سورية تنازع ونحن نتفرج

سورية تنازع ونحن نتفرج

المغرب اليوم -

سورية تنازع ونحن نتفرج

بقلم - جهاد الخازن

سورية مأساة دونها مآسي الإغريق، وكانت خرافات. لم أفكر أبداً في أن يُقتل نصف مليون سوري في حرب أهلية مستمرة، وأن يغادر خمسة ملايين مواطن واحداً من أجمل بلدان العالم بلادهم، وأن يُشرّد أكثر من ستة ملايين سوري داخل بلادهم.
في الأردن حوالى 700 ألف لاجئ سوري، وفي لبنان 1.2 مليون منهم، وفي أوروبا مليون آخر، وفي تركيا 2.7 مليون لاجئ في ظروف بالغة الصعوبة. مع هذا كله، الأمم المتحدة تقول إن أكثر من 13.5 مليون سوري في بلادهم في حاجة إلى مساعدات إنسانية.
«قلب العروبة النابض» توقف عن الخفقان، أو هو في غرفة العناية الفائقة، وقد يخرج منها إلى بلد تتقاسمه طوائف ودول، مصيره بأيدي غرباء لكل منهم مصلحة خاصة يتابعها.
النظام السوري، تساعده إيران وروسيا، أقوى من أي فريق معارضة يعمل على الأرض، و «الدولة الإسلامية» المزعومة هُزِمَت إلا أنها ترفض الاعتراف بالهزيمة. في غضون ذلك، تحاول القوات الحكومية السورية العودة إلى شمال البلاد والشمال الشرقي منها حيث الأكراد والبترول، فأقرأ عن خطط للسيطرة على الميادين والبوكمال حيث نصف بترول سورية.
لا أعتقد أن الأكراد سيقبلون ذلك، وهم في مركز قوي ويساعدهم أكراد العراق، مع أن أنشط فريق بينهم ولاؤه لحزب العمال الكردستاني الذي يمارس الإرهاب.
بعد ست سنوات من القتال بدأ بعض السوريين خارج بلادهم يفكر في العودة، وبعضهم عاد من تركيا ولبنان والأردن، بل من أوروبا أيضاً حيث لم يجد اللاجئون السوريون عملاً أو عوناً من المنظمات المحلية والدولية.
هناك اليوم سوريون يعودون إلى حلب، أو تحديداً إلى شرق حلب الذي دمرته الحرب. ماذا سيجدون هناك؟ الموت يتربص بهم وعصابات الحرب ستحاول سلبهم آخر ما في أيديهم.
القراءة شيء والحقيقة شيء آخر، فهناك أسود الشرقية وجيش مغاوير الثورة ولواء تحرير دير الزور. هذه الجماعات الثلاث لا تملك أكثر من ألفي مقاتل، وليست على اتفاق مع القوات الكردية الديموقراطية في سورية التي تملك ألوف المقاتلين مع تأييد خارجي قوي، ولا تريد دخول جماعات مسلحة الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد. وما يشجع هؤلاء على التشدد في موقفهم أن قبائل في المنطقة بدأت تعمل معهم أو تتعامل، ربما لأنها أدركت أن الأكراد أكبر قوة محلية في شمال سورية وشرقها.
في غضون ذلك، «يوتيوب» أزال ألوف الفيديوات من مواقعه الإلكترونية لأنها تصور الفظائع التي يتعرض لها السوريون. هذه الفيديوات مهمة إذا انتهت الحرب بمحاكمة مجرمي الحرب الذين شاركوا فيها، ومع ذلك أقرأ أن «يوتيوب» لا يريد مثل هذه المشاهد الفظيعة على الإنترنت.
هناك في شمال سورية الآن مخيمات موقتة للاجئين تضم أكثر من عشرة آلاف مواطن فروا من الأراضي التي كان يسيطر عليها «داعش». المخيمات لا توفر أمناً أو غوثاً، إلا أنها أفضل من الموت على أيدي الإرهابيين في الرقة وغيرها.
الغارات الأميركية نجحت في تدمير أكثر وجود «داعش» على الأرض. وقد ترك الرقة حوالى 200 ألف سوري، كما ترك دير الزور عشرات الألوف الآخرين. هؤلاء فروا من الموت ولكن لا أحد يستقبلهم أو يرحب بهم، وهم ينتظرون فرصة العودة من حيث فروا.
في غضون ذلك، النظام السوري يتصرف وكأنه انتصر وقد أعلن عن استضافة معرض تجاري دولي شاركت فيه 43 دولة. هل أحتاج أن أذكّر أحداً بأن قوى المعارضة في ريف دمشق استطاعت قصف المعرض؟
حتماً لا أريد هذا بل أدينه، وإنما أكتب عن سورية بدافع المحبة، فقد كنت دائماً أراها بلدي وما حلمت، أو راودني كابوس، أنها ستهبط إلى درك حرب أهلية بين مئة فريق وفريق كلٌ منها يدّعي أنه يمثّل سورية وهو يقتل السوريين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية تنازع ونحن نتفرج سورية تنازع ونحن نتفرج



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - إيلون ماسك يطلق ميزة جديدة في غروك لتحليل منشورات منصة إكس

GMT 09:09 2016 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

7 فنانين مصريين أكدوا نظرية "الموهبة ليست لها وقت أو سن"

GMT 01:07 2017 الخميس ,23 شباط / فبراير

خالد عبد الغفار يشدّد على تحسين "البحث العلمي"

GMT 16:42 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

إصابة مدير سباق فرنسا الدولي للدراجات بكورونا

GMT 15:00 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

محمد باعيو يكلف الجيش الملكي 100 ألف دولار

GMT 21:04 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 11:17 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

أبرز صيحات موضة 2019 بأسلوب كارلا حداد

GMT 22:17 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أبرز مواصفات سيارة "Vitara" المعدلة

GMT 09:00 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

أبرز عروض الأزياء بأسبوع الموضة في باريس

GMT 15:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

مواجهة حامية بين "يوفنتوس" و"أتالانتا" لخطف بطاقة التأهل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib