الغني والفقير

الغني والفقير

المغرب اليوم -

الغني والفقير

بقلم : جمال بودومة

المخرج السينمائي الذي صور فيلما قصيرا عنوانه: “الوقاحة” في شوارع الرباط، ليس أول من يمارس “السينما” على عباد الله في هذه البلاد. تعودنا في السنوات الأخيرة أن نعيش مع أشخاص فوق القانون، يسكنون في الطوابق العليا، ويخلطون المال بالوقاحة، ويعتدون على سكان الطابق الأسفل من المجتمع، بمن فيهم رجال السلطة البسطاء، من بوليس ومخازنية وجدارمية وديوانيين، دون أن يعاقبهم أحد. لأن أهلهم من ذوي السلطة والنفوذ، ويملكون “زبالات” من النقود، مصدرها مشبوه أحيانا، يحولونها إلى سيارات فارهة وقناني كحول فاخرة ومخدرات من النوع الصلب، ويعيثون فسادا في البلاد، دون حسيب أو رقيب، يحتقرون المواطنين البسطاء، ولا يترددون في التنكيل برجال السلطة إذا تجرأ أحدهم على تطبيق القانون في حقهم. مشهد حمزة الدرهم وهو يستهزئ من الشرطي الذي يحرر محضر الحادث يلخص “الحگرة” التي يمارسها الأغنياء وأبناؤهم على بسطاء هذا البلد. لم نكد ننسى “عربدة” ابن الدرهم، حتى وصلنا خبر ابن مسؤول قضائي كبير، كان يعيث فسادا في شوارع الرباط بسيارة “پورش” وهو في حالة سكر طافح، ودهس شخصا وقتله. وقبلهما، نتذكر مدللة أبيها، التي دهست شرطية بسيارتها لأنها تجرأت على تسجيل مخالفة في حقها، ونستحضر ابن الوزير السابق، الذي تدخل والده كي يخرجه من وسط حشد من الناس كانوا يطالبون بتطبيق القانون، بعد أن اعتدى على مواطن أمام البرلمان. وقد نجح الوزير في إخراج ابنه من وسط الجوقة الغاضبة برعاية الشرطة، وشاهد المغاربة المهزلة على اليوتوب، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولا يمكن أن ننسى ذلك النافذ الذي انتقل اليوم إلى دار البقاء، حين أشهر مسدسه في وجه شرطي مرور أوقفه في “عين الدياب”، وأعطبه برصاصة، قبل أن ينصرف إلى حال سبيله كأنه دعس “سراق الزيت”، وحين تسرب الخبر للصحافة وتحول لفضيحة، دخلت “لاماپ” على الخط ومسحت الجريمة في مرض “مضحك” اسمه “الكورساكوف”!

أعتقد أن المشكلة الحقيقية في المغرب يلخصها الفرق بين حمزة الدرهم وإيديا التي بلا درهم. الطفلة ماتت بسبب انعدام المرافق الصحية في مغرب منسي(…) بعض العائلات الفقيرة لا تعرف شيئا اسمه الطبيب أو المستشفى أو الصيدلية، عندما يمرض أحد أفرادها  يعالج بالزعتر والكامون والتومة والعسل وبالبخور والشبة والحرمل. مرض واحد يعترفون به هو “الموت”. في جسد الواحد منهم تتعايش دزينة من الأمراض الفتاكة، ويواصل حياته كان شيئا لم يكن، إلى أن ينام يوما ولا يصبح، حينها تسمع البسطاء يرددون: لا حول ولا قوة إلا بالله، مات موتة الله مسكين… ولو شرحت الجثة، لوجدت أن الأمراض التي تحالفت على قتل المرحوم أكثر من الدول المتحالفة ضد الإرهاب!

تقدم الدول أو تأخرها يُقاس بمؤشر الصحة والتعليم. عندما تكون المدرسة معطلة والصحة مخربة، اقرأ على البلاد السلام. وضع المستشفى والمدرسة كارثي في المغرب، ولا حلول في الأفق. ومن الصعب أن نعلق آمالا على حكومة سعد الدين العثماني، لأنها ضعيفة وهجينة وبلا سند شعبي. المغرب يسير بسرعتين، الغني يزيد ثراء وتجبرا، والفقير يزيد فقرا وتحسرا. إنها الطريق الأكثر أماناً نحو الهاوية، والجو الذي ينعش الأطروحات الراديكالية. ومخطئ من يعتقد أن زلزال 2011 لا يمكن أن يتكرر. الموجة التي سميت بـ”الربيع العربي” تشبه تسونامي، يمكن أن يرجع في أي لحظة، تماماً مثل “الحال”… “ما كايشاورش”، وحال البلاد لا تسرّ.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغني والفقير الغني والفقير



GMT 16:20 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

سعيد في المدرسة

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!

GMT 14:26 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

«بيعة» و «شرية» !

GMT 05:27 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«لا يُمْكن»!

GMT 03:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض

الكروشيه يسيطر على صيف 2025 ونانسي عجرم والنجمات يتألقن بأناقة عصرية

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 23:08 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"ماريما" اختيارك الأفضل لقضاء شهر عسل لن تنساه

GMT 05:49 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

امضي شهر عسل رومانسي ومميز في أفخم فنادق باريس

GMT 17:55 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

افتتاح مصنع لزجاج السيارات في القنيطرة في 2019

GMT 08:37 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

فرصة لقضاء شهر عسل لا يُنسى في كوستاريكا

GMT 15:40 2020 الثلاثاء ,24 آذار/ مارس

أمطار غزيرة غير مسبوقة تحاصر ساحل شفشاون

GMT 17:44 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

طريقة تصليح سحاب الملابس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib