ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون

ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون

المغرب اليوم -

ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لم يعد من مكان للعقل والمنطق في العالم والمنطقة. يصعب إيجاد تفسير لهذا الإصرار الإيراني على الاستمرار في المواجهة مع إسرائيل. هذه مواجهة مع أميركا في وقت يبحث دونالد ترامب عن انتصار في عالم مجنون!

في الواقع، خسرت إيران الحرب قبل أن تبدأ. يفترض في إيران قبول الاستسلام، لا لشيء سوى لأن الحرب التي تشنها إسرائيل، بدعم أميركي، هي استمرار لحروب بدأت مع “طوفان الأقصى” في غزّة. خسرت إيران كلّ الحروب التي خاضتها منذ حصول “طوفان الأقصى”.

لا يمكن عزل الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية عن حرب غزّة التي وجدت “الجمهوريّة الإسلاميّة”، من خلالها، فرصة لتأكيد امتلاكها لمفاتيح الحرب والسلام في المنطقة كلّها. ما كان للحرب أن تصل إلى إيران نفسها لولا أنّها لعبت في الأساس دورا في هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته “حماس” بقيادة يحيى السنوار على مستوطنات غلاف غزّة في 7 تشرين الأوّل – أكتوبر 2023.

◄ كلام عبدالله الثاني يبقى كلاما لمرحلة تهدأ فيها النفوس. في انتظار ذلك، لا مجال أمام إيران سوى التصعيد في وقت يخوض النظام فيه معركة حياة أو موت

أدى الهجوم إلى مقتل نحو 1200 يهودي، معظمهم من الإسرائيليين. لا يزال هناك أسرى يهود لدى “حماس”. يشكّل هؤلاء الورقة الأخيرة التي تمتلكها الحركة. في الحقيقة، إن الورقة التي تمتلكها “حماس”، أي ورقة الرهائن، باتت منسية في ضوء الحرب الإيرانية – الإسرائيليّة. من هذا المنطلق، ومن أجل عدم نسيان المأساة الكبرى المتمثلة في غزّة، كان على الملك عبدالله الثاني الذهاب إلى ستراسبورغ ليقول في خطاب ألقاه قبل أيام قليلة أمام البرلمان الأوروبي إن الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية يجب ألا تجعل مأساة غزّة مسألة ثانوية.

ليس من وصف دقيق لما يشهده العالم والمنطقة أكثر من الوصف الذي قدّمه العاهل الأردني أمام البرلمان الأوروبي. وضع عبدالله الثاني، الذي أثبتت الأحداث والتطورات العالميّة قدرته على استشفاف المستقبل، النقاط على الحروف. قام عمليا بمحاولة متواضعة لوضع العالم أمام مسؤولياته مركّزا على الدور الأوروبي والدولي في العمل من أجل السلام والعدل. يشمل ذلك، في طبيعة الحال، وضع حدّ للتصعيد بين إيران وإسرائيل حيث يرى رئيس الحكومة أن لا خيار آخر أمامه سوى متابعة خوض حروبه لضمان مستقبله السياسي.

لا يعود توجه العاهل الأردني إلى أوروبا إلى قرب القارة العجوز جغرافيا من المنطقة فحسب، بل إلى وجود تجربة أوروبية لا يمكن تجاهلها أيضا. إنّها تجربة ما بعد الحرب العالميّة الثانية. قال عبدالله الثاني موجها كلامه إلى الّنواب الأوروبيين “بعد الحرب العالمية الثانية، اختارت أوروبا إعادة البناء. ليس لمدنها فقط، بل للركائز التي تأسست عليها، إذ صممت شعوب أوروبا على ترك الماضي خلفها وبناء عصر جديد من السلام. اختار الأوروبيون الكرامة الإنسانيّة عوضا عن الهيمنة والقيم عوضا عن الانتقام، والقانون عوضا عن القوة والتعاون عوضا عن الصراع.”

بغض النظر عن الجنون الإسرائيلي الذي لا حدود له، يبدو أن القيادة في إيران، على رأسها “المرشد” علي خامنئي، مستعدة لتقديم كلّ الأعذار التي تطلبها حكومة الدولة العبرية من أجل متابعة حروبها وجعل غزّة قضيّة منسية.

تؤكّد مأساة غزّة مدى استعداد إسرائيل للذهاب بعيدا في استخدام الوحشية، فيما تؤكد اللغة الخشبية التي تستخدمها طهران العجز عن فهم الواقعين الإقليمي والعالمي، بما في ذلك أن الحرب الدائرة حاليا مع إسرائيل هي حرب لا يمكن إلّا أن تنضم إليها أميركا في مرحلة معيّنة.

يتمثّل كلّ ما يريده دونالد ترامب حاليا في الرغبة في أن يكون الرابح الأوّل من الانتصار الذي لا بدّ أن يتحقّق على إيران. هذا ما يفسّر الضربة الأميركية لثلاثة مواقع نووية إيرانية بينها فوردو. يبحث ترامب عن انتصار يريد حرمان نتنياهو منه!

◄ لا يمكن عزل الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية عن حرب غزّة التي وجدت "الجمهوريّة الإسلاميّة"، من خلالها، فرصة لتأكيد امتلاكها لمفاتيح الحرب والسلام في المنطقة كلّها

في ظلّ هذه الصورة القاتمة، كانت هناك حاجة لدى العاهل الأردني لتقديم وصف دقيق لحال العالم. كان مهما، بالنسبة إليه، عدم الاكتفاء بالوصف… مهما بلغت دقته.  أصرّ على تأكيد وجود” قيم تجمعنا”. أشار إلى أن العديد من هذه القيم “متجذّرة في أدياننا: الإسلام والمسيحية واليهودية.” هذه القيم موجودة “لتقيم الرحمة والعدل والمساواة.” كان الخطاب دعوة إلى العودة إلى القيم، كما كان صرخة رجل يتألم في ضوء المأساة التي تشهدها غزّة حيث ” إذا فشل المجتمع الدولي بالتصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في تعريف معنى أن تكون إنسانا.”

خلاصة الخطاب الذي ألقاه عبدالله الثاني أن الحاجة إلى البحث عن مخرج بدل الاستسلام  للعنف ومنطق القوة. لذلك يؤكد العاهل الأردني المرة تلو الأخرى أنّ القوة ليست حلا وأنّ الحاجة إلى حلول سياسية قبل أي شيء آخر، خصوصا في وقت تزداد الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية ضراوة.

هناك إدراك أردني واضح لخطورة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. عانت المملكة الأردنية الهاشمية دائما من السعي الإيراني إلى التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة وإيجاد حال من عدم الاستقرار فيها. كان هناك دائما جهل إيراني بالأردن وبما يمثله وذلك على الرغم من أن كلّ المحاولات التي قامت بها “الجمهوريّة الإسلاميّة” من أجل المسّ بالأردن باءت بالفشل.

هل بقي مكان لكلام عاقل ومنطقي في ظلّ هذا الجنون الذي يشهده العالم، جنون إسرائيل وجنون إيران، وجنون الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة على سبيل المثال وليس الحصر؟

يبقى كلام عبدالله الثاني كلاما لمرحلة تهدأ فيها النفوس. في انتظار ذلك، لا مجال أمام إيران سوى التصعيد في وقت يخوض النظام فيه معركة حياة أو موت. لا مجال أمام نتنياهو سوى خوض حروبه. لا مجال أمام دونالد ترامب سوى السعي إلى القول إنّه من انتصر على إيران وإن الفضل يعود إليه وليس إلى إسرائيل في تخليص المنطقة والعالم من برنامجها النووي ومن صواريخها ومن أذرعها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib