السنوار والتغيير في العمق

السنوار... والتغيير في العمق

المغرب اليوم -

السنوار والتغيير في العمق

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

يعكس اختيار يحيى السنوار، رئيساً للمكتب السياسي لحركة «حماس»، خلفاً لإسماعيل هنيّة، الذي اغتيل في طهران، التغيير الكبير الذي شهدته الحركة في السنوات القليلة الماضية.
تبلور هذا التغيير بوضوح منذ هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، وهو هجوم غيّر المنطقة وكشف في الوقت ذاته ضعف إسرائيل التي تمرّ بأزمة وجودية حقيقية.

تفرض عليها هذه الأزمة، وهي الأولى من نوعها منذ قيامها، مزيداً من الاعتماد على أميركا من جهة والبحث عن مشروع سياسي قابل للحياة من جهة أخرى.

من دون هذا المشروع القائم على الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة بالترافق مع ضمانات من دول المنطقة ودعم دولي واضح، تبدو الدولة العبرية في مهب الريح في مواجهة مزيد من الأزمات... سيتسبب بها بنيامين نتنياهو وكلّ من يؤمن باستمرار الاحتلال إلى ما لا نهاية.

يشير وضع السنوار نفسه في الواجهة إلى تغيير في العمق داخل «حماس» نفسها وتغيير آخر في عمق إسرائيل. فرض السنوار الذي لا يعرف الكثير عن العالم، هذين التغييرين على الرغم من أنّّه لم يعد معروفاً مصير «حماس» وهل لديها مستقبل من أي نوع.

يبدو مستقبل «حماس» في المجهول في ضوء القرار الإسرائيلي القاضي بإزالة القطاع من الوجود... وفي ضوء الموقف الدولي من الحركة نفسها.

بغض النظر عن المستقبل الذي ينتظر «حماس»، ثمّة واقع لا يمكن الهرب منه. يتمثّل في أنّ السنوار يختزل الحركة في الوقت الحاضر، خصوصاً أنّه لايزال يمتلك الورقتين الوحيدتين اللتين مازالتا في يدها. ورقة استمرار المقاومة من داخل غزّة وورقة الرهائن الإسرائيليين. من يتحكم بهاتين الورقتين هو السنوار ولا أحد غيره.

الأهمّ من ذلك كلّه، أن السنوار لم يستطع، من خلال «طوفان الأقصى» إرباك إسرائيل وإدخالها في أزمة وجودية فحسب، بل حوّل «حماس» أيضاً من تنظيم آخر للإخوان المسلمين في المنطقة، إلى ما يشبه حركة تحرير ذات طابع وطني بعيداً عن أي نوع من الأيديولوجيات.

لا شكّ أنّ السنوار استطاع فرض نفسه على منافسيه. استطاع منع خالد مشعل من خلافة هنيّة، الذي كان يجسّد صيغة توافقية بين الأجنحة المختلفة في «حماس».

يؤكد ذلك أن خليل الحيّة القريب منه سيكون المفاوض باسم «حماس» في ما يتعلّق بالرهائن. لم يحصل استبعاد لمشعل وموسى أبومرزوق فحسب، بل هناك أيضاً في الوقت الحاضر هيمنة للحمساويين الذين يعتقدون أنّ لديهم مشروعاً وطنياً يعتمد على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بغية إقامة دولة مستقلة.

ماذا بعد اختيار السنوار؟

يبدو أنّ التساؤل الحقيقي الذي سيفرض نفسه في المستقبل المنظور مرتبط إلى حدّ كبير بمصير السنوار نفسه الذي يتبيّن يومياً أنّه يعاني من نقطة ضعف مهمّة.

ليس ما يشير إلى أنّ السنوار بعيد ما يكفي عن المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. هذا مشروع يقوم على استخدام أدوات محلية في تنفيذ سياسات إيرانية على مستوى الإقليم ببعدين شرق أوسطي وخليجي، أي استخدام «حزب الله» في السيطرة على لبنان وميليشيات من كلّ الأنواع في السيطرة على سورية والعراق... والحوثيين في السيطرة على جزء من اليمن وإيجاد موطئ قدم لإيران في شبه الجزيرة العربيّة.

بدا واضحاً منذ فترة أن جناح السنوار في «حماس» يسير وفق توجه إيراني، إن من ناحية السيطرة على المخيمات الفلسطينية في لبنان، بالتعاون مع «حزب الله» ومع جهات حكوميّة لبنانيّة، وإن من ناحية تكريس التقارب مع النظام السوري.

مثل هذا التقارب لـ«حماس» مع النظام السوري فرضته «الجمهوريّة الإسلاميّة» بواسطة «حزب الله» الذي رتب لقاء بين بشار الأسد ووفد من «حماس» برئاسة خليل الحيّة في أكتوبر من العام 2022.

من المفيد هنا التوقف عند إنهاء القطيعة، بوساطة إيرانيّة، بين «حماس» والنظام السوري، وهي قطيعة استمرت ما يزيد على عشر سنوات وعمّقتها الجرائم التي ارتكبها النظام السوري في حقّ الفلسطينيين، خصوصاً سكان مخيم اليرموك القريب من دمشق.

دخلت «حماس» مثلها مثل المنطقة مرحلة جديدة. تغيّرت المنطقة. ما ليس معروفاً كيف ستكون عليه المنطقة في حال انتهت حرب غزّة يوماً. إلى متى يستطيع السنوار البقاء في أنفاق غزّة التي ساهم بإقامتها؟

الثابت أن لدى السنوار ما يشبه المشروع السياسي الذي جعله يقدم على شنّ «طوفان الأقصى» الذي حقّق نتائج فاقت التوقعات، خصوصاً لجهة الخسائر الإسرائيلية، لكنه جعل الدولة العبرية تردّ بوحشية ليس بعدها وحشية من دون امتلاك أي مشروع سياسي قابل للحياة.

هل راح السنوار ضحية نجاح «طوفان الأقصى» في يومه الأول بما يفوق التوقعات؟

يتميّز الوضع الإسرائيلي في الوقت الحاضر بإصرار رئيس الحكومة وآخرون في حكومته وفي المؤسسة العسكرية على الذهاب بعيداً في القضاء على «حماس» وعلى السنوار نفسه.

أوجد السنوار، شئنا أم أبينا، واقعاً جديداً فلسطينياً وإسرائيلياً وإقليمياً. هل يبقى حياً لرؤية ما صنعته يداه ولرؤية مرحلة ما بعد «طوفان الأقصى» وما أنتجته من حروب تتجاوز غزّة؟

يبدو ذلك السؤال الذي يفرض نفسه في المرحلة الراهنة. إنّه سؤال مرتبط بمرحلة هيمنة السنوار على «حماس» ونقله القضية الفلسطينية، كذلك إسرائيل، إلى مكان آخر لا علاقة له من قريب أو بعيد بما كان عليه الشرق الأوسط قبل «طوفان الأقصى»!

نقلا عن الراي

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السنوار والتغيير في العمق السنوار والتغيير في العمق



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib