خديعة «التحليل السياسي»

خديعة «التحليل السياسي»

المغرب اليوم -

خديعة «التحليل السياسي»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

خليقة الإنسان لا تخفى، وهو عائدٌ يوماً لشيمته وإن تخلق أخلاقاً إلى حينٍ، وفي موضوع السياسة والتحليل السياسي تدفق المحللون من كل حدبٍ وصوبٍ، فالقنوات الإخبارية تفتش عن أي اسمٍ يغطي ساعتها وفقراتها، و«السوشيال ميديا» انفجرت بالخبراء والمحللين في كل مجالٍ، ومن ذلك مجال التحليل السياسي، بلا زمامٍ ولا خطام.

كان محمد حسنين هيكل أحد أكبر الأسماء في الصحافة العربية، وهو كان شخصاً واسع الاطلاع ومقرباً من عبد الناصر وكان منظماً في كتاباته والوثائق التي يحتفظ بها مع ذاكرةٍ حاضرةٍ، ولكنه كان غير أمينٍ في رواية التاريخ أو النقل عن الأشخاص الذين يلتقي بهم، وخصوصاً حين يكون لديه موقفٌ معارضٌ للشخص أو للدولة التي يكتب عنه أو عنها.

مواقفه من دول الخليج العربي لا تُنسى، حيث الاجتزاء والروايات المغرضة، وهو صنع الأمر ذاته تجاه أنور السادات بعد اغتياله في كتابه «خريف الغضب»، وقد بدأ بعض المثقفين المصريين يكتشفون ألاعيبه وتقلباته ويكتبون في ذلك ويتحدثون في البرامج عن التفاصيل بينما كان غالب مثقفي الخليج - غير المؤدلجين - يعرفونه جيداً من قبل.

وحين انحسر مدّ الناصرية وجاء المدّ الصحوي الإسلاموي نهاية الستينيات الميلادية أخرجوا محللين وكتاباً يتناولون السياسة ويحللونها وفق مبادئ دينية لا علاقة لها بالسياسة، ولكنهم تلاميذ مدرسة سيد قطب التي كانت ترى أن الإسلام هو السياسة وأن السياسة هي الإسلام، وخطابه التكفيري أصبح مفضوحاً، بينما أراد هؤلاء تمييز أنفسهم عنه بطروحات تبدو أكثر تخصصاً، ولكنها تصدر من نفس النبع، من أمثال كتاب معروفين أكثر تطرفاً وبعداً عن العقل والمنطق مثل كتابات محمد سرور زين العابدين السياسية وغيرهما كثير.

بعد هؤلاء، خرج عبد الله النفيسي من الكويت، يقتفي أثر هيكل، ولكنه يختلف عنه في أمرين: أن النفيسي أضيق ثقافة ومعرفة من هيكل بكثيرٍ، وفي عدم الحرص على تغطية انحيازه الآيديولوجي لجماعات الإسلام السياسي.

وقفت بريطانيا داعمةً لحسن البنا وجماعته منذ تأسيسها، وبعدما رفض الملك عبد العزيز إنشاء فرعٍ للجماعة في السعودية أخذت صحيفة «الإخوان المسلمين» تتهجم على سياسات السعودية تحت أسماء مستعارةٍ، وقد نقل موقف الملك عبد العزيز الأستاذ فؤاد شاكر في كتابه «الملك عبد العزيز... سيرة لا تاريخ»؛ حيث قال: «كانت مواسم الحج تحفل بعلية القوم، من كبراء المسلمين وزعمائهم، وكان الشيخ حسن البنا من شهود أحد هاتيك المواسم، فتقرب من الملك عبد العزيز وقال لجلالته، ما معناه، إن هذا بلد إسلامي هو عاصمة الإسلام، ونحن مسلمون وإخوان، وأريد أن تسمح لي بإنشاء شعبة لـ(الإخوان المسلمين) في هذا البلد الأمين... لقد أجابه (عبد العزيز) في ابتسامة مشرقة، وفي حزمٍ قويٍّ، جواباً مسكتاً لا ردّ له ولا تعقيب عليه، قال له: يا أخي، لماذا ننشئ في بلادنا تحزباً وعصبيةً، والحقيقة أننا كلنا مسلمون وكلنا إخوان».

خسر البنا في تهجمه على السعودية، وخسر هيكل باتباعه لسياسة عبد الناصر في الهجوم على السعودية، وأظهرت الوثائق والتسريبات مؤخراً أنه كان مخطئاً في كل سياساته وأنه عاد وتصالح مع الملك فيصل بن عبد العزيز بعد هزيمته النكراء من إسرائيل.

هيكل وتلامذته، وتبعتهم شخصياتٌ يساريةٌ وقوميةٌ وبعثيةٌ في الهجوم على السعودية، وتلاه شخصياتٌ إسلامويةٌ احترفت المسار نفسه، في حرب أفغانستان وفي مرحلة «تصدير الثورة» في إيران، وفي حرب الخليج الثانية، وذهبت كل هذه الأسماء وبقيت السعودية رمزاً للاستقرار والأمان والحكمة.

امتداداً لهذا السياق خرج مواطنٌ خليجيٌّ قبل أسبوعٍ يتهجم بسفاهةٍ على السعودية، ولا يقيم وزناً لمقدسات المسلمين، وهو تابعٌ لبعض رموز الدبلوماسية الذين كانوا معروفين بتخريب قمم مجلس التعاون الخليجي والقمم العربية، وسبق له التآمر ضد دول الخليج في خيمة القذافي، ولكن المواطن الخليجي ذهب بعيداً في محاولة اقتفاء من قبله، بلغة مستهترةٍ وإيهامٍ بالتماسك الفكري، وعند التمحيص فهو لا يملك معلوماتٍ حقيقية وفكره مليء بقراءة السياسة بشكلٍ مخجلٍ، ولكنه ليس قليل الوقاحة.

أخيراً، فمنذ لحظة ما كان يُعرف بالربيع العربي، أبرز الإعلام العربي بهلواناتٍ في التحليل السياسي يتقافزون في الصحف والقنوات ووسائل التواصل الاجتماعي، يراكمون الجهل لدى المتلقي ويكذبون جهاراً نهاراً ويحاولون تغيير معاني اللغة في النصر والهزيمة، ويتقلبون في مواقفهم بسرعةٍ عجيبةٍ، ولو تفرغت جهةٌ خيريةٌ عربيةٌ ما لتقصي مثل هذه الكتابات والمواقف والآراء والتحليلات، بأسماء كتابها وتواريخ النشر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خديعة «التحليل السياسي» خديعة «التحليل السياسي»



GMT 18:30 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

وادي الكنوز

GMT 18:28 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يومٌ مصريٌ للتاريخ

GMT 18:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتغيّر إيران الآيديولوجيّة آيديولوجيّاً؟

GMT 18:16 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

انكسار «الطائفية» وتجدد «الأصولية»

GMT 18:14 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الغد كان أفضل

GMT 17:58 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ولا يبقى الوضع كما هو عليه!

GMT 17:54 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الميثاق الإعلامي العربي الحلم المستحيل!!

GMT 17:50 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نغمة تنال من المتحف

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - إيلون ماسك يطلق ميزة جديدة في غروك لتحليل منشورات منصة إكس

GMT 09:09 2016 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

7 فنانين مصريين أكدوا نظرية "الموهبة ليست لها وقت أو سن"

GMT 01:07 2017 الخميس ,23 شباط / فبراير

خالد عبد الغفار يشدّد على تحسين "البحث العلمي"

GMT 16:42 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

إصابة مدير سباق فرنسا الدولي للدراجات بكورونا

GMT 15:00 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

محمد باعيو يكلف الجيش الملكي 100 ألف دولار

GMT 21:04 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 11:17 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

أبرز صيحات موضة 2019 بأسلوب كارلا حداد

GMT 22:17 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أبرز مواصفات سيارة "Vitara" المعدلة

GMT 09:00 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

أبرز عروض الأزياء بأسبوع الموضة في باريس

GMT 15:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

مواجهة حامية بين "يوفنتوس" و"أتالانتا" لخطف بطاقة التأهل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib