حكاية استخفاف معلن

حكاية استخفاف معلن

المغرب اليوم -

حكاية استخفاف معلن

توفيق بو عشرين

وأخيرا خرج إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، عن صمته، ويبدو أنه اختار الهروب إلى الأمام عِوَض تحمل مسؤولية النكبة التي أصابت حزب القوات الشعبية، الذي خرج خاوي الوفاض تقريبا من الانتخابات الجماعية والجهوية… بدا إدريس لشكر، في الندوة الصحافية التي عقدها يوم أمس في الرباط، مجروحا وغاضبا، لهذا كان يطلق النار في كل اتجاه، على الأصدقاء والأعداء، على الحلفاء والخصوم، على السياسيين والصحافيين والقضاء والداخلية والأمن، ولم يجد في قاموس السياسة الغني ما به يصف التزوير والاختلالات التي طبعت كل المسلسل الانتخابي، لهذا لجأ إلى القاموس الجنسي، وقال إن ما جرى في الانتخابات، من شراء للأصوات والذمم, لا يختلف في شيء عن سوق الدعارة حيث البيع والشراء.
هذه المقدمة كانت ضرورية من قبل القيادة الاتحادية لتبرير النتائج الهزيلة التي حصل عليها الحزب، فمادامت الانتخابات مزورة فلا معنى للحديث عمن فاز ومن خسر «الكل في الهوا سوا».. هذا يذكرني بما صرح به إلياس العمري عندما سألته في برنامج «90 دقيقة للإقناع» عن فشل حزبه الكبير في المدن.. قال: «لا وجود للمدن في المملكة.. المغرب بادية كبيرة»!
ومع ذلك وجد القائد الاتحادي المحنك نقطة إيجابية في أرقام حزبه ونتائجه الكارثية، ووجد، بعد بحث مضن بين مخلفات الدمار، غنيمة أو غنائم صغيرة يقدمها للرأي العام الذي كان ينتظر منه قرارا جريئا وتحملا كاملا للمسؤولية.. اسمعوا وصدقوا يرحمكم الله، فالكلام للزعيم وبالحرف: «ما بين انتخابات 2003 و2009 فقد الحزب 300 ألف صوت، أما ما بين 2009 و2015 فقد الحزب فقط 100 ألف صوت»!
أليس هذا إنجازا كبيرا يجب أن تشكروا الاتحادي الأول عليه؟! لقد قلل خسائر الاتحاد من 300 ألف صوت إلى 100 ألف صوت، ومن هنا إلى 2021 قد يخفض الخسارة من 100 ألف صوت إلى 50 ألف صوت، ومن ذلك التاريخ إلى 2027 -إذا أطال الله في العمر- قد يخفض الخسارة إلى 10 آلاف صوت أو أكثر قليلا… اصبروا ورابطوا فنحن في زمن الخسارات، وإننا ندبر الهزائم ولا نخطط للانتصارات، ولا تستهينوا بهذه المهمة، فالجنود يحتاجون إلى قائدهم في الهزيمة أكثر مما يحتاجون إليه في النصر…
ماذا قال إدريس لشكر عن طرد الاتحاد من المدن الكبرى والمتوسطة وحتى الصغرى واندحاره إلى البوادي؟ قال وبالحرف دائما: «الاتحاد خرج من المدن الكبرى منذ تجربة التناوب وليس اليوم».
أولا، هذا الكلام غير دقيق، لقد بقي الاتحاد بعد التناوب في أكثر من مدينة (الرباط، أكادير، طنجة…)، لكن، بدون مماحكات مع الزعيم، إذا كان الاتحاد قد طرد من المدن بسبب وجوده في الحكومة فهو الآن في المعارضة، ومن المفروض أن يستعيد عافيته وأن يصحح مساره، لا أن يستمر نزوله إلى الدرجات السفلى. مهمة القائد الحزبي أن يصالح الناخبين مع الحزب ومشروعه ونخبه وصورته، لا أن يعلق الفشل على تاريخ مضى وقادة تقاعدوا منذ سنوات.
مع كل هذه التبريرات ماذا وجد لشكر في المسيرة الانتخابية المخيبة للآمال من نقاط مضيئة؟ اسمعوا مرة أخرى الكاتب الأول للاتحاد: «كان رهان خصوم الحزب، في الداخل والخارج، ألا يصل الاتحاد إلى عتبة الدعم العمومي، في حين ضمنت القيادة الحالية 5 سنوات من الدعم العمومي».
برافو عليك السيد القائد، لقد خيبت ظنون الأعداء الذين كانوا يتوقعون من الاتحاد ألا يصل إلى العتبة التي تخوله الحصول على الدعم العمومي، البالغ 10 ملايين درهم، وها قد وصل إليها بحمد الله وتوفيق من القيادة التي لقنت الخصوم، في الداخل والخارج، درسا لن ينسوه أبدا، ولمدة خمس سنوات فوق هذا!
عفوا السيد لشكر، الآن بددت سوء الفهم الذي كان حاصلا بينك وبين الكثير من أبناء الاتحاد والمتعاطفين معه. أنت تنظر إلى الاتحاد كحزب صغير يصارع من أجل العتبة، وهم كانوا حالمين يتصورون حزب القوات الشعبية حزبا كبيرا له مشروع ورؤية وطموح كبير إلى أن يلعب أدوارا استراتيجية في المغرب.. طبيعي أن ينتكسوا بهذه النتائج التي خيبت آمالهم، وطبيعي أن ترى أنت أن الحصول على عتبة الدعم العمومي إنجازا كبيرا ونصرا مبينا، لكن السؤال هو: هل انتخبك المؤتمر الأخير للحزب لكي تحافظ للاتحاد على الحد الأدنى من الدعم؟
لا أجد أبلغ من صرخة محمد الأشعري الذي طالته نيران الزعيم لأختم بها هذا التعليق.. قال وزير الثقافة السابق في حوار مع هذه الجريدة أول أمس: «لا يمكن لهذه القيادة أن تستمر في استخفافها بألم الاتحاديين وهم يَرَوْن حزب المهدي، في الذكرى الـ50 لاستشهاده، يُسرق منهم ويدفن حيّا، ويرون أمثال ولد العروسية يتصدرون القوائم الانتخابية».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية استخفاف معلن حكاية استخفاف معلن



GMT 14:22 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

السياسة بدل السلاح… في تركيا ولبنان!

GMT 14:21 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

رصاص الحكومة

GMT 14:20 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

السوداني وشعار: العراق أولاً

GMT 14:19 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

أحوال الشام في عيون الريحاني

GMT 12:58 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

سوريا في محنة جديدة مفتوحة الأمد

GMT 12:57 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

سلاح وجبال ومتسلقون

GMT 12:55 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

درس السويداء السورية

GMT 12:54 2025 الجمعة ,18 تموز / يوليو

أنت وسام أم عبد القادر؟!

GMT 06:01 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

النجمة غادة عبد الرازق تنشر صورة تكشف إصابتها في قدمها

GMT 10:17 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 4

GMT 00:32 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

عموتة ينفي صلته بقرار إبعاد المياغري عن فريق الوداد

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 03:49 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

فاطمة سعيدان تكشف أن "عنف" استمرار لتقديم المسرح السياسي

GMT 07:51 2024 الجمعة ,05 تموز / يوليو

Red Magic تطلق حاسوبها المحمول للألعاب Titan 16 Pro

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

نوال الزغبي بإطلالات مُميزة بالأزياء القصيرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib