Русская мечтa

Русская мечтa

المغرب اليوم -

Русская мечтa

بقلم - حسن طارق

تمنح لحظة ما بعد تأهل منتخب كرة القدم إلى نهائيات كأس العالم بروسيا، فرصة مثالية لعلماء الاجتماع لتحليل التمثلات الجماعية للشبيبة المغربية واتجاهاتها العاطفية والنفسية.

بين السخرية والتلقائية، تمنح المادة المنتجة داخل أوساط الشباب، وذات العلاقة بهذا الحدث، متنا غنيا ومتنوعا من الدلالات والأفكار والصور والتعابير والرموز، التي تعكس حالة ثقافية معبرة عن اللاوعي الجماعي  للأجيال الجديدة.

حالة قد تلخص في وضعية “حلم روسي / Русская мечтa” يغازل استيهامات الشباب المغربي، ويهيكل رؤيته لواقعة الانتصار الكروي، وللحضور المغربي داخل روسيا بمناسبة المونديال.

مباشرة بعد التأهل، غزت وسائط التواصل الاجتماعي وتطبيقات الواتساب، مئات النماذج من الفيديوهات والصور الحقيقية والمركبة للنساء الروسيات، وبرع المخيال الجمعي في إنتاج نكت ومحكيات تشتغل على نفس موضوعة “اللقاء المنتظر” بين الشباب المغربي والشابات الروسيات.  وقبل ذلك كانت بعض الشعارات والأناشيد التي صيغت على عجل بمناسبة الفرح المغربي الذي أخرج الشباب وغير الشباب إلى الشارع ليلة الانتصار على “فيلة إفريقيا”، لا تخلو من إيحاءات وبلاغة تذهب في الاتجاه ذاته، كل ذلك وراء كلمة سر سحرية: [المغاربة جايين].

حيث كان لافتا، مثلا، أن الكثير من الشعارات التي رددها الشباب المغربي  تلك الليلة الاستثنائية، كانت تستحضر لاعبة التنس الشهيرة  “ماريا شارابوفا”، لتنتشر بعد ذلك في وسائط الاتصال دلائل ساخرة حول تعلم اللغة الروسية، مع نماذج من المحادثات السريعة المطلوبة للتواصل مع نساء أكبر بلاد الأرض مساحة.

الصحافة من جهتها، اهتمت بزاوية المعالجة المنطلقة من الحضور الطاغي لهذا الاستيهام الجماعي، حيث تابعنا داخل وسائل إعلام متعددة مقابلات مع روسيات مقيمات في المغرب، وطرح السؤال بأكثر من صيغة على نساء مغربيات حول موقفهن من هذه الهجرة العاطفية المعلنة نحو البرد الروسي.

مرت عقود كاملة على روسيا أخرى كانت قد استوطنت حلما من طبيعة مختلفة لدى جزء من شبيبة السبعينيات. كان الحلم آنذاك سياسيا وإيديولوجيا، حاملا لمفردات الثورة والاشتراكية والتغيير .

بعيدا عن ذلك، في حكاية الحلم الروسي لمغاربة اليوم، يلخص التأهل لنهائيات المونديال، بالاحتفاء بنساء البلد المنظم للبطولة، وينتقل الحس الجماعي للشبيبة المغربية بسرعة قصوى من سجل الرياضة والتنافس إلى سجل العاطفة والإعجاب، ويحول المخيال الجمعي كل غموض القارة الروسية البعيدة في الجغرافيا والثقافة واللغة والتاريخ، إلى مجرد قوام ممشوق لحسناء متخيلة، لا تفعل سوى أن تنتظر وسط الصقيع شابا مغربيا يحمل معه كل حرارة الجنوب.

مرة أخرى نكتشف أن قدر الأحلام، هنا والآن، أن تحمل دائما على أجنحة الهجرة إلى عوالم آخرى وقارات بعيدة. يلملم إذن، الشباب المغربي أحلامه، ويُرحلها جهة الشرق هذه المرة، ونبتعد قليلا عن الحلم الأمريكي والحلم الإيطالي، اللذين طبعا مخيال أجيال من المغاربة، لكي نتعلق مؤقتا بحلم جماعي جديد، هذه المرة بمضمون ومفردات مختلفة، وباستيهامات جسدية واضحة. يفعل الشباب ذلك لأن البلاد تفشل دائما في صناعة حلمها الخاص، الذي يمنح وحده المعنى للعيش المشترك تحت سقف وطن يليق بأبنائه.

نقول ذلك، ونحن ندرك أن حلما من درجة استيهام جماعي محض، قد يكون أفضل -عموما- من حلم مهاجر صوب القتل والعنف والإرهاب بحثا عن استيهامات مرحلة من الأرض إلى السموات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

Русская мечтa Русская мечтa



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد

GMT 13:22 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت وأصول التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 18:11 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حادث سير مروع تسفر عن مقتل عشريني في مراكش

GMT 13:03 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عطر "Rose Synactif Shiseido" يضم مزيجًا مميزًا لعاشقات الورود

GMT 05:07 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

جافي يكشف عن معاناته البدنية وسبب استبداله
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib