ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

المغرب اليوم -

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

إسرائيل قررت أخيرا الذهاب إلى لعبة مختلفة كليا على الصعيد الإقليمي وهي لعبة جرت إليها الولايات المتحدة التي راعت النظام الإيراني إلى حد كبير منذ قيامه في العام 1979.

كيف تردّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” على الحرب التي تعرّضت لها، علما أنّها حرب تسببت بها أصلا؟ بات على إيران الآن دفع ثمن ممارسة لعبتها المفضلة. تقوم هذه اللعبة على استغلال الأحداث الإقليمية إلى أبعد حدود من جهة والدفاع عن النظام الإيراني عن طريق ميليشيات مذهبيّة أو أدوات أخرى، مثل النظام السوري السابق أو “حماس” من جهة أخرى. يجمع بين هذه الميليشيات والأدوات الإيرانيّة التي في مقدّمها “حزب الله” في لبنان أنّها تدافع عن النظام الإيراني وتلبّي طلباته من دون أن تكون في داخل إيران.

للمرّة الأولى منذ انتهاء الحرب العراقيّة – الإيرانيّة في العام 1988، تدور معارك على أرض إيران. مثلما لم يكن مسموحا في العام 1988 بانتصار إيراني على العراق، ليس مسموحا الآن لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” بتحقيق انتصار في الحرب التي شنتها عليها إسرائيل، وهي حرب تأتي في سياق “طوفان الأقصى”، أي الهجوم الذي نفّذته “حماس” بقيادة الراحل يحيى السنوار في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر 2023. غيّر ذلك الهجوم وجه المنطقة. ما بدأ بغزّة انتهى في داخل إيران التي كانت، بطريقة أو بأخرى، جزءا لا يتجزأ من الهجوم الذي شنته “حماس” على مستوطنات إسرائيليّة في منطقة تسمّى غلاف غزّة.

باختصار شديد، تواجه إيران في الوقت الحاضر السيناريو الذي طالما سعت إلى تجنبّه. استخدمت أدواتها في كلّ حين من أجل ابتزاز دول المنطقة. إلى ما قبل فترة قصيرة، كانت تكلّف “حزب الله” بمهاجمة هذه الدولة العربيّة أو تلك من لبنان. كانت صواريخ الحوثيين ومسيراتهم تستهدف المملكة العربيّة السعوديّة ودولا عربيّة أخرى مثل دولة الإمارات انطلاقا من الأراضي اليمنيّة. وكانت الميليشيات المذهبية العراقيّة التابعة لـ”الحرس الثوري” مستعدة في كلّ وقت لتهديد الأردن…

توجد أوساط فلسطينية اعترضت منذ البداية على أي حديث عن دور إيران في “طوفان الأقصى”. لكنّ الواقع يؤكد، مع مرور الوقت، سخافة هذه الاعتراضات في ضوء العلاقة التاريخيّة التي ربطت “حماس” بـ”الحرس الثوري” الإيراني. ركزت تلك العلاقة في الماضي على إفشال أي عمليّة سلميّة بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ توقيع اتفاق أوسلو في خريف العام 1993. من يريد أن يتذكّر استثمار إيران في “حماس” نفسها وفي العمليات الانتحارية التي نفّذتها والتي صبت في نهاية المطاف في خدمة اليمين الإسرائيلي، بل شخص بنيامين نتنياهو بالذات؟

متى تتوقف الحرب التي لا يمكن لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” إلّا أن تخرج منها خاسرة؟ لا جواب عن مثل هذا السؤال، لكن الثابت أن هذه الحرب ستستمر إلى نهاية الشهر الجاري في أقلّ تقدير. الثابت أيضا أنّ إيران أخرى مختلفة ستخرج من هذه الحرب التي لم تستطع القيادة في طهران تفاديها.

تكمن أهمّية الحرب التي تتعرّض لها “الجمهوريّة الإسلاميّة” في أنّ إسرائيل قررت أخيرا الذهاب إلى لعبة مختلفة كلّيا على الصعيد الإقليمي، وهي لعبة جرّت إليها الولايات المتحدة التي راعت النظام الإيراني، إلى حدّ كبير، منذ قيامه في العام 1979. تغاضت الإدارات الأميركيّة المختلفة عن كلّ التجاوزات الإيرانية، بدءا باحتجاز دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران طوال 444 يوما مرورا بتفجير السفارة الأميركيّة في بيروت ثم نسف مقر المارينز قرب مطار العاصمة اللبنانية وقتل نحو 240 عسكريا أميركيّا…

كانت لعبة إسرائيل، في مرحلة ما قبل “طوفان الأقصى”، تقوم على “قواعد اشتباك” تم التوصل إليها بين طهران من جهة وكلّ الميليشيات المذهبية التابعة لها في المنطقة، مثل “حزب الله” اللبناني أو أدوات أخرى مثل النظام العلوي برئاسة بشّار الأسد في سوريا، من جهة أخرى. شملت هذه اللعبة “حماس”، بطبيعة الحال. لم يكن من مهمّة لـ”حماس” غير تغيير طبيعة الشعب الفلسطيني في اتجاه تعميم التخلف. هذا ما حدث بالفعل في قطاع غزّة حيث أقامت “حماس” منذ منتصف 2007 “إمارة إسلاميّة” على طريقة طالبان. الأهمّ من ذلك كلّه أن “حماس” كرست الانقسام الفلسطيني الذي لا يزال مستمرّا إلى اليوم.

انقلب السحر على الساحر الإسرائيلي. لم يقتصر الأمر على غزّة فحسب، بل شمل لبنان ودور “حزب الله” أيضا. بعد شنّ حرب “إسناد غزّة” انطلاقا من جنوب لبنان، لم يعد من وجود لـ”قواعد الاشتباك” التي كان يتحدث عنها الراحل حسن نصرالله.

ثمة قواعد جديدة للعبة التي ارتدّت على بنيامين نتنياهو الذي قرّر نقل حرب غزّة إلى إيران، بعد محطتي لبنان وسوريا حيث انتهى النظام العلوي الذي حمته إسرائيل منذ قيامه ولكن بشكل خاص منذ العام 1974. في أيار – مايو من تلك السنة، توصل حافظ الأسد إلى  نقاط تفاهم مع هنري كيسنجر في شأن ضمان حمايته للأمن الإسرائيلي في الجولان.

ستكشف الأسابيع المقبلة آفاق اللعبة الإسرائيلية الجديدة وأبعادها. هناك “قواعد اشتباك” مختلفة ولدت من رحم “طوفان الأقصى”. تبدو هذه القواعد في غاية الوضوح. تقوم على استحالة تطوير “الجمهوريّة الإسلاميّة” لبرنامج نووي نظرا إلى أنّه يمكن أن يسمح لها بامتلاك القنبلة الذرّية يوما. لا يستطيع العالم العيش في ظلّ وجود قنبلة ذرّية إيرانيّة. لا تستطيع المنطقة، بكلّ دولها، تحمّل ذلك. لم يعد الحلف غير المعلن بين اليمين الإسرائيلي والإسلام السياسي الذي تتزعمه إيران ممثلا بـ”حماس” و”حزب الله” وغيرهما مفيدا للدولة العبريّة. أخذ فشل الحلف غير المعلن مع النظام الإيراني نتنياهو إلى حرب مع “الجمهوريّة الإسلاميّة”… إلى أين ستأخذه اللعبة الجديدة التي فرضها، في الأصل “طوفان الأقصى”؟ هل يتمكن نتنياهو من تغيير النظام في إيران؟ ذلك هو سؤال المرحلة الراهنة؟

يفرض هذا السؤال نفسه في ضوء وصول أميركا وإسرائيل والغرب إلى قناعة فحواها أن العالم لا يستطيع التعايش مع سلاح نووي إيراني يخشى أن تلجأ طهران إلى استخدامه يوما.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib