعب. ليس هذا السفر الذي أريده. لكنه جزء من تجاربه. ولا تستطيع أن ترى أميركا الحقيقية إذا كنت سوف تقطعها من مطار إلى مطار. وإلا كيف يمكن أن تعرف ماذا يعني أن يكون البلد قارة وكل ولاية عالماً، والأكثر خشونة وجفافاً هو عالم الطرقات والإسمنت والخالي من التحيات.
أشهر من بحث فيه عن قلب وروح، كان رساماً يدعى إدغار هوبر (1882 - 1967). جاء هوبر إلى باريس حيث اكتشف بودلير كبير شعرائها. واكتشف أنه مثله يحب المدن وحياتها. وعندما عاد إلى بلاده اشترى سيارة دودج قديمة وقرر أن يقوم بجولة في الأنحاء جميعاً. قام بالجولة الأولى، ثم الثانية، ثم الخامسة. ومن تلك الجولات جمع الوجوه التي تمثل الحياة في أميركا، حياة الوحدة وحياة العزلة وحياة السرعة وحياة المزارع البعيدة والحقول التي بلا نهايات.
أميركا تعدو. أميركا تركض. أميركا تسعى. أميركا تمضي العمر على الطرقات. تطارد نفسها في دائرة في قلب دائرة من الدوائر.
كان ذلك في ماضٍ بعيد. وهو عالم إدغار هوبر الذي سافرت فيه. ليس عالماً من السيارات فقط، بل من القطارات أيضاً. من خلف نافذته تسافر في سرعة. صوت العجلات الرهيب. تتوالى عليك المشاهد والمناظر. مرة على أطراف المدن، ومرة في قلبها، ومرة يسرح في السهول يطلق صفارات الضجر كأنه يغني للكائنات المختبئة في العشب واليباس.
ليال كثيرة أمضيتها في قطارات السفر. غالباً مفضلاً المناظر على النوم. في أوروبا وفي أميركا وفي روسيا. والطرق السريعة موحشة في أميركا. ولوحات إدغار هوبر لها ألوان أجمل من الحقيقة وأجمل من الحلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرق بلا أصدقاء طرق بلا أصدقاء



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib