نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها

المغرب اليوم -

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

لا أظنُّ أن قدرنا الدوران في الحلقة المفرغة لعقود طويلة دون أن ندرك أنه لا بد من تحديد المنطلقات من جديد. نحن الآن في لحظة من الصراع في الشرق الأوسط مكشوفة إلى حد ما. لحظة يمكن قرأتها بيسر لأنها أسفرت عن نتائج وصارت من الواقع.

لن ندخل في تعقيدات الآيديولوجيات والغنائم ودورها في تشكيل بوصلة الصراع وتحويل مسارات أشرعة السفينة. فالدخول إلى هذا المجال معقد جداً وجربناه طويلاً ورأينا كيف أنه لا يمكننا إلا الدوران في الحلقة المفرغة، حيث العامل الديني والمذهبي يفعل فعله في الصراع بشكل قوي وبالحدة نفسها، والشيء نفسه فيما يخص دور المصالح وأصحابها في تحويل وجهة الأشرعة عندما تتهدد هذه المصالح.

إذن، نحن في أشبه ما يكون بفوضى المصالح وفوضى المحركات التي تصيغ الحدث والواقع والموقف.

على امتداد العقود الماضية كانت عوامل العقيدة والمذهب والمصلحة تحدد عملية الدوران في الحلقة المفرغة. الظاهر أننا بلغنا نقطة لم يعد فيها للدوران في الحلقة المفرغة أي معنى؛ لأننا في لحظة انكشفت فيها أسرار عدة، وباتت أجزاء من حقائق الصراع العربي - الإسرائيلي والإيراني - الإسرائيلي مكشوفة كما لم تكن من قبل.

لذلك؛ فإن اللحظة ومخرجاتها من المهم أن تأخذنا إلى درس القوة وأسبابها. وهو درس ليس الأول من نوعه وما فتئ يتكرر، لكن لم نعمل به وآن الأوان لتعلم الدرس وتطبيقه.

إن فهم درس القوة وأسبابها من الأهمية بشكل يجعل نظرتنا وتصورنا للأشياء يتغيران وينصهران ضمن جوهر درس القوة. لن نستطيع الانتصار في أي معركة أو حرب إلا إذا امتلكنا القوة وأسبابها. لا يكفي أن نكون أصحاب حق دون امتلاك القوة. طبعاً القوي لا يؤخذ منه حقه. لكن استرجاع الحق يشترط امتلاك القوة. وكأن حدث استرجاع الحق هو في حد ذاته سببٌ للعمل والنضال من أجل امتلاك القوة. بل إن النضال من أجل استرجاع الحق مهما كان أرضاً أو مجداً أو شرفاً أو مالاً يستلزم نضالاً قبله لا يقل قيمة ولا صعوبة، وهو النضال من أجل التحول إلى أقوياء يُحسب لهم حسابٌ، وفي ضوء قوتهم ومدى امتلاك أسباب القوة تتشكل المصالح والمواقف.

من هذا المنطلق، فإن الحل الحقيقي هو في النضال من أجل أوطان عربية مستقرة وناجحة تنموياً ومنضوية ضمن تكتلات اقتصادية مغاربية وعربية ومنفتحة على العالم. أوطان تستثمر في شعوبها من خلال عقولهم وصحتهم. من المهم الرهان على التقوية عربياً - عربياً والاستثمار في المشترك وامتلاك شجاعة تجاوز الخلافات التي لا تزيد الأوطان العربية إلا ضعفاً وانشقاقاً وتشرذماً. وما سيجمعنا كثير جداً. امتلاك القوة يبدأ عندما نعرف مصلحتنا بصفتنا أوطاناً عربية قادرة على التكتل والتكامل اقتصادياً وضم الخبرات والذكاء المتعدد من أجل خير المجتمعات العربية.

نحن الآن في الجولة الأخيرة من معركة الوجود. لنذهب بعيداً في الشجاعة: شجاعة الإقبال على الديمقراطية ودوران النخب من أجل عجلة تنمية تدور وتدور بنسق تصاعدي. شجاعة تكاتف أجهزة دولنا مع القطاعات الخاصة والمجموعات المدنية لإيجاد حلول أكثر للفقر والبطالة والأمية ولأصحاب الاحتياجات الخاصة والمهمشين... نحتاج إلى أوطان يحلو فيها العيش اقتصادياً ويعمل فيها الجميع ويستطيع فيها كل مواطن أن يحفظ كرامته ولا يجوع ويحلم ويحقق حلمه. هكذا يتعزز الشعور بالانتماء. وهكذا تبنى الأوطان. هناك حق أيضاً من حقوق الإنسان تناساه الميثاق العالمي لحقوق الإنسان: إنه الحق في الانتماء إلى وطن قوي. ومجال القوة المقصود هو القوة الاقتصادية؛ لأن المجتمعات العربية والإسلامية تمتلك القوة الديموغرافية وقوة الثقافة والحضارة، لكن لم نتأقلم بعد وكما يجب على امتلاك القوة بالمعنى المادي، رغم أننا في حقب تاريخية من حضارتنا سبق وأن امتلكنا القوة وأسبابها.

لذلك؛ فإن الوثوق في فكرة أن الحل ليس فردياً والقوة المادية الاقتصادية ليست فردية من الأفكار الخلاقة والمهمة جداً لغرس ثقافة جديدة تركز على التكامل التنموي الاقتصادي والقفز على كل ما يمكن أن يفرّق؛ لأن في ذلك حرصاً على النجاة الحقيقية التي لا تكون إلا بامتلاك القوة وأسبابها. فالنضال من أجل امتلاك القوة وأسبابها لا غنى عنه كي يكون الانتصار حليفنا في استرجاع كل الحقوق، وبأقل الخسائر وبأقل ما يمكن من الأرواح والدماء، وربما لن تسقط قطرة دم عربية، باعتبار أن الأوطان القوية قليلاً ما يؤخذ حقها وما يسفك دم مواطنيها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها نضاليّة امتلاك القوة وأسبابها



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib