النّساء والشباب جنود التغيير الاجتماعي

النّساء والشباب جنود التغيير الاجتماعي

المغرب اليوم -

النّساء والشباب جنود التغيير الاجتماعي

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

في الفضاء العربي الإسلامي حراك حقيقي متفاوت الوتيرة من أجل تحقيق التغيير الاجتماعي صلب مجتمعاتنا، وذلك من تاريخ فترة الاستقلال إلى حد الساعة والغد. وكما نعلم، فإن التغيير الاجتماعي شامل ويعنى بالأبعاد الاجتماعية كافة ، حيث إن المقصود بالتغيير الاجتماعي هو تبني مشروع للتغيير الاجتماعي يمس الأبعاد الثقافية والسياسية والاقتصادية. ومن المهم تأكيد نقطة مفصلية، وهي أن جوهر التغيير الاجتماعي ثقافي بالأساس، ولا يمكن القيام بأي تغيير على مستوى الثقافة الأساسية ومنوال التنمية الاقتصادية من دون أن يتم إحداث ثورة في التمثلات والعقليات وأنماط السلوك؛ وهو ما يعني بكل بساطة ووضوح أن التغيير الثقافي قاطرة التغيير الاجتماعي.

هذا في ما يخص التغيير الاجتماعي ومعناه وما يتضمنه من أبعاد الفعل الاجتماعي. غير أن هناك في مقابل ذلك مسألة مفصلية أساسية تتعلق بالفاعلين في التغيير الاجتماعي، أي على من يمكن التعويل والرهان لتحقيق التغيير الاجتماعي؟

أولاً، من الجيد أن نفهم أن التغيير لا تقوم به المؤسسات والشركات والاستراتيجيات. بل إن جنود التغيير الاجتماعي الناجح هم الشباب والنساء ومن دونهما يصعب التغيير ويطول أمده إلى ما لا نهاية وما يمكن بلوغه في جيل واحد قد يتطلب أجيالاً.

ولكن لماذا النساء والشباب هم الأقدر على القيام بالتغيير الاجتماعي والتعويل عليهم في هذه المهمة الصعبة؟

تكمن صعوبة التغيير الاجتماعي في كونه يمس العقليات ويستهدف نسقاً ثقافياً قيمياً تم التعود عليه وتغلغل في المخيال والتمثلات والسلوك؛ الشيء الذي يزيد من تعقد عملية التغيير الاجتماعي ومن صعوبتها. وعادة ما يكون الكهول، وتحديداً الذين تجاوزوا مرحلة الشباب وأيضاً كبار السن أقل قدرة على التفاعل إيجابياً وتحقيق تواصلية مع مضامين التغيير الاجتماعي والانخراط فيها. بل إن في أغلب الأحيان يمثلون عائقاً أمام التغيير الاجتماعي.

في مقابل ذلك، فإن الشباب هم الخزان الاجتماعي للتغيير الاجتماعي وهم طاقته، وذلك يتناغم مع خصائص المرحلة الشبابية التي تمثل فترة البناء الرمزي للهوية الذاتية وإعادة إنتاج الهوية الجمعية. أي أن مرحلة الشباب قابلة للتعاطي بمرونة مع مضامين التغيير الاجتماعي التي عادة ما تلبي فيها للشباب حاجتهم إلى التغيير والتجديد.

أما بالنسبة إلى النساء، فكما نعلم هن يمثلن دائماً أساس مشروعات التغيير الاجتماعي، ولا يمكن لأي مشروع للتغيير الاجتماعي أن يتجاهلهن أو أن يعلن عن نفسه وملامحه من دون أن تكون النساء موضوعاً رئيسياً من موضوعاته وجندياً محورياً من الجنود موضوع الرهان.

فالحداثة مثلاً كأكبر مشروع للتغيير الاجتماعي عرفته البشرية مثلت المرأة جوهره وفاعلة فيه وأداته أيضاً.

وبالنظر إلى طبيعة مشروعات التغيير الاجتماعي الغالبة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية نلاحظ أنها تقوم على مسارات التحديث مع اجتهادات تراعي الخصوصية الثقافية. وهي نقطة تؤكد ما ذهبنا إليه من أن مواصلة التغيير الاجتماعي اليوم في البلدان العربية والإسلامية وتجويد خطوات مسارات التحديث لا يمكن أن تتجاهل النساء باعتبارهن أحد موضوعات التحديث، وأيضاً قياس التغيير الاجتماعي يمر وجوباً بمؤشرات واقع المرأة والمنجز في وضعيتها، ومن خلال ما تحقق للنساء والفتيات في بلداننا يقاس التغيير الاجتماعي ويتم تأكيده. وهنا نلاحظ أن عناصر التقييم متداخلة وعضوية. فالنساء يمثلن أحد المضامين الكبرى وهن المؤشرات وهن الفاعلات.

لذلك؛ فمن المهم الانتباه إلى أنه لا تغيير اجتماعياً من دون إيلاء النساء كنوع اجتماعي والشباب كمرحلة عمرية الأهمية اللازمة، فالتغيير الاجتماعي يقوم على متغير الجنس ومتغير العمر قبل أي متغير آخر. وهكذا نفهم لماذا يرتبط النجاح أو الإخفاق في عملية التغيير الاجتماعي بالنساء والشباب. ففي السياسة مشاركة الشباب والنساء نقطة قوة بالنسبة إلى أي نخبة سياسية تحكم أو تسعى إلى الحكم. والشيء نفسه في ما يتعلق بالاقتصاد والتنمية وخلق الثروة، حيث إن الاقتصادات النموذجية اليوم تراهن على المشاركة الاقتصادية للنساء وعلى قوة مشاركة الشباب في المبادرة وبعث المشروعات.

ومن هذا المنطلق، فإنه من المهم أن تتوافر في بلداننا مؤسسات للدراسات والبحوث تركز على الرأسمال البشري وتحديداً النساء والشباب من أجل بيانات ومعطيات تمكّن النخب الماسكة والمحركة للتغيير الاجتماعي توظيف الجنود الحقيقين للتغيير الاجتماعي المنشود.

فالشباب ميال للتغيير والتجديد والبناء والنساء معنيات بنسق ثقافي يمنحهن أدواراً مختلفة وأكثر تقدميّة ومكانة اجتماعية.

وكي يتحقق المنشود ورؤية عجلة التغيير الاجتماعي ومسار التحديث تدور، من الذكاء إشباع توقعات الشباب والنساء ليمثلوا دائماً المحرك القوي للتغيير الاجتماعي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النّساء والشباب جنود التغيير الاجتماعي النّساء والشباب جنود التغيير الاجتماعي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا

GMT 13:24 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

''فريد غنام'' يطرح فيديو كليب ''الزين الزين''

GMT 20:55 2022 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جوجل تطمح لتقديم خدماتها بألف لغة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib