ليبيا الدولة المؤجلة والرئيس المغيب

ليبيا... الدولة المؤجلة والرئيس المغيب

المغرب اليوم -

ليبيا الدولة المؤجلة والرئيس المغيب

جبريل العبيدي
بقلم: جبريل العبيدي

منصب الرئيس في ليبيا مغيب منذ فبراير (شباط) 2011، ويتنازع على إنابته الجميع؛ بدءاً من المجلس الانتقالي عام 2011، مروراً بالمؤتمر الوطني عام 2012، وانتهاءً بالبرلمان ومجلس الدولة المتمدد عن المؤتمر الوطني والمجلس الرئاسي، والأخير منتج اتفاق جنيف، والجسم الهجين الجديد المسمى «مجلس الرئاسات»، وجميعها تزعم أحقية الإنابة عن الرئيس المغيب.

في ظل الرئيس المغيب، أصبحت ليبيا في حكم الدولة المؤجلة بعد أن أصبحت الأزمة الليبية ضحية الترحيل المتعمد من حوار غدامس الليبية إلى ماراثون اتفاق الصخيرات المغربية إلى تونس، مروراً بصلالة في سلطنة عمان، وتوقفاً عند جنيف، وبرلين الأولى والثانية، وباريس الأولى والثانية، مع إعادة تكرار الوجوه والشخوص نفسها تقريباً بترتيب مختلف الصورة والنمطية التي لم ولن تنتج حلاً ممكناً قابلاً للتعايش أو التطبيق والديمومة، أو حتى يصلح يكون خطوط ومعالم خريطة طريق للخروج من الأزمة.

وفي زمن تغييب الرئيس، تعرضت الأزمة الليبية لسياسة الإغراق في مستنقع كيسنجر بصراع الفرعيات وتفتيت الأزمة وترحيل الحل من مكان إلى آخر، فمنذ نقل الحوار من ليبي - ليبي على أرض ليبية إلى حوار متعدد الجنسية، صارت في ليبيا اليوم حكومتان متنازعتا الشرعية، ثم تأتي الدعوة لإنتاج حكومة ثالثة أو هجينة من الحكومتين الشرقية والغربية، وتعتبر إطالة عمر الأزمة الليبية سبباً لحالة الاستنفاع والتنفع والاسترزاق منها، حيث يسعى كثير من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية إلى استمرارها.

تأتي أهمية وجود الرئيس المغيب في خلق التوازن والفصل بين السلطات، فتغييب الرئيس كان عن طريق تأجيل الانتخابات التي في الأصل هي حق للشعب، وكان سببه الأجسام «المنتخبة» التي فضلت البقاء في السلطة من دون شرعية استمرارها بحجج متعددة؛ منها فزاعة «القوة القاهرة»، بينما واقع الحال هو تمسك هؤلاء بالسلطة والامتيازات كما وصفتها المبعوثة الدولية السابقة ستيفاني وليامز بالقول: «الفشل الحقيقي هو فشل ليبي بامتياز ويخص النخبة السياسية، التي لا تريد الانتخابات لسبب رئيسي واحد هو أنها ستخسر امتيازاتها».

في الانتخابات تتعدد طرق الانتخاب والترشح، فمن جهة، هناك الترشح الفردي؛ وهو أن يرشح الفرد نفسه ويكون التصويت هنا لصالح الفرد، وهنا كثيراً ما يحدث الخلط بين الفرد والمنصب، وقد يتأثر الناخب في كثير من الأحيان بعوامل قد تنحرف بسير الانتخاب من اختيار الأصلح للمنصب، إلى اختيار على أساس شخصي تتحكم فيه أحياناً كثيرة العوامل المؤدلجة أو الجهوية والقبلية وحتى المال، ومن جهة أخرى، هناك الترشح لانتخاب ضمن قائمة مغلقة ذات برنامج محدد تطرحه القائمة، يكون هنا الانتخاب أكثر ضماناً للتحرر من سلطة أصحاب المال إلى اختيار البرنامج الأصلح لخدمة البلد من دون النظر للأشخاص، حيث تتم المفاضلة بين البرامج والأفكار، ولا وجود للعلاقات الشخصية ضمن هذا النوع، ولعل من أهم مقومات الانتخاب هو وجود إطار تشريعي ومنظم له، ويكون فيه حق الانتخاب مكفولاً للجميع من دون إقصاء لأي مكون ليبي.

ليبيا هي وطننا؛ سواء كان الرئيس حاضراً أم مغيباً، وسواء أجريت الانتخابات أو لم تجرَ، فليبيا ليست محطة ترانزيت، وليست حكراً لفئة أو جماعة ضالة أو حتى صالحة، فليبيا ليست عقاراً للاستحواذ عليه، أو حزباً جعل الحسابات الحزبية تعلو على مصلحة الوطن العليا، فيصبح هذا الحزب همه مناكفة الحزب المضاد والتضحية بمصلحة الوطن وسلمه الاجتماعي، وإقصاء الخصم السياسي في أي حوار أو مشروع أو قانون، فهناك من يقسم الوطن على مقاس حزبه وأعضائه، وهذا بسبب توارث مفاهيم خاطئة عن الوطن والمواطنة والمصلحة الوطنية نتيجة تردي الفكر والخطاب السياسي وفشل النخبة، وتكريس ثقافة الحزب والولاءات.

الانتخابات قد تكون آلية للخروج من هذا النفق الضيق الخانق، ولكن هناك اشتراطات وطنية، تسبقها على رأسها التحرر من العباءة الحزبية أو الفئوية، في التعاطي مع الاستحقاقات الوطنية العامة؛ مثل العقد الاجتماعي والدستور الذي يجب أن يكتب بلغة واضحة غير قابلة لا للتأويل أو التضليل، ويجب أن يكون بتوافق جميع الليبيين.

ليبيا بعد تغييب دام لأربعة عقود عن آخر تجربة انتخابية، وتغييب لمنصب الرئيس لعشر سنين عجاف ونيف غاب فيها حتى رغيف الخبز والأمن والأمان، وليس فقط الديمقراطية والانتخابات، لا يمكن لأي دعوة جديدة إلى انتخابات ضمان نتائجها وسلامة إجراءاتها، بل حتى لا يمكن ضمان الاعتراف والإقرار بالنتائج من جميع الأطراف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا الدولة المؤجلة والرئيس المغيب ليبيا الدولة المؤجلة والرئيس المغيب



GMT 16:26 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

صحافة الابتزاز

GMT 16:22 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإخوان وكتلة الإصلاح.. خطاب المتناقضات !

GMT 16:22 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

موازنة تقليدية وخطابات إعلامية

GMT 16:20 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

2025... سنة مغربيّة بامتياز

GMT 16:19 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

اللّبنانيّون يرفضون الانتحار… مع “الحزب”!

GMT 16:18 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانحون الكبار وضحاياهم

GMT 16:16 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «السِّتّ» إبداعٌ وإضافة

GMT 16:13 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترمب: لا تحبسوني

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 18:44 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يُطلق مرحلة جديدة من العقوبات ضد فنزويلا
المغرب اليوم - ترامب يُطلق مرحلة جديدة من العقوبات ضد فنزويلا

GMT 02:59 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
المغرب اليوم - أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن

GMT 03:27 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

واشنطن تخطط لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام المقبل
المغرب اليوم - واشنطن تخطط لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام المقبل

GMT 10:42 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تفرض حضورها السينمائى في المهرجانات بـ 3 أفلام
المغرب اليوم - نيللي كريم تفرض حضورها السينمائى في المهرجانات بـ 3 أفلام

GMT 19:41 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ماريا كورينا ماتشادو تؤكد رحيل مادورو بالتفاوض أو بدونه
المغرب اليوم - ماريا كورينا ماتشادو تؤكد رحيل مادورو بالتفاوض أو بدونه

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:23 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 08:07 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 07:26 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تطوير برنامج جديد للتسوق العشوائي عبر شبكة الانترنت

GMT 17:42 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

سولاري يُؤكّد مُقاتلة الريال على لقب الدوري الإسباني

GMT 21:34 2021 الأحد ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أرباب محطات الوقود يشتكون الزيادة في أسعار المحروقات

GMT 03:12 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الكشف عن موعد إفتتاح قناة "إم بي سي المغرب"

GMT 17:16 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

غوارديولا يعتذر للجزائري رياض محرز

GMT 06:05 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

نصائح تساعد في التخلص من حرج الحميات الغذائية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib