تركيا ماذا كان الأب ليقول
ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 57 ألف شهيد والأمم المتحدة تحذر من انهيار غذائي شامل إرتفاع عدد ضحايا فيضانات تكساس إلى 82 شخصا واستمرار عمليات البحث والإنقاذ إنتحار وزير النقل الروسي رومان ستاروفويت بعد ساعات فقط من إقالته بقرار من الرئيس فلاديمير بوتين. الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عمليات واسعة في غزة وتدمير مواقع لحركة حماس شمالاً وجنوباً مقتل أربعة أشخاص وإصابة 36 آخرين في هجمات روسية متفرقة على أوكرانيا إلغاء عشرات الرحلات الجوية من وإلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان ضخم في البلاد حركة حماس تصر على تعديلات الاتفاق والمفاوضات مع إسرائيل بلا تقدم في الدوحة انتشار مفاجئ لأعراض هضمية يثير القلق ومخاوف من موجة فيروسية جديدة ضواحي الناظور الحوثيون يعلنون استهداف مطارات وموانئ إسرائيلية ويؤكدون استمرار دعم غزة إرتفاع عدد قتلى الجيش التركي في العراق إلى اثني عشر جندياً بسبب استنشاق غاز الميثان أثناء مهمة عسكرية
أخر الأخبار

تركيا: ماذا كان الأب ليقول؟

المغرب اليوم -

تركيا ماذا كان الأب ليقول

أمير طاهري
بقلم : أمير طاهري

الأحد القادم، يتوجَّه الناخبون الأتراك إلى مقرات الاقتراع لانتخاب رئيسهم، في الوقت الذي تعكف قوة عمل خاصة على الإعداد للاحتفالات بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1923. والسؤال: كيف كان سيرى الرجل الذي أسس الجمهورية تركيا اليوم؟

الرجل المشار إليه هنا مصطفى كمال باشا، والمعروف بأتاتورك (أي «أبو الأتراك»)، القائد العسكري صاحب الشخصية الكاريزمية الذي حوّل أطلال الإمبراطورية العثمانية إلى دولة قومية تطمح إلى تحديث نفسها. للوهلة الأولى، سيشعر أتاتورك بالفخر تجاه ما حققه، خصوصاً أن الجمهورية التي أنشأها هي الأقدم على مستوى العالم المسلم، ومن القلائل التي تأسست على أيدي رجال أقوياء خارج الغرب خلال عشرينات القرن الماضي ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا. الأهم من ذلك، أن أتاتورك يبقى الشخصية الأيقونية الوحيدة التي لا تزال تحظى بالتوقير حتى الآن، من أبناء مختلف الأطياف السياسية.

ومع ذلك، ربما كان الأب المؤسس لتركيا ليجد أن أحفاده قد انحرفوا عن المسار الذي رسمه لهم. المعروف أن جمهورية أتاتورك جرى بناؤها حول جيش كان ينهض من حطام الحرب العالمية الأولى، ويطرح نفسه بوصفه حامي الدولة الجديدة والحكم الأخير داخل المشهد السياسي.

وربما يشعر أتاتورك بالدهشة كذلك من التغييرات الآيديولوجية الراديكالية التي ضربت جيشه وجمهوريته على مدار ربع القرن الأخير. لقد حاولت الأتاتوركية إعادة اختراع هوية تركيا بوصفها دولة حديثة لها جذور حيثية وسلتيكية، في محاولة لإقصائها عن «الشرق المتداعي»، وعلى أمل استعادة مكانتها الصحيحة داخل أسرة الأمم الأوروبية.

وحاول أتاتورك صياغة الهوية الجديدة من خلال التخلي عن الأبجدية العربية، والاستعاضة عنها بنسخة معدلة من الأبجدية اللاتينية، وتطهير التركية من الكلمات العربية والفارسية المقترضة لصالح كلمات مستقاة من لغات أوروبية، أبرزها الفرنسية.

الأهم من ذلك، أقر أتاتورك فكرة العلمانية، مستخدماً المصطلح الفرنسي «لايسيتيه»، لإنهاء قرون من خلط الدين بالسياسة في ظل حكم الخلفاء العثمانيين.

وتحت شعار «أمة واحدة وعلم واحد»، انصهرت مجموعة متنوعة من الهويات، من أرمن ويونانيين إلى عرب وأكراد، في هوية تركية واحدة تسع الجميع، مع رفضٍ في الوقت ذاته للانحرافات الشوفينية، مثل القومية التركية المتطرفة.

وبفضل سلسلة من الإصلاحات القوية التي نفّذها الرئيس رجب طيب إردوغان، أصبح الجيش اليوم بمثابة مراقب «صامت» للشأن السياسي التركي.

إلى جانب ذلك، تعرضت الهوية الجديدة التي حاول أتاتورك خلقها للتغيير بسبب إصلاحات إردوغان. وقد حاول إردوغان إعادة ضخ جرعة كبيرة من الأفكار الإسلامية على غرار ما تعتنقه جماعة الإخوان المسلمين، داخل الهوية التركية. وفي الوقت ذاته، شجع إردوغان على التعبير عن الهويات الفرعية، من أجل تبرير ترويجه للإسلام التركي بوصفه المظلة الكبرى التي يمكن لجميع الأتراك أن يجتمعوا تحتها في ظل علم واحد. وبذلك تمكن الأكراد، الذين يشكّلون قرابة 15% من إجمالي السكان، من التخلي عن الهوية التي فرضها عليهم أتاتورك بوصفهم «أتراك الجبال»، وادّعوا دوراً أكبر في الشأن السياسي والثقافي التركي باسمهم.

أما العلمانية التركية، فقد انقلب حالها. عام 1923، كانت الدولة من يسيطر على المسجد من خلال وزارة الشؤون الدينية. اليوم، يبهت في بعض الأحيان الخط الفاصل بين الدولة والمسجد.

وفيما يتعلق بالانضمام إلى أوروبا، تتحرك تركيا اليوم بعيداً عن ضمان مكان لها داخل أسرة الأمم الأوروبية أكثر من أي وقت مضى. حتى في ظل حكم العثمانيين، نظرت تركيا إلى نفسها بوصفها قوة أوروبية، حتى وإن كانت وحيدة بصفتها «رجل أوروبا المريض». حتى أتاتورك نفسه، قد يشعر بالصدمة إزاء عودة التيارات القومية التركية صاحبة الخطاب الشوفيني التي كان يرفضها بشدة.

وأخيراً، المؤكد أن أتاتورك لم يكن ليسعد بمدى تفشي الفساد عبر قطاعات واسعة من الحياة العامة التركية. ربما يجد أتاتورك أن الأسلوب السلطوي في الحكم لا يزال قائماً دونما تغيير، لكن يجري استغلاله اليوم لخدمة مصالح دوائر نخبوية ذات نفوذ تضيق باستمرار. وفي محاكاة للنظام البريطاني القائم على حزبين، أسس أتاتورك حزبين: حزب «الشعب الجمهوري»، لتوفير خيار اشتراكي ـ ديمقراطي مبهم، وحزب «العدالة» بوصفه صوتاً محافظاً بصبغة إسلامية خفيفة. واندمج الحزبان في ائتلافات واسعة تضم مجموعات مصالح متنوعة تسعى لإيجاد مكان لها على الطاولة السياسية.

السؤال: هل كان أتاتورك ليندهش إذا فاز إردوغان الأحد القادم؟ لا أعتقد ذلك، خصوصاً أن إردوغان يحظى بقاعدة تأييد صلبة تشكل قرابة 30% من الناخبين، وتمكّن من اجتذاب أو تقديم مساعدة لمجموعات أخرى من الناخبين كي يصوّتوا لصالحه.

ومنذ محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016، عمل إردوغان على ضمان فرض هيمنته على الساحة السياسية التركية، من خلال القضاء على أكبر عدد ممكن من قواعد المعارضة المحتملة.

في هذا الإطار، قوّض إردوغان القيادات الكبرى في صفوف الضباط العسكريين، وفكَّك شبكة غولن للأندية والشركات الإسلامية، وطرد 2745 قاضياً ومدعياً عمومياً من الخدمة، وفرض التقاعد المبكر على 36000 معلم و1755 من رؤساء الجامعات وعمدائها.

الأهم من ذلك، أحكم إردوغان قبضة حزبه على وسائل الإعلام من خلال إغلاق 45 صحيفة يومية و25 صحيفة أسبوعية و23 محطة إذاعية و16 قناة تلفزيونية و29 دار نشر كتب، وألغى 50000 جواز سفر، ومنع حامليها من مغادرة البلاد.

جدير بالذكر أن أتاتورك تولى رئاسة الجمهورية التي أسسها طوال 15 عاماً، كانت خلالها تركيا واحدة من الدول القليلة التي نجت من تسونامي التضخم الذي عصف بأوروبا، وأدى إلى صعود موسوليني في إيطاليا، وانهيار جمهورية فايمار بألمانيا وصعود هتلر.

المؤكد أن «الأب» لن يكون راضياً بما يرى. ورغم ذلك يبقى عزاؤه الوحيد أنه بعد 100 عام، لا تزال غالبية الأتراك تنظر إليه بوصفه قوة تسهم في توحيد صفوف البلاد، في وقت تسعى النخب القيادية من مختلف الأطياف الآيديولوجية إلى تقسيمهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا ماذا كان الأب ليقول تركيا ماذا كان الأب ليقول



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي

GMT 12:37 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بوصوفة يشيد برونارد ويعتبر المدرب الأفضل بإفريقيا

GMT 05:08 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

"فورد" تطلق سيارتها الحديثة "موستانغ ماخ إي" الكهربائية

GMT 11:03 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة اسماعيل الحداد لا تدعو إلى القلق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib