ديكتاتوريّو الفضيلة ومحو الماضي بتغيير الكلمات
هزة أرضية بقوة 4.7 درجة على مقياس ريختر تضرب مدينة شاهرود في إيران جماعة الإخوان المسلمين المحظورة يتهم «الإخوان» بجمع أكثر من 30 مليون دينار بشكل غير قانوني الجيش اللبناني يُوقيف 144 سورياً بـ«جرائم» الدخول غير الشرعي والاتجار بالسلاح احتجاجات في 3 محافظات يمنية ضد إنتهاكات الحوثيين رافضة لسياسات القمع وفرض الإتاوات والاختطافات وزارة الصحة اللبنانية تعلن سقوط 6 جرحى في حصيلة أولية جراء غارات طائرات الاحتلال الإسرائيلي على منطقة البقاع عودة الحكمة التركية أليف كارا أرسلان للتحكيم بعد إيقافها بسبب فضيحتها الجنسية إستشهاد وزير العدل الفلسطيني الأسبق محمد فرج الغول بقصف إسرائيلي على مدينة غزة إرتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في ولاية تكساس الأميركية الى 131 قتيلًا وسط تحذيرات من أمطار جديدة زلزال بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر يضرب جزيرة لوزون في الفلبين انفجار في حقل سارانج النفطي يوقف عمليات شركة إتش كيه إن إينريجي بالعراق
أخر الأخبار

ديكتاتوريّو الفضيلة ومحو الماضي بتغيير الكلمات!

المغرب اليوم -

ديكتاتوريّو الفضيلة ومحو الماضي بتغيير الكلمات

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

هل يحقّ لنا على ضوء حساسيّاتنا الراهنة أن نغيّر كتب التاريخ والأدب ونصوصها؟ هل يجوز مثلاً، باسم رفض العنصريّة، أن نستبدل الأوصاف التي أطلقها المتنبّي على كافور الأخشيديّ بأوصاف أخرى، أو أن نتخلّص من شخصيّة شايلوك عند شكسبير، وهل يجوز باسم العقل والعقلانيّة أن نحذف الساحرات من «مكبث»؟ ديكتاتوريّو الفضيلة الذين هم على حقّ، أو يظنّون أنّهم كذلك، ثمّ يريدون فرض هذا الحقّ على الواقع والتاريخ، يُجيزون أفعالاً من هذا القبيل.

روالد داهل، كاتب قصص بريطانيّ للأطفال، مات في 1990 وكانت آراؤه العامّة في غاية البشاعة، خصوصاً لا ساميّته الحادّة وبعض أوصافه الفظّة للنساء وللملوّنين. لكنّ كتبه باعت أكثر من 300 مليون نسخة، وتُرجمت إلى 68 لغة ولا يزال الأطفال يقرأونها على نطاق عالميّ واسع.

مع هذا أقدمت دار نشره البريطانيّة «بوفِّن بوكس» التابعة لـ «بنغوين راندوم هاوس»، على تغيير بعض الكلمات في كتبه بما يجعلها أشدّ توافقاً مع حساسيّاتنا ومع «الصواب السياسيّ»، وينقّيها من انحيازاتها ضدّ جماعات وفئات بعينها. كلّ ما يتعلّق بالوزن والسمنة، وبالصحّة العقليّة، وبالجندر والعِرق، غُيّرت. مثلاً، في كتابه «تشارلي ومعمل الشوكولا» المنشور في 1964، أُزيل تعبير «سمين بصورة ضخمة» ليصبح «ضخماً». في كتاب آخر عنوانه «ساحرات»، أُبدلت عبارة «مُحاسِبة في سوبرماركت أو طابعة رسائل لرجل أعمال» لتصبح «عالِمة رفيعة أو مديرة بيزنس»، وأزيلت كلمة «سوداء» من وصف للآلات يقول إنّها «سوداء ومجرمة ومسخ ذو مظهر متوحّش». عبارةٌ كـ «صرتَ أبيض كلوحٍ» صارت «صرت جامداً كتمثال». لكنْ بنتيجة الضجّة التي أثارها «تصويب» كتب داهل تبيّن أنّ كتباً لآغاثا كريستي وإيان فلِمينغ وسواهما تعرّضت لمَقصّ مشابه، وأنّ بعض دُور النشر في الولايات المتّحدة وبريطانيا صارت توظّف محرّرين يُعرفون بـ «قرّاء الحسـاسيّة» (sensitivity Readers) وهم، وفق تعريفهم المهنيّ، «قرّاء من خلفيّات معيّنة أو من ذوي تجارب حياتيّة خاصّة، يقرأون المخطوطات كي يساعدوا في إزالة التمثيلات (representations) الإشكاليّة والمؤذية».

وفضلاً عن السياسيّين الذين استنكروا هذا السلوك، رفع بعض المثقّفين البارزين أصواتهم المحتجّة. سلمان رشدي كان أحد المتدخّلين في السجال. فالأديب البريطانيّ الهنديّ، نائل جائزة بوكر، غرّد على تويتر: «روالد داهل لم يكن مَلاكاً، لكنّ هذه الرقابة سخيفة»، مضيفاً أنّ على الذين فرضوها «أن يشعروا بالخجل». ورشدي، كما بات معروفاً جيّداً، أكثر من دفع كلفة الحقّ في التعبير، إذ فقدَ عينه ولا يزال يتعافى من آثار الاعتداء عليه العام الماضي في نيويورك، فضلاً عن عيشه مُتخفّياً منذ فتوى الخميني الشهيرة في 1989.

مؤسّسة «القلم» (pen) في أميركا، التي تضمّ 7500 كاتب، اعتبرت ما يحصل مثيراً للذعر. السينمائيّ ستيفان سبيلبرغ قال كأنّه يصرخ احتجاجه: «إنّه تاريخنا. إنّه ميراثنا الثقافيّ»...

والحال أنّ ما يحصل ليس أقلّ من عدوان على التاريخ وتزوير للميراث الثقافيّ. فإذا سلكت تلك الرقابة طريقاً معبّدة، ولم تعترضها أيّة مقاومة، كانت النتيجة انتهاكاً صارخاً للإبداع بتحويله إلى أعمال مضجرة ضعيفة المخيّلة، واحدة الخطاب، وتشويهاً للماضي برمّته بما يعدم كلّ ثقة به وكلّ تعويل على أيّة وثيقة صلبة لمعرفته ودرسه. وهذا ما لا يختلف في شيء عن عمليّات «إعادة كتابة التاريخ» التي تُجريها أنظمة ديكتاتوريّة وتوتاليتاريّة، أو قصّ الصور على النحو الذي فعله ستالين حين تخلّص من صور تروتسكي وبلاشفة آخرين كانوا يقفون إلى جانب لينين. ومن يدري إلى أيّ مستنقع من الأكاذيب يمكن أن نصل مع الإمكانات التي باتت تتيحها تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ اليوم؟ لقد قال المدافعون عن هذه الرقابة إنّ هدفهم «حماية» الأطفال من التنميط الثقافيّ والإثنيّ والجندريّ في الأدب والأشكال الثقافيّة الأخرى. لكنّ الحماية عبر التجهيل والتزوير تُحوّل المجتمع كلّه إلى أطفال قُصّر بدل أن تحمي الأطفال. وهذا علماً بأنّ وظيفة «الحماية» يمكن أن يؤدّيها الأساتذة والأهل، فضلاً عن تجارب الحياة نفسها والدروس التي تُعلّمها. وقد يُرفَق النصّ الذي ينبغي «حماية» الأطفال منه بهوامش أو بملاحق تجلو الأمر، أو ربّما بملاحظات تشبه الملاحظات التي أضيفت إلى الطبعة الألمانيّة الأخيرة من كتاب «كفاحي» لهتلر. وهذه كلّها قد تكون مسائل خلافيّة وقابلة للسجال أو للتعديل، إلاّ أنّ ما لا ينبغي السجال فيه هو الرقابة والحذف وتغيير عبارات في النصّ الأصليّ «حمايةً» للأطفال. و»الأطفال»، منذ «جمهوريّة» أفلاطون على الأقلّ، هدف أوّل لديكتاتوريّي الفضيلة الذين يريدون إجراء التجارب عليهم بالاستفادة من ضعفهم وبدء التاريخ، مرّةً بعد مرّة، من صفر. ذاك أنّ التجارب والمعاني المتراكمة ليست لدى هؤلاء أكثر من تلوّثٍ يمكن التغلّب عليه بتغيير الكلمات!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديكتاتوريّو الفضيلة ومحو الماضي بتغيير الكلمات ديكتاتوريّو الفضيلة ومحو الماضي بتغيير الكلمات



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 17:24 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

دنيس هوف يفضح عائلة كيم كارداشيان

GMT 11:30 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

عدنان العاصمي يقترب من الانتقال إلى أولمبيك آسفي

GMT 22:53 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

مليارديرات روس ازدادات ثروتهم بشكل ملحوظ في 2022

GMT 23:33 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

خطة سوناك لإنعاش الاقتصاد البريطاني

GMT 23:03 2021 الإثنين ,18 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الأرض داخل "نفق عملاق" يصل إلى "نهاية الكون

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 11:26 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

أزياء الـArmy تعود للصدارة من جديد في 2020

GMT 18:57 2020 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تفاصيل مقتل سائق تاكسي في أغادير

GMT 00:51 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة رجل شرطة بملعب "محمد الخامس" أثناء "الديربي البيضاوي"

GMT 14:26 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعترض على مشاركة لاعبين بشباب الحسيمة

GMT 17:31 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رسمياً فورد تكشف عن الموديل الجديد من Edge2
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib