نقطة تحوّل في لبنان

نقطة تحوّل في لبنان؟

المغرب اليوم -

نقطة تحوّل في لبنان

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

في غياب رئيس للجمهورية، يمنع «حزب الله» انتخابه، يبدو كلّ شيء جائزاً في لبنان. الدليل على ذلك الخطاب الرسمي الذي يعطي فكرة عن رغبة مستمرّة بالهرب من واقع يتمثّل في أنّ «حزب الله» قرّر عن سابق تصوّر وتصميم فتح جبهة جنوب لبنان من دون استشارة أحد. هل يمثّل الكلام الأخير لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عن بداية استعداد لدى لبنان لتطبيق القرار 1701، نقطة تحوّل في اتجاه استعادة الدولة اللبنانيّة للدور الذي يفترض أن تلعبه؟

تكمن أهمّية هذه الكلمة في أنّها جاءت بعد لقاء بين ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، من جهة وتجاهله الإشارة إلى ربط حرب لبنان بحرب غزّة من جهة أخرى. مثل هذا الربط جريمة في حق البلد وشعبه لا أكثر.

لا يدرك لبنان الرسمي أنّه يستحيل، بأيّ شكل، الدفاع عن لبنان وكرامة لبنان عن طريق تجاهل الحقيقة الأهم، أي قرار الحزب الذي أخذ ربط مصيره بمصير غزّة. تسبّب يحيى السنوار بالقضاء على غزّة. يقضي الحزب على لبنان بعد ربطه بغزّة في غياب نقاش بين اللبنانيين محوره إلى أين تأخذ إيران لبنان؟

ليس مطلوباً من لبنان الرسمي، ممثلاً بحكومة تصريف الأعمال، التي على رأسها نجيب ميقاتي، دخول مواجهة مع «حزب الله»، خصوصاً في ضوء اغتيال إسرائيل للأمين العام للحزب حسن نصرالله. مثل هذا التصرّف ليس ممكناً، لكنه لا يجوز في الوقت ذاته التعامي عن الحقيقة. على العكس من ذلك، مطلوب الاعتراف بأنّ لبنان عاجز عن امتلاك قراره... وأنّه رهينة لدى إيران التي تتحكّم بـ«حزب الله» التي تسيطر كلّيا على البلد وتعتبره أداة من أدواتها في المنطقة.

مع الكلام الأخير لنجيب ميقاتي، ظهرت بوادر موقف رسمي لبناني يسمّي الأشياء بأسمائها ويرفض الانجرار وراء دخول حرب خاسرة سلفاً، لا لشيء سوى لأن موازين القوى في مصلحة إسرائيل؟ لا تمتلك إسرائيل التطور التكنولوجي فحسب، بل تتمتع أيضاً بغطاء دولي ناجم عن «طوفان الأقصى» أوّلا وعن فتح «حزب الله»، بطلب إيراني، جبهة جنوب لبنان ثانياً وأخيراً.

ليس سرّاً أن إسرائيل ليست جمعية خيريّة وأن رئيس الحكومة فيها بنيامين نتانياهو، مجرّد وحش يعتقد أن الفرصة سانحة لتصفية القضيّة الفلسطينية. مثل هذا الأمر مستحيل لأسباب عدّة في مقدّمها أنّ الشعب الفلسطيني موجود بقوّة على أرضه فضلاً عن أنّ اليمين الإسرائيلي لا يمتلك مشروعاً سياسياً قابلاً للحياة بأي شكل. أمّا بالنسبة إلى لبنان، فإنّه لاتزال لدى إسرائيل ورقة في غاية الأهمّية يمكن أن تلجأ إليها. تتمثل هذه الورقة في ضرب النبطية وما حولها، مع ما يعنيه ذلك من تهجير.

في ضوء هذه المعطيات، يبدو مستغرباً إصرار «حزب الله» على زجّ لبنان بحرب غزّة، وهي حرب انتهت من دون أن تنتهي. هذه الحرب انتهت عسكرياً بالقضاء على غزّة وتهجير شعبها. لم تنته الحرب نظراً إلى أنّ «بيبي» نتنياهو، يريد لها أن تستمرّ لأسباب خاصة بمستقبله السياسي. يبدو مصرّاً على متابعة حرب غزّة على الرغم من عدم وجود أهداف عسكريّة تصلح للقصف في حين أن يحيى السنوار لايزال يجد مكاناً يخبّئ فيه الرهائن الإسرائيليّة التي لايزال يحتجزها منذ السابع من أكتوبر الماضي.

يزداد الوضع اللبناني والإقليمي تعقيداً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة والفراغ في القيادة الذي تعاني منه واشنطن، يبدو لبنان في وضع لا يحسد عليه. يختزل المأساة اللبنانية العجز عن وجود سلطة شرعيّة تقول لـ«حزب الله» إنّه سقط في فخّ نصبه لنفسه وللبنان. سقط الحزب في هذا الفخّ بعدما صدّق أنّ إسرائيل نمر من ورق وأن لديه الأسلحة التي تسمح له بردعها، بل بتحقيق انتصار ساحق عليها.

لم تكتف إسرائيل بتوجيه ضربات متلاحقة للحزب الذي لم يفهم منذ الخامس والعشرين من أغسطس الماضي لماذا لم يستطع الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر. وقتذاك، نفّذت إسرائيل هجوماً استباقياً حال دون إطلاق أي صواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية. حصل ذلك في وقت تجاهلت إيران القيام بأي ردّ فعل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنيّة في طهران نفسها. لن تقدم إيران على أي ردّ فعل بعد اغتيال حسن نصرالله.

كان مفترضاً في «حزب الله» استيعاب أن هناك حسابات إيرانيّة مختلفة عن حساباته وأنّه في مأزق حقيقي. في أساس هذا المأزق رغبة «الجمهوريّة الإسلاميّة» في التقرّب من الولايات المتحدة بدل الدخول في مواجهة معها، وكانت وراء انتخاب الإصلاحي مسعود بزشكيان، رئيساً للجهورية خلفاً لإبراهيم رئيسي الذي قتل في حادث تحطم طائرة هليكوبتر يحيط به الغموض.

الأسوأ من ذلك كلّه أن لبنان الرسمي، ممثلاً بحكومة تصريف الأعمال، لا يستطيع القول لـ«حزب الله» إنّه ليس أمامه سوى التراجع وقبول القرار 1701، والإعلان صراحة أنّ ربط لبنان بحرب غزّة جريمة موصوفة لا أكثر. هل بدأ ميقاتي يشعر بأن لا خيار أمامه غير قول الكلام الذي لا بدّ من قوله وأن «الدويلة اللبنانيّة» تتجه إلى إزاحة «دولة حزب الله»؟
نقلا عن الراي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقطة تحوّل في لبنان نقطة تحوّل في لبنان



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
المغرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib