حديث الصيف أيام العرب في الجاهلية

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

المغرب اليوم -

حديث الصيف أيام العرب في الجاهلية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

كتاب «أيام العرب في الجاهلية» كتابٌ مهمٌ في السياق التراثي العربي، وهو معنيٌ برصد تلك الأيام الكبرى التي جرت للعرب، عشائر وأحداثاً، معارك وحروباً، رموزاً وقادةً، وهو كتابٌ نادرٌ لأبي عبيدة معمر بن المثنى، صدر من إعداد د. راشد بن عساكر، عن نسخةٍ مخطوطةٍ بيد المؤرخ النجدي الكبير إبراهيم بن عيسى.

آثر معدّها للنشر، بحكم تخصصه، أن ينشرها «مصورةً» على المخطوط كي يستطيع القارئ قراءتها بخط ناسخها الشيخ إبراهيم بن عيسى، وهي طريقةٌ جديدةٌ فيما أعرف لم تشتهر كثيراً بين الناشرين، والكتاب صادر عن دار «جداول» المرموقة.

أيام العرب في الجاهلية كموضوعٍ لا كتاب هي أيامٌ شهيرةٌ، نقلت أكثرها كتب التاريخ القديمة، وكتب الأدب العتيقة، نثراً وشعراً، سيرةً وأحاديث، تاريخاً ووقائع، وأي قارئ للأدب العربي لا بد أن يقف عند قول ابن خلدون في المقدمة: «وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم، أن أصول هذا الفن، وأركانه، أربعة دواوين، وهي (أدب الكتاب) لابن قتيبة، وكتاب (الكامل) للمبرّد، وكتاب (البيان والتبيين) للجاحظ، وكتاب (الأمالي) لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى هذه الأربعة، فتبعٌ لها، وفروع عنها».والمخطوطة أعلاه مخطوطةٌ نجديةٌ نادرةٌ، نجت في ظل ظروفٍ تاريخيةٍ وسياسيةٍ وبيئيةٍ، من الإحراق والإتلاف، ومن عوامل البيئة القاسية التي قضت على كثيرٍ من شبيهاتها، وكذلك في ظل الإصرار على الإغلاق الممنهج للمخطوطات لدى بعض المؤسسات المعنية بها، بحيث ظل كثير منها محفوظاً لا منشوراً، فظلّ بعيداً عن أيدي الباحثين والدارسين، تحت ذرائع شتى، بعضها تاريخي وبعضها اجتماعيٌ تجاوزه الزمن، ولهذا ومع «رؤية 2030» اتخذت بعض المؤسسات سياسات تنويرية وعلمية تتيح كثيراً مما لديها للباحثين والمهتمين، وبشكل عمليٍ وتقني حديثٍ، وأوضح الأمثلة على ذلك السياسة المعلنة الجديدة لـ«دارة الملك عبد العزيز».

عانى الباحثون والمؤرخون النجديون طويلاً من غياب الوثائق ورفض إتاحتها للباحثين، وقد منح ذلك تميزاً لبعض المؤرخين المحليين بحكم حجم الوثائق التي يمتلكونها، إما بالشراء المباشر القديم والاكتناز وإما بالاستحواذ، وهي قصة تاريخية جديرةٌ بالبحث والتحقيق.

هذه المعاناة استمرت طويلاً، بحيث اضطر بعض المؤرخين للهاث عقوداً من الزمن خلف تلك الوثائق أو ما يشابهها أو يعاصرها في الأرشيفات الأجنبية، في تركيا، وبريطانيا، وفرنسا، وأميركا، وقد أخرج عدد منهم كتباً مهمةً بناء على قراءة تلك الوثائق والاطلاع على شواردها ونوادرها ومقارنتها بالمنشور والمعلن، ومن ذلك بعض الكتب المهمة التي صدرت عن بعض الأحداث أو الشخصيات اعتماداً على بعض تلك المصادر.

لا ينسى التاريخ ولا تخطئ العين كتاباً جليلاً صدر قبل أكثر من ربع قرنٍ، وتحديداً في 1999 وهو كتاب «الملك عبد العزيز: سيرته وفترة حكمه في الوثائق الأجنبية» صادرٌ عن «دار الدائرة للنشر والتوثيق» بتمويلٍ ورعايةٍ من الأمير الكبير الراحل سلطان بن عبد العزيز، وكان هذا الكتاب مشروعاً عظيماً يرأسه الدكتور سعد الصويان الذي قاد فيه لجاناً متعددةً ومتخصصين كثراً، وهم رجالات دولةٍ من الطراز الرفيع مثل: إبراهيم العنقري، وعبد العزيز الخويطر، وعبد الله الشبل، ومطلب النفيسة، وعبد المحسن آل الشيخ، ومحمد الشعفي.هذا مع جهد جماعةٍ من المؤرخين المعتبرين الذين راجعوا كل حرفٍ تقريباً، وقد رُسمت للمشروع خطة عملٍ واعيةٍ بأهمية تأسيس الأرشيفات واقتناء الوثائق، والاعتراف بأن هذا المشروع إنما يقدم «ملخصاتٍ» للوثائق الأصلية لا الوثائق نفسها، مع دليلٍ ميسرٍ للوصول إليها، وحين تقرأ في المقدمة، حجم المشروع ومساحته والجهد الذي يتطلبه، تعجب من سعة المشروع وطموحه، وحين تقرأ عن المنهج المحكم والتفصيلي الذي لا يترك شاردةً ولا واردةً دون أن يعتني بها، إن في الجمع أو التدقيق أو التواصل، تعلم حقاً أنك أمام منجزٍ تاريخيٍ حقيقيٍ للدولة للسعودية جديرٌ بها أن تكون فخورةً به على المدى الطويل.

كانت ثمة مشكلةٌ تاريخيةٌ لها ظروفها، وهي أن هذا الكتاب التاريخي العظيم، كتاب «الملك عبد العزيز: سيرته وفترة حكمه في الوثائق الأجنبية»، لم يجد طريقه للنشر والتسويق، ولا للبيع والانتشار واستفادة الباحثين، فظل أكثر من ربع قرنٍ من الزمان رهن المستودعات المظلمة، التي تقتل قوة المعلومة وقوة امتلاك الوثائق وحيازة تأويل التاريخ، وهو الكتاب الذي قدر له حديثاً أن يباع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويتهافت عليه الباحثون طمعاً في رؤيةٍ أفضل وتعامل أدق مع تاريخنا وتراثنا ومواقف المؤسس العظيم.

أخيراً، فالتاريخ ومعرفته وإتقانه بشكل علميٍ يشكل قوةً معنويةً وسياسيةً لأي دولةٍ أو مجتمعٍ، يقوي مركزها ويزيد مكانتها، فالعناية به مهمةٌ، والنتائج منها جليلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث الصيف أيام العرب في الجاهلية حديث الصيف أيام العرب في الجاهلية



GMT 23:56 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

ما كان لازم

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

هل يمكن تجديد العقل المُنتهي؟

GMT 23:54 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

المرأة والكرة... نتنياهو والدولة

GMT 23:53 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

مبادرة عربية أخرى!

GMT 23:51 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الدولة الفلسطينية و«القنبلة النووية» الفرنسية

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الحَوَل سياسي أيضًا

GMT 23:47 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الوطنية والمعارضة وما بينهما

إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:18 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة بايرن ميونخ في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:13 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

بوروسيا دورتموند يعلن تعاقده مع جوبي بيلينجهام

GMT 03:07 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة أتلتيكو مدريد في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

رد حاسم من ممثلي تير شتيجن حول مستقبله مع برشلونة

GMT 15:07 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

فائدة غير متوقعة لـ"3 قطع شكولاتة شهريا"

GMT 13:07 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار النفط والأمل معقود على الصين

GMT 19:38 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إعفاء الكاتب العام لرئاسة الحكومة المغربية من منصبه
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib