التعصب والتسامح

التعصب والتسامح

المغرب اليوم -

التعصب والتسامح

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

حاول المفكر توفيق السيف (الأربعاء الماضي) بالكثير من اتزانه المعهود، إعطاء تعريف للمتعصب، من خلال حوارات له مع الشاعر عبد الله البردوني والشيخ محمد سعيد البوطي، جرت في دمشق قبل ثلاثين عاماً، ونقل عن البوطي قوله إن الانتقال من نقد الرأي المخالف إلى ذم أصحابه هو وجه من وجوه التعصب. وأما الدكتور سيف، فهو أيضاً كعادته، لم يعطِ رأياً ولا توصيفاً، شيَم أهل العلم والحكمة.
دائماً أشكر ربي على أنني لم أمر في مثل هذه الحالة في أي مرحلة من مراحل العمر. سألني الزميل محمود الورواري هل كان سهلاً أم صعباً علي العمل في مجتمعات عربية مختلفة؟ وقلت له إنني لم أطرح على نفسي هذا السؤال قبل هذه اللحظة. لم أصل مرة إلى بلد عربي، زائراً أو عاملاً، وأنا أشعر بأنني غريب. ولم أغادر بلداً عربياً إلا وأنا آمل في أن أعود. ولا يعود ذلك إلى موقفي، بل الفضل الأكبر هو لكل من تعاملت معه، من جميع فئات الناس.
ووجدت أن بين الأوروبيين المتحضرين من هو أكثر تعصباً منا بزمن، وأن مقاييسه ناقصة أو سيئة. ويحمل التعصب في طياته روح العنصرية والكره والحقد، ويشل المجتمعات ويدمر الأمم، ويمنع التطور ويبدد العمل الجماعي.
سجلت دولة الإمارات سابقة دولية عندما خصصت في الحكومة حقيبة لوزارة التسامح، والأخرى للسعادة. ولكي لا تبدو الخطوة مجرد عمل رمزي أعطيت الحقيبة إلى صاحب أطول مسيرة حكومية في هذا الإطار، الشيخ نهيان بن مبارك، الذي عاد من أوكسفورد وزيراً للتعليم العالي، ثم التربية، ثم الثقافة. وينص الدستور الأميركي على أن السعادة حق من حقوق المواطنة مثل الحرية والعمل والعلاج. ووجدت مجتمعات كثيرة أن الموسيقى سبب من أسباب السعادة لأنها تتسامى بالروح، وكانت جزءاً مما يقدمه البلاط الملكي إلى الناس، كما في الإمبراطورية النمساوية أو ألمانيا، حيث تفاخرت البلاد بأعظم عباقرة الموسيقى. ولم تكتفِ أوروبا باستخدام الموسيقى لتهذيب البشر، بل تستخدمها هولندا منذ عقود لكي تمتع بها البقر التي ثبت أن ذلك يزيد في درها.
«لا جمال في الغضب» قال غوته. تصور عائلة الأب فيها غاضب طوال اليوم يصرخ ويصيح ويتوعد. ماذا سيحدث عندما يكبر أبناؤه؟ أي شعور يكنون له؟ أي شعور تكن الشعوب المقهورة، سواء كانت قادرة على التعبير عن شعورها أم لا؟
يبدأ التسامح في المنزل. والتعايش والتبادل والتفاهم. والغضب والتعصب كمن يأسر نفسه ضمن جدران ظلماء. وكلما حاول أحدهم فتح نافذة للضوء ارتعد الغاضبون خوفاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعصب والتسامح التعصب والتسامح



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 06:01 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

النجمة غادة عبد الرازق تنشر صورة تكشف إصابتها في قدمها

GMT 10:17 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 4

GMT 00:32 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

عموتة ينفي صلته بقرار إبعاد المياغري عن فريق الوداد

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 03:49 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فاطمة سعيدان تكشف أن "عنف" استمرار لتقديم المسرح السياسي

GMT 07:51 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

Red Magic تطلق حاسوبها المحمول للألعاب Titan 16 Pro

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

نوال الزغبي بإطلالات مُميزة بالأزياء القصيرة

GMT 18:01 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib