جريمة الإخوان المسلمين في حق الأردن…

جريمة الإخوان المسلمين في حق الأردن…

المغرب اليوم -

جريمة الإخوان المسلمين في حق الأردن…

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

"حماس" التي لم تستوعب بعد أبعاد سقوط النظام السوري تسعى إلى نقل تجربة غزة إلى المملكة. لم تفهم أن الأردن شيء وغزة شيء آخر وأن الأردن بلد مؤسسات راسخة ومتينة.

لم يتغيّر شيء في عداء “حماس”، وهو في جانب منه عداء “الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانيّة، للأردن. تغيّر في المشهد الأردني ذلك التزاوج بين “حماس” وجماعة الإخوان المسلمين في المملكة، بما يشير إلى تفاهم قديم بينهما تخلّى الإخوان بموجبه عن ولائهم للمملكة الأردنية الهاشمية التي قدمت لهم الكثير في الماضيين البعيد والقريب.

فرض ذلك أخيرا على السلطات الأردنية حل تنظيم جماعة الإخوان في ضوء اكتشاف أبعاد المؤامرة التي تستهدف المملكة الهاشمية، وهي مؤامرة شملت صنع صواريخ وتهريب أسلحة وتدريبات عسكرية في لبنان. كان ذلك في مرحلة سيطرة “حزب الله”، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، على البلد. مكنت هذه السيطرة “حماس” من إيجاد نفوذ لها في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وبالتالي تدريب من تريد تدريبه في هذه المخيمات، بما في ذلك عناصر تضمر الشرّ للأردن.

من ثوابت المنطقة، الالتقاء الدائم بين “حماس” واليمين الإسرائيلي في ضرب المشروع الوطني الفلسطيني الذي لعب الأردن دورا مهمّا في بلورته عبر حدثين مفصليين مهمين.

كان الحدث الأوّل أحداث أيلول – سبتمبر من العام 1970. وقتذاك حال الأردن، بقيادة الملك حسين، دون قيام “الوطن البديل” بقضائه على الوجود الفلسطيني المسلّح في البلد، وهو وجود فوضوي تحكمت به المزايدات وقصر النظر والحرب الباردة. كان الانقلاب على العرش الهاشمي يستهدف جعل الأردن تحت سلطة المنظمات الفلسطينية. لم تكن المنظمات الفلسطينية التي نادت بسقوط العرش الأردني سوى بيدق إسرائيلي لا يدرك معنى وجود الأردن كخط دفاع أوّل عن بقاء القضية الفلسطينية حيّة ترزق في ضوء وجود شعب له مكانه على الخارطة السياسية للشرق الأوسط.

أمّا الحدث الثاني، فقد تمثّل في قرار فك الارتباط بين الضفة الغربية والضفة الشرقية الذي مهّد بعد صدوره صيف العام 1988 لإعلان المشروع الوطني الفلسطيني المرتكز على خيار الدولتين والاعتراف بالقرار 242 و“نبذ الإرهاب”. أعلن عن المشروع الوطني الفلسطيني وعن قيام “الدولة الفلسطينية”، التي لا تزال مجرد وعد، في أثناء انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في تشرين الثاني – نوفمبر 1988، أي بعد شهور قليلة على قرار فك الارتباط بين الأردن والضفّة الغربيّة.

يمكن أيضا الكلام عن حدث ثالث في غاية الأهمّية، هو حدث توقيع اتفاق السلام الأردني – الإسرائيلي (اتفاق وادي عربة) في تشرين الأوّل – أكتوبر 1994 بعد مضي سنة وشهر على توقيع ياسر عرفات اتفاق أوسلو مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في حديقة البيت الأبيض. رسم اتفاق السلام الأردني – الإسرائيلي الحدود النهائية للمملكة وساهم إلى حد كبير في القضاء على فكرة “الوطن البديل” التي لا تزال تراود بعض زعماء اليمين الإسرائيلي.

قطع اتفاق السلام الأردني – الإسرائيلي الطريق على المشروع الإسرائيلي الهادف إلى تهجير فلسطينيين من الضفّة الغربيّة إلى الأردن. هذا ما رفضت “حماس” فهمه، كذلك “الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانية التي سعت دائما إلى تهريب سلاح إلى الأردن مستغلة وجود النظام العلوي في سوريا. سمح النظام السوري، الذي سقط في الثامن من كانون الأوّل – ديسمبر الماضي بوجود عسكري إيراني في الجنوب السوري قرب الحدود مع الأردن. زاد النشاط الإيراني الذي يستهدف تهريب أسلحة ومتفجرات إلى الأردن، بحجة أن المطلوب تمكين “حماس” من فتح جبهة أخرى مع إسرائيل.

من الواضح أنّ “حماس” التي لم تستوعب بعد أبعاد سقوط النظام السوري تسعى إلى نقل تجربة غزّة إلى المملكة. لم تفهم “حماس” أن الأردن شيء وغزة شيء آخر وأن الأردن بلد مؤسسات راسخة ومتينة أولا. ينمّ ذلك عن جهل كبير بالأردن وقدرته على الصمود في وجه العواصف، بما في ذلك كلّ المحاولات التي بذلتها إيران طوال أربعين عاما من أجل إيجاد موطئ قدم لها في المملكة بهدف التخريب ليس إلّا. المستغرب قبول الإخوان المسلمين لعب الدور المطلوب منهم في سياق ما تضمره “حماس” وإيران وما كان يضمره النظام السوري الساقط للأردن. كلّ ما في الأمر أنّ الإخوان في الأردن خانوا الأمانة على الرغم من كل ما يصدر عنهم من مواقف نافية لذلك. أثبت جهاز المخابرات الأردني أنّه قادر على الإتيان بأدلة دامغة على تورط الإخوان في التآمر على البلد الذي أواهم وحماهم ووفر لهم فرصة ممارسة نشاط سياسي ذي طابع سلمي بعيدا عن توجيهات خارجية.

قد لا تكون “حماس” تعرف ما هو الأردن، كذلك إيران ونظام آل الأسد، لكن وقوع الإخوان المسلمين في المملكة في فخّ التآمر على البلد جريمة لا تغتفر. في أساس الجريمة أنّ “حماس” جزء لا يتجزّأ من تنظيم الإخوان وفكرهم. إنّها بالفعل جريمة لا تغتفر، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار التجربة التاريخية لإخوان الأردن مع نظام سمح لهم بهامش كبير من الحرّية في وقت كانوا فيه مطاردين في معظم أنحاء المنطقة!

مع انكشاف الدور السلبي للإخوان المسلمين في الأردن، دخل البلد مرحلة جديدة تفرض إعادة الاعتبار للحياة السياسية والبرلمانية بعيدا عن الأجندات الخارجية. يفرض ذلك عودة إلى شعار “الأردن أولا” الذي أطلق في بداية عهد عبدالله الثاني قبل ربع قرن من الزمن. يعني هذا الشعار قبل أي شيء آخر تقديم مصلحة الأردن على كلّ مصلحة أخرى من جهة وأن تضع كلّ القوى السياسية نفسها في خدمة المملكة وليس في خدمة “حماس” وإيران من جهة أخرى.

لعلّ السؤال الذي سيطرح نفسه في المستقبل المنظور ما التحولات التي ستطرأ على المشهد السياسي الأردني في ضوء حل جماعة الإخوان… وفي ضوء الموقف الأردني الواضح من الكارثة التي أخذت إليها “حماس” قطاع غزّة وأهله؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جريمة الإخوان المسلمين في حق الأردن… جريمة الإخوان المسلمين في حق الأردن…



GMT 00:06 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

استقرار واستدامة

GMT 00:01 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

نسخة ليبية من «آسفين يا ريّس»!

GMT 23:59 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

بضع ملاحظات عن السلاح بوصفه شريك إسرائيل في قتلنا

GMT 23:58 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

ليبيا... أضاعوها ثم تعاركوا عليها

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

الأديان ومكافحة العنصرية في أوروبا

GMT 23:52 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

إن كنت ناسي أفكرك!!

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

سوء حظ السودان

نجمات الموضة يتألقن بإطلالات صيفية منعشة تجمع بين البساطة والأنوثة

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:25 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

أمير قطر يتسلم رسالة خطية من الرئيس السوداني

GMT 18:16 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

زيت شجرة الشاي لعلاج التهاب باطن العين

GMT 04:56 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حركة النقل الجوي في مطارات المغرب بنسبة 1.79 %

GMT 13:04 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة "المغانا" تتبرأ من "تيفو" مباراة المغرب والغابون

GMT 22:00 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ناصيف زيتون يحي صيف النجاحات وسط حضور جماهيري حاشد

GMT 19:55 2022 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

هبوط أسعار النفط مع تنامي مخاوف الصين من فيروس كورونا

GMT 15:06 2022 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أرباح "مصرف المغرب" تبلغ 438 مليون درهم

GMT 12:29 2022 السبت ,07 أيار / مايو

أفضل أنواع الهايلايتر لجميع أنواع البشرة

GMT 17:41 2022 السبت ,09 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4,3 درجات في إقليم الدريوْش

GMT 23:50 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

"ناسا" ترصد مليون دولار لمن يحل مشكلة إطعام رواد الفضاء

GMT 20:42 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

مدريد تستعد لأشد تساقط للثلوج منذ عقود

GMT 01:34 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المودل سلمى الشيمي ومصورها

GMT 22:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مُساعد جوسيب بارتوميو يظهر في انتخابات نادي برشلونة المقبلة

GMT 15:54 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز التوقعات لعودة تطبيق الحجر الصحي الكامل في المغرب

GMT 19:12 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أمن طنجة يحقق في اتهامات باغتصاب تلميذ قاصر داخل مدرسة

GMT 23:35 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

فساتين سهرة باللون الأخضر الفاتح

GMT 23:41 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

بلاغ هام من وزارة "أمزازي" بشأن التعليم عن بعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib