الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»
أخر الأخبار

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

المغرب اليوم -

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

«الأوركسترا» فنٌ إنسانيٌ راقٍ يقوم به عشرات ومئات العازفين على الآلات الموسيقية بأنواعها المتعددة، وهي تستوجب تنظيماً عالياً وانضباطاً دقيقاً يضمن أن تخرج في أبهى الصور، ويقودها «مايسترو» يتحكم فيها جميعاً بوعيه ورؤيته وقراره، وقد أصبح وجودها في دول العالم المتقدمة دليل فخامةٍ ورقي.

للسعودية تاريخ قديمٌ مع التنمية في الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، ثم توسع ذلك في الدولة السعودية الثالثة بخطط تنموية ومشروعات كبيرةٍ امتدت عقوداً من الزمن، لكن ما يجري بالسعودية في العقد الأخير من الزمان شيءٌ مذهلٌ وغير مسبوقٍ، لقد تحولت السعودية إلى أوركسترا تنموية كبرى؛ إن في حجم المنجز أو سرعته أو فرادته، وكيف أن القفزات الحضارية بدأت تتحقق واحدةً تلو الأخرى في شتى المجالات.

تحت رعاية وتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يقود هذه الأوركسترا التنموية السعودية ولي عهده الأمين ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي هو «مايسترو» هذه الأوركسترا الكبرى، ومن أراد أن يعرف حجم هذه الأوركسترا فليس عليه إلا أن يفتح خريطة العالم ليجدها دولةً بمساحة قارةٍ ممتدةٍ في شبه الجزيرة العربية، ومن أراد أن يعرف واقعها ومستقبلها فليس عليه إلا أن يقرأ «رؤية السعودية 2030» التي شيدها وبناها الأمير، وهو يشرف على تنفيذها ليلاً ونهاراً.

الألحان التي تصدح بها هذه الأوركسترا أطربت العالم بمشروعات تنمويةٍ كبرى شملت كل مناطق المملكة، وإنجازاتٍ حضارية مذهلةٍ تتوالى تباعاً دون توقفٍ، في كل مجالٍ وبتناغمٍ وتكاملٍ أشادت بهما دول العالم ومؤسساته المستقلة، كلٌ في تخصصه، سياسةً واقتصاداً، ثقافةً وفنوناً، بناءً وتنميةً، اتصالاتٍ ومواصلاتٍ، وكل هذا يجري دون استراحةٍ ولا توقفٍ.

هل هناك دول متقدمةٌ أكثر من السعودية؟ نعم وبالتأكيد، ولكن الحديث هنا ليس عن دولٍ أمضت قروناً في بناء هذا التقدم، وإنما عن سرعة الإنجاز للحاق بالركب الحضاري المتقدم عبر رؤيةٍ واضحةٍ ومعلنةٍ، تتطور وتتجدد، وعبر وحدة قرارٍ وقوة متابعةٍ وصرامة محاسبة، وعبر مرونةٍ في المراجعة والتطوير المستمرين.

القارئ المطلع على التاريخ يعلم أن سهولة المواصلات كانت من أسس انتقال الحضارات في تاريخ البشرية، فالإنسان يستفيد بطبعه وفطرته مما يرى ويسمع عند السفر والانتقال وتزداد هذه الاستفادة بالمخالطة والتجربة، والمواصلات في انتقال الخبرات بين الحضارات مثل الترجمة في انتقال الأفكار بين الثقافات.

كان «طريق الحرير» قديماً أحد أهم الشواهد التاريخية على أهمية طرق التجارة وكونها ممراً طبيعياً لانتقال الحضارات، وهو ما يجعل دول العالم تتنافس اليوم في الربط بين القارات عبر مشروع الصين الكبير «الحزام والطريق»، ومشروع الربط بين الهند وشبه الجزيرة العربية وأوروبا، وهو ما أكد على رؤية السعودية 2030 من وعيٍ بقيمة موقعها الجيوسياسي عبر «الربط بين القارات الثلاث» آسيا وأفريقيا وأوروبا.

أكد الشعر العربي القديم أهمية السفر وفوائده، وكامتداد طبيعي تغنى الشعر الشعبي في جزيرة العرب بالمبدأ نفسه، وتراثياً أكد الفقهاء أهمية «الرحلة في طلب العلم»، وأثنى العلماء من كل ثقافةٍ على الفكرة ذاتها، لأن تغير الظروف المحيطة بالفرد يمنح عقله حريةً وأسئلةً وتجارب لا تلبث أن تنير له السبيل.

قبل أكثر من خمسة عشر عاماً كنت أزور المتحف البريطاني مع الصديق والمؤلف البارع رشيد الخيّون، ووجدنا جدارية كبيرة من العصر الآشوري في العراق عبارة عن عربة بعجلات تجرّها الخيول، وكان السؤال الذي قفز للذهن حينها هو: كيف لم يرَ المسلمون الأوائل مثل هذه في العراق؟ فإن رأوها ولم يستفيدوا منها، فما السبب؟ لأن المفترض أن يكونوا قد اتبعوا سبيل بقية الأمم في انتقال الخبرات بين الحضارات.

يوم الأربعاء الماضي، افتتح الملك سلمان مترو الرياض، هذا المشروع الأضخم في المنطقة، وكان المشروع برمته انطلق ابتداء من رؤيته عندما كان أميراً للرياض ورئيساً للهيئة العليا لتطويرها، وقد رفع المشروع فكرةً مكتملةً حينها، وتابع خطوات تطور المشروع عبر مناصبه المتعددة ومهامه الجسام، أميراً فوزيراً فملكاً، حتى استوى المشروع على سوقه واكتمل بناؤه فافتتحه بنفسه، ليجني ثمار ما غرس خدمةً لعاصمة البلاد التي كان أميرها لخمسين عاماً.

أخيراً، فالسعودية تقدم نموذجاً للمنطقة وللعالم في أن الاستقرار والرؤية والقرار تمكّن الدول من تحقيق المستحيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض» الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»



GMT 15:13 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

وثائق وحقائق

GMT 15:11 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

متى يصمت المحللون والمعلقون؟!

GMT 15:10 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

جنازة جوتا و«إللّي اختشوا ماتوا»

GMT 15:08 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

عن السلم والإذلال والمسؤوليّة الذاتيّة

GMT 15:05 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

قسمةُ ملايين

GMT 15:03 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

جهة أخرى يعلمها الله!

GMT 15:02 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

إعلان إفلاس

GMT 00:41 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

أمل جديد لعلاج الجروح دون تندّب
المغرب اليوم - أمل جديد لعلاج الجروح دون تندّب

GMT 06:27 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

المواصفات الكاملة لهاتف LG الجديد Stylo 4

GMT 09:43 2014 السبت ,10 أيار / مايو

أفكار لألوان المطبخ تخلق مناخًا إيجابيًا

GMT 06:03 2017 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

وفاة طفل في مشفى ورزازات متأثرًا بسم عقرب

GMT 06:43 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

في ذكرى انطلاق حركة 20 فبراير

GMT 01:58 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

انتخاب الحبيب المالكي رئيسًا للبرلمان المغربي

GMT 14:03 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

فيلم "ملافسينت" لأنجيلينا جولي يحقق 480 مليون دولار

GMT 18:33 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

العناية بالشعر الجاف و الهايش فى الصيف

GMT 02:59 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

سيرين عبدالنور تكشف عن دورها في "الهيبة - الحصاد"

GMT 21:36 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

وفاة 7 أشخاص في حادث إنقلاب سيارة في إقليم ورزازات

GMT 20:59 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

نفوق حيوان بحري من نوع الحوت الأحدب في شاطئ القحمة

GMT 09:47 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

عارضة الأزياء جيجي حديد في إطلالات مثيرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib