راك معروف…

راك معروف…

المغرب اليوم -

راك معروف…

بقلم : توفيق بو عشرين

لا أعرف إطفائيا في العالم يصب الزيت فوق النار مثلما يفعل وزير الداخلية محمد حصاد، الذي فلتت منه عبارة «بوليسية» قديمة تقول: راكوم معروفين… التي تحمل نبرة التهديد والوعيد، لكنها تحمل الطابع الرسمي للمفهوم القديم للسلطة… المغرب يغلي، والتظاهرات تعم جل مدنه الكبرى، والناس مصدومون من «طحن البشر في شاحنات الأزبال»، والفوضى التي تعم موانئ الصيد، ووزير الداخلية، المسؤول الأول عن الإدارة الترابية، يخرج بتصريح مستفز للمواطنين الذين خرجوا، في تظاهرات سلمية وحضارية، للاحتجاج على غياب الحكامة الأمنية والإدارية، وعلى احتقار السلطة للمواطن، حيث قال لهم: «راكوم معروفين»، وقبل هذه العبارة، التي جلبت عليه سخط الرأي العام، قال: «سيدنا عطى تعليمات باش وزارة الداخلية تجمع مختلف العمال والولاة وباقي المصالح الأمنية لتعطيهم أوامر جلالة الملك بتطبيق القانون، مع حفظ كرامة المواطنين، والجهات التي تدعو إلى الاحتجاج في مواقع التواصل الاجتماعي راها معروفة». هذا البيان الجديد من وزارة حصاد يستدعي عدة ملاحظات:
أولا: العمال والولاة والقياد والشيوخ والمقدمون ومخازنية والبوليس والمخبرون، وكل ذي سلطة، لا يحتاجون إلى من يذكرهم بتطبيق القانون. هم يحتاجون إلى من يعطيهم القدوة في تطبيق القانون، وثانيا، يحتاجون إلى من يحميهم إذا طبقوا القانون، وثالثا، هم في حاجة إلى رؤية أفعال لا سماع أقوال.
منذ 12 أكتوبر 1999، سمع كل رجال ونساء الإدارة الترابية الملك محمد السادس يتحدث عن المفهوم الجديد للسلطة، ومنذ 17 عاما والمفهوم القديم للسلطة هو العملة الرسمية للدولة في الشارع والإدارة، ومنذ ذلك الوقت والناس يشكون تجاوزات السلطة و«حگرة المخزن»، وكلما احتجوا يجدون أنفسهم في الأرض والعصا فوقهم، أو في السجن والأحكام وراءهم، أو عرضة لكلاب الصحافة المخدومة تنهش لحمهم الحي… ماذا سيقول حصاد لآلة السلطة أكثر مما سمعت في الخطب الملكية وهي ترى شيئا مناقضا على الأرض؟ هل ستقنع عاملا أو واليا أو قائدا بالمفهوم الجديد للسلطة، وبضرورة احترام القانون، وهو يرى وزيره يصدر بلاغ «خدام الدولة» يدافع عن والي الرباط، عبد الوافي لفتيت، الذي اشترى المتر الواحد من الأرض بثمن «البونج»، وحصل على فيلا في الكيلومتر 9 بأرقى أحياء الرباط بـ350 درهما للمتر مربع.
كيف سيقتنع رجال ونساء الإدارة الترابية بالمفهوم الجديد للسلطة وهم يَرَوْن أن وزارتهم متهمة بـ«هندسة الانتخابات»، ودعم حزب على حساب حزب، بشهادة الحزب الأول في المغرب الذي أصدر بيانا يوم الاقتراع الماضي يقول فيه: «إن هذا منكر».
ثانيا: «راكوم معروفين» ادعاء لا يسنده واقع، فيستحيل أن تعرف مصالح وزارة الداخلية وملحقاتها كل المواطنين الذين يدعون إلى التظاهر في الفايسبوك والواتساب، أو الذين عبروا عن تضامنهم من شهيد الكرامة في الحسيمة، فهؤلاء بالملايين وليسوا بالمئات ولا الآلاف، وإحصاؤهم مستحيل، وحتى إن صرفت مصالح الداخلية أموالا ووقتا ومجهودًا لتصنيفهم وحصرهم في لوائح طويلة أو قصيرة، فإن هذا الأمر من باب العبث، لأن ذلك بلا فائدة، فلا أحد يقف في وجه الموج العاتي، ولا أحد يتصدى للبراكين عندما تنفجر. الجهد والمال والوقت يجب أن تصرف لمعرفة الأسباب التي تجعل المغربي اليوم يخرج إلى الشارع للتظاهر من أجل الكرامة، والجهد والوقت والذكاء يجب أن تنصرف لإزالة الألغام التي تهدد استقرار البلاد في كل لحظة وحين.
ثالثا: لا أعرف لماذا يقحم وزير الداخلية اسم الملك في هذه «الأزمة». الاختباء وراء اسم الملك لا يحل المشاكل بل يعقدها. المطلوب، أمام هذه الأزمات الكبرى، أن تتحمل الحكومة ووزارة الداخلية مسؤوليتيهما في إدارة الأزمة، وأن تقبلا دفع كلفة إصلاح أخطائهما، لهذا، توجد المؤسسات، وتوجد الاستقالات، وتوجد العقوبات، ويوجد اختراع اسمه «ربط المسؤولية بالمحاسبة»، أما اللجوء إلى عمليات التواصل les opérations de com، فهذا لا يجدي نفعا، فالشعب أصبح من الذكاء أكثر مما يتصور «المخزن»، وهذا ما يفسر التباعد الحاصل اليوم بين توقعاته والحقائق على الأرض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

راك معروف… راك معروف…



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 15:33 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

استقرار مؤشرات الأسهم اليابانية في ختام التعاملات

GMT 10:19 2022 الجمعة ,18 شباط / فبراير

الرجاء المغربي ينهي استعداداته لقمة وفاق سطيف

GMT 13:30 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"هواوي" تطرح أجهزة رائدة في السوق المغربية

GMT 07:05 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد إصابتها بـ”كورونا” الفنانة المصرية نشوى مصطفى تستغيث

GMT 13:00 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أحدث صيحات فساتين الزفاف لعام 2020

GMT 12:10 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي حقيقة صورة محمد هنيدي مع إعلامي إسرائيلي

GMT 00:44 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

بولهرود يغير وجهته صوب "ملقا الإسباني"

GMT 14:21 2018 الأحد ,24 حزيران / يونيو

الطاقة النظيفة تغطي 70% من احتياجات موريتانيا

GMT 08:59 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

مطعم على هيئة "سيارات كلاسيكية"في تايوان

GMT 22:18 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

المالي دياكيتي يوقع للجيش الملكي

GMT 18:44 2018 الثلاثاء ,22 أيار / مايو

9 سيارات ستختفي من الأسواق العالمية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib