خطوة لبنانية في اتجاه التطبيع… مع العرب

خطوة لبنانية في اتجاه التطبيع… مع العرب

المغرب اليوم -

خطوة لبنانية في اتجاه التطبيع… مع العرب

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

تصريحات عون تبعث برسالة واضحة إلى الإمارات والمجتمع الدولي بأن لبنان يسعى إلى استعادة سيادته وتعكس عزما على تفكيك معادلة الهيمنة التي فرضها "حزب الله" على القرار السياسي.

حملت الزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني جوزيف عون، حديثا، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة دلالات سياسية عميقة، خصوصا أنّها تأتي في سياق إعادة وصل ما انقطع من علاقات لبنان بالعالم العربي، وبروز محاولات لتجاوز هيمنة “حزب الله” على القرار السياسي. يتقدّم لبنان ببطء، ولكن بقوّة وصلابة في هذا الاتجاه، اتجاه التطبيع مع العرب. تساعده في ذلك الظروف الإقليمية والدوليّة، خصوصا خروج إيران من سوريا من جهة وهزيمة “حزب الله” في لبنان من جهة أخرى. ولعلّ أكثر ما يساعده وجود قيادة سياسية تؤمن بعودة لبنان إلى وضعه الطبيعي. إنّه وضع حاولت إيران في الماضي القريب استبداله بما يتفق مع مشروعها التوسّعي في المنطقة.

بكلام أوضح، تمثل الزيارة، التي جاءت بدعوة من الشيخ محمد بن زايد، خطوة إستراتيجية لإعادة لبنان إلى الحضن العربي بعد سنوات من العزلة بسبب النفوذ الإيراني عبر حزب مسلّح ليس في نهاية المطاف سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني.

عون نجح في ترك انطباع قوي لدى القيادة الإماراتية بأنه زعيم وطني جدي، يتجاوز الحسابات الشخصية ويمتلك رؤية واضحة لمستقبل لبنان وعززت خطاباته صورته كرئيس يسعى إلى إعادة بناء الدولة

ليس سرّا أن الإمارات، كقوة اقتصادية ودبلوماسية، قدمت دعما رمزيا وعمليا من خلال السماح بسفر مواطنيها إلى لبنان وتشكيل مجلس أعمال مشترك، ما يعزز الثقة الاقتصادية والسياسية بالإضافة إلى الموافقة على دعم المؤسسات العسكرية والأمنية بكل ما يلزم. لا بدّ هنا من العودة إلى أن دعم الإمارات للجيش اللبناني ليس وليد البارحة. أثبتت الإمارات في الماضي القريب، لدى وقوع أحداث مخيّم نهر البارد في أيّار – مايو 2007 وقوفها الفعلي مع الجيش اللبناني. لم تتردّد وقتذاك بتقديم مساعدات للجيش اللبناني (تسليح طائرات هليكوبتر من نوع بوما وغير ذلك) كي تتمكن من الانتصار على عصابات “فتح الإسلام” التي لم يكن النظام السوري السابق و”حزب الله” بعيدين عنها. من يتذكّر كلام الراحل حسن نصرالله في أثناء تصدي الجيش اللبناني لعصابات “فتح الإسلام” عن أن مخيّم نهر البارد “خطّ أحمر”؟

يعكس هذا التقارب الجدّي، المترافق مع إجراءات عمليّة، بين أبوظبي وبيروت رغبة عربية واضحة كل الوضوح في دعم لبنان الجديد تحت قيادة جوزيف عون، خصوصا في ضوء انتخابه كرئيس في كانون الثاني – يناير 2025 بدعم سعودي وأميركي. يشير ذلك إلى تحول جذري في المواقف الإقليمية والدوليّة تجاه البلد.

من المفيد التوقف عند تصريحات جوزيف عون، في المقابلة القيمة التي أجراها معه الزميل عماد الدين أديب على قناة “سكاي نيوز – عربيّة” في شأن سلاح “حزب الله”. أكّد رئيس الجمهوريّة ضرورة نزع السلاح من كامل لبنان، مع التركيز الحالي على جنوب الليطاني بسبب الأولويات. تبعث تصريحات عون برسالة واضحة إلى الإمارات والمجتمع الدولي بأن لبنان يسعى إلى استعادة سيادته. وهذه التصريحات، التي جاءت في سياق اختلافات في شأن تفسير قرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل، والمزايدات من قبل “حزب الله” تعكس عزما على تفكيك معادلة الهيمنة التي فرضها “حزب الله” على القرار السياسي. فالإمارات، التي طالما عارضت النفوذ الإيراني، رأت في موقف عون التزاما بإعادة هيبة الدولة، مما عزز ثقتها به كشريك موثوق به.

خلال الزيارة، نجح جوزيف عون في ترك انطباع قوي لدى القيادة الإماراتية بأنه زعيم وطني جدّي، يتجاوز الحسابات الشخصية ويمتلك رؤية واضحة لمستقبل لبنان. عززت خطاباته، التي ركزت على السيادة والاستقرار، صورته كرئيس يسعى إلى إعادة بناء الدولة. أظهر تأكيده على تجهيز الجيش اللبناني لتولي المسؤوليات الأمنية، خصوصا في جنوب الليطاني، التزاما عمليا باستعادة السيطرة والسيادة، بل الاحترام العربي للدولة اللبنانية.

هل يدرك الحزب، ومن خلفه إيران، أن لا إعادة إعمار ولا دولارا واحدا من العرب أو الولايات المتحدة أو أوروبا من دون ثمن سياسي سيكون على لبنان دفعه كي يعود بلدا طبيعيا من دول المنطقة؟

جاءت الزيارة في سياق إقليمي معقد. تسعى الإمارات، في ظلّ هذا الوضع، إلى تعزيز دورها كوسيط وداعم للاستقرار في المنطقة. دعمها للبنان يعكس إستراتيجية لمواجهة النفوذ الإيراني بشكل غير مباشر، مع تعزيز التعاون العربي. كما أن توقيت الزيارة، بعد اتفاق وقف إطلاق النار، يشير إلى محاولة لتثبيت الاستقرار في لبنان كجزء من ديناميكيات إقليمية أوسع.

لم تكن زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية للإمارات مجرد لقاء دبلوماسي، بل خطوة حاسمة لإعادة تموضع لبنان عربيا، مع إشارات قوية إلى نهاية هيمنة “حزب الله” وتأكيد عون كزعيم يمتلك رؤية لاستعادة هيبة الدولة. الزيارة عززت الثقة المتبادلة وبدأت مرحلة جديدة من التعاون اللبناني – الإماراتي.

مع عودة الرئيس عون إلى لبنان، مسلّحا بالدعم الإماراتي، هناك عودة إلى أسئلة منطقية تفرض نفسها. في مقدّم هذه الأسئلة كيف إخراج إسرائيل من الأرض اللبنانية المحتلة؟ هل من سبيل إلى ذلك من دون التخلي عن العيش في أوهام الضغوط الأميركيّة على إسرائيل… وهي ضغوط غير واردة؟

سيكون على لبنان عاجلا أم آجلا قطع خطوة أخرى في التصالح مع الواقع بعيدا عن عقدة الخوف من تطوير اتفاق الهدنة للعام 1949 مع إسرائيل. لا بدّ من مثل هذا التطوير من أجل الذهاب إلى قطع الطريق على الاعتداءات التي لا تزال إسرائيل تقوم بها معتمدة على رفض “حزب الله” تسليم سلاحه. يضع الحزب نفسه مرّة أخرى في خدمة إسرائيل برفضه الاعتراف بأن لا فائدة من هذا السلاح، الذي يستهدف الانتصار على لبنان واللبنانيين ولا شيء آخر غير ذلك.

مثله مثل السلاح الفلسطيني الذي سمح به “اتفاق القاهرة”، في العام 1969، جلب سلاح “حزب الله” الويلات على لبنان وعلى أهل الجنوب تحديدا.

هل يدرك الحزب، ومن خلفه إيران، أنّ لا عودة لأي مواطن لبناني إلى أرضه وقريته المدمّرة من دون التعاطي مع مرحلة ما بعد “حرب إسناد غزّة”؟ هل يعرف أن لا إعادة إعمار ولا دولارا واحدا من العرب أو الولايات المتحدة أو أوروبا من دون ثمن سياسي سيكون على لبنان دفعه كي يعود بلدا طبيعيا من دول المنطقة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطوة لبنانية في اتجاه التطبيع… مع العرب خطوة لبنانية في اتجاه التطبيع… مع العرب



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib