مخاطر مجتمع «ما بعد الحقيقة»

مخاطر مجتمع «ما بعد الحقيقة..»

المغرب اليوم -

مخاطر مجتمع «ما بعد الحقيقة»

بقلم : عبد الحميد الجماهري

أقتسم مع القراء الكرام افتتاحية لوموند ليوم أمس والتي تهم خطرا جديدا يهم الصحافيين والسياسيين ومسؤولي مقاولات الإعلام…

«اختار قاموس «أوكسفورد» المحترم جدا مقولة «ما بعد الحقيقة»، كلمة السنة…وهذا التعبير الذي يعني «مصطلحا له علاقة بالظروفالتي تصبح فيها الوقائع الموضوعية أقل تأثيرا على تشكل الرأي العام من استدعاء العواطف والمعتقدات الشخصية»، ليس تعبيرا جديدا.

فهو قد ظهر منذ اثنتي عشرة سنة تقريبا، غير أنه فرض نفسه في 2016 بفضل اقتراعين اثنين هزّا العالم وهما: استفتاء 23 يونيو حول الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) الذي قرر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي،ثم انتخاب دونالد ترامب الفائز في رئاسيات 8 نونبر.

وباعتبارها ظاهرة السنة الانتخابية،فإن المعلومة «ما بعد الحقيقة» تعنينا جميعا، ونحن في سنة تتميز بالعديد من الحملات الانتخابية المحددة، (…) فإن التحدي الذي يمثله العهد الإعلامي ما بعد الحقيقة هام للغاية.

إن تعميم المعيار ما بعد الحقيقة، يهمنا جميعا، وأولنا الصحافيون والعاملون في مجال الإعلام، سواء كانوا أوربيين أو أمريكيين أو أفارقة أو آسيويين، لأن هذا المعيار قلب رأسا على عقب المحيط الذي نشتغل فيه والقيم التي نستند عليها. ففي قاعدة عمل وسائل الإعلام توجد الوقائع التي يفترض فيها أنها تنقلها ثم التعليق عليها من بعد، والوقائع تساهم في بناء الحقيقة. وفي هذا السياق، يحدث أن تنقل وسائل الإعلام وقائع خاطئة، وهذه الأخطاء، مبدئيا، تكون غير إرادية ويتم تصحيحها من بعد.

أما في عهد إعلام ما بعد الحقيقة، والمسمى أيضا إعلام ما بعد الوقائع، لم تعد الحقيقة هي القيمة الأساسية، أو القيمة التي تشكل القاعدة. والوقائع لم تعد رئيسية والشخصيات العمومية أصبح بإمكانها أن تعلن أخبارا زائفة وهي واعية بذلك بدون أي احترام للحقيقة والاستفادة من ذلك. وهكذا تم مع الرئيس القادم ، دونالد ترامب، الذي سيتم تنصيبه في 20 يناير ، الذي شاهد بداية ازدهار ثروته السياسية ، منذ سنوات، عندما أطلق «خبرا» حول الرئيس الحالي أوباما بأنه لم يولد في أمريكا، بل في كينيا بلاد والده، وهو الشيء الذي كان بإمكانه أن يضرب شرعيته كرئيس للبلاد، ولم يفعل أي شيء إلا في نهاية الحملة الانتخابية 2016، عندما انتهى به الأمر إلى التسليم، بدون الاعتذار، بأن اوباما ولد فعلا في الولايات المتحدة.. كما أن نشر عقد الازدياد الخاص باوباما لم يمس بمصداقية الادعاءات التي أطلقها المرشح الجمهوري..

نفس المنطق اشتغل مع الإشاعة التي قدمت آلان جوبي بعلي جوبي وتحدثت عن فريد فيون، حيث أن الوقائع المقدمة زائفة عن عمد ، غير أن الخبر الزائف يأخذ طريقه الإعلامية إلى أن يفرض نفسه على الخطاب العام..

وبعيدا عن وسائل الإعلام، نجد أن خبر ما بعد الحقيقة يعني الفاعلين السياسيين أيضا ، إما لأنهم قد يسقطون في إغراء استعماله، وإما لأنهم قد يكونون هدفا له.. 

وهذا يطرح تحديا أدبيا وأخلاقيا على المسؤولين عن المقاولات التكنولوجيا من قبيل غوغل، فايسبوك، تويتر ،التي تنشره، وقد تأخرت كثيرا في التحرك ضده، فهذه المقاولات تساهم، ربما بدون أن تريد ذلك، في استهلاك المعلومة الطائفية عبر «فقاعات إدراكية» حيث يتقوقع كل واحد في شرنقة قناعاته الخاصة. وفي نهاية التحليل، فإن التحدي الأكبر الذي يمثله مجتمع ما بعد الحقيقة هو تحدي مصداقية الخبر الذي يوجد في قلب اشتغال الديموقراطية…وهذا التحدي يهم جميع القراء والمواطنين.. وفي حرصهم على الصرامة أفضل حليف لنا!

المصدر :صحيفة الاتحاد الإستراكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاطر مجتمع «ما بعد الحقيقة» مخاطر مجتمع «ما بعد الحقيقة»



رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 21:29 1970 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء
المغرب اليوم - العاهل المغربي يدعو الرئيس الجزائري إلى حوار صادق وبناء

GMT 08:58 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
المغرب اليوم - الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 17:25 2013 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"ماوس" تطفو اعتمادًا على دوائر مغناطيسية

GMT 09:48 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الشلال" يسعى إلى جذب زبائنه بشتى الطرق في الفليبين

GMT 23:15 2023 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سان جيرمان يكتسح ستراسبورغ بثلاثية في الدوري الفرنسي

GMT 08:04 2023 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سلطنة عمان تحذر مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان

GMT 22:31 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مهدي بنعطية مرشح لمنصب مدير رياضي بفرنسا

GMT 08:16 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

أبرز الأخطاء الشائعة في ديكورات غرف النوم الزوجيّة

GMT 16:04 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

150 قتيلا جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة في ليبيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib