دعوا المسلسل ينتهي بما له وما عليه

دعوا المسلسل ينتهي بما له وما عليه

المغرب اليوم -

دعوا المسلسل ينتهي بما له وما عليه

توفيق بو عشرين

قبل أقل من أسبوع من انطلاق التصويت على الرئيس المقبل لمجلس المستشارين، تحركت النيابة العامة في أكثر من مدينة، وبدأت تستدعي مستشارين من الغرفة الثانية للتحقيق معهم في شبهة تورطهم في فساد انتخابي، واتهامهم بشراء الأصوات لدخول الغرفة الثانية بناء على ما نسب إليهم من محادثات ومكالمات التقطها التنصت على الهواتف.
من واجب القضاء أن يحقق في الفساد الانتخابي والسياسي والحزبي لتطهير البلاد من آفة بورصة الانتخابات التي عرفت اتساعا وتطورا كبيرين في هذه الانتخابات، ومن واجب القضاء أن يحقق في أية شكاية أو وشاية أو مكالمة أو تصريح أو تلميح أو حساب يشتم منه رائحة البيع والشراء في أصوات الناخبين الكبار والصغار، ومن واجب القضاء، ثالثا، أن يحمي سلامة الاقتراع والتعبير عن إرادة الأمة في انتخابات شفافة ونزيهة خدمة للديمقراطية…
هذا هو المبدأ، لكن هناك التفاصيل والتوقيت والشكل والظروف التي تمر منها البلاد، وأحوال القضاء الذي يعاني هو نفسه أعطابا كثيرة… لهذا أزعم أن توقيت تحرك القضاء الواقف للتحقيق في شبهة استعمال المال في الانتخابات توقيت غير مناسب إطلاقا الآن، لماذا؟
أولا: لقد ظلت النيابة العامة تتابع الأخبار والتصريحات والاتهامات المتبادلة بين الأحزاب حول استعمال المال لشراء الأصوات منذ انطلاق أول حلقة في المسلسل الانتخابي، وأقصد انتخابات الغرف المهنية، ولم تتحرك للتحقيق أو الاستماع لأحد، ثم جاءت الانتخابات الجماعية، ثم لحقتها انتخابات رئاسة الجهات الاثنتي عشرة، والتي وصلت رائحتها إلى عنان السماء، فلماذا تتحرك النيابة العامة في الربع ساعة الأخير، وقبل إسدال الستار على هذا المسلسل غير المشوق؟ التوقيت سؤال مشروع.
ثانيا: إن دخول القضاء الجالس على الخط الآن، ونحن على بعد أيام من انتخابات رئاسة مجلس المستشارين، سيحمل شبهة سياسية تقول: إن هناك من سيوظف الملفات المفتوحة للمستشارين من أجل الضغط عليهم ليصوتوا لصالح مرشح حزب دون آخر، أو ليدفع مستشارين آخرين للتغيب عن الحضور يوم الاقتراع، أو ليصوتوا بأوراق بيضاء، وذلك خدمة للحزب الذي تحوم حوله شبهات، تتعاظم يوما بعد آخر، حول كونه حزبا محظوظا ويحظى بالعطف من قبل جهات لها تأثير على القرار.
ثالثا: لقد بدأ الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، يحتج ويصرخ من الألم. تأملوا هذا التصريح الذي أدلى به أمس للصحافة: «لقد استدعت الشرطة القضائية أبنائي والمتفشية العامة للحزب بفاس في الثانية عشرة ليلا يوم الثلاثاء، وذلك ليرعبوها وليرعبوا عائلتي. حزب الاستقلال مستهدف من قبل وزارة الداخلية، ومن الواضح أنهم يريدون التأثير على انتخابات مجلس المستشارين».
تأخير المتابعات القضائية أسبوعا لن يؤثر على الملف ولا على التسجيلات الموضوعة تحت يد القضاء، لكن تحريك الملفات الآن سيعطي للتوقيت بعدا سياسيا، حتى وإن كان غير موجود، وسيعطي الأطراف الحزبية سلاحا لتوظيف المتابعات القضائية في صراعها على الظفر برئاسة مجلس النواب.. صراع أخذ أبعادا سياسية لم يكن أحد يتصورها لغرفة أعيان يراد لها أن تستمر أداة ورمزا لعرقلة الغرفة الأولى، وتأخير التشريع، وإعطاء وزن للمعارضة لا تتوفر عليه في الواقع.
إن النازلة التي بين أيدينا تدفع العقلاء في هذه البلاد وفي البرلمان وفي الأحزاب السياسية إلى مراجعة قرار إخراج النيابة العامة عن أية مراقبة مؤسساتية للحكومة. الوكيل العام للملك ووكيل الملك ونوابهما ليسوا قضاة بالمعنى الحرفي للقضاة، أي أن قراراتهم ليست كلها قانونية، بل فيها شق قانوني وشق «سياسي» يراعي الظروف والأحوال وملابسات تحريك الدعوى العمومية، وهو ما يسمى سلطة الملاءمة في بلاد نظامها القضائي لا يطبق القانون مباشرة في تحريك الدعاوى العمومية، بل يخضعها للملاءمة وللسياسة الجنائية المتبعة، بهذا المعنى فإن النيابة العامة لها وجه قانوني ولها وجه سياسي.. وجهها القانوني يحسم فيه القضاء الجالس، فيرفض اتهاماتها أو يؤيدها في أحكام قابلة للطعن، أما وجهها السياسي، إذا لم يكن خاضعا لمراقبة سلطة منتخبة تمثل الناس، فهو يجعلها تصير دولة داخل الدولة…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعوا المسلسل ينتهي بما له وما عليه دعوا المسلسل ينتهي بما له وما عليه



GMT 00:10 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

أزمة النووي الإيراني.. أي مسار سنشهد؟‎

GMT 00:06 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

قمة لا غرب فيها

GMT 00:03 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

وميضٌ عربي في بحر الظلمات

GMT 00:00 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

لبنان وخطر العودة إلى العادات القديمة

GMT 23:58 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«واقعة» صبي المنبر

GMT 23:56 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

«عيد ميلاد سعيد».. أمل جديد!

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 16:36 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

عملية جراحية ناجحة للاعب الفتح أنس العمراني

GMT 08:53 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

إدماج المرأة الجميلة في التنمية!

GMT 14:17 2015 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

نصائح جمالية لصاحبات العيون المبطنة

GMT 08:40 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة السورية سارة نخلة تُشارك في مسلسل"هبة رجل الغراب 4"

GMT 02:49 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

النواصرة يستطيع تصميم أي مجسّم من الأسلاك

GMT 21:50 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الثلاثاء

GMT 00:49 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بن ثاير مدربا جديدا للترجي لكرة اليد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib