ارحموا من في الأرض…
باكستان تسجل 23 إصابة جديدة بحمى الضنك خلال 24 ساعة في إسلام آباد مصرع خمسة متسلقين ألمان في انهيار ثلجي بجبال الألب الإيطالية مصرع خمسة وثلاثين شخصا وفقد خمسة آخرين بسبب الفيضانات في وسط فيتنام إشتعال ناقلة نفط روسية وسط هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية في البحر الأسود إنفجار عنيف في مستودع أسلحة لقسد بريف الحسكة وسط تحليق مسيرة مجهولة ومصادر تتحدث عن حالة هلع بين السكان حركة حماس تعلن العثور على جثث ثلاثة رهائن في غزة وتنفي اتهامات أميركية بشأن نهب شاحنات مساعدات الأسرة المالكة البريطانية تعرب عن صدمتها بعد هجوم طعن في قطار بكامبريدجشير أسفر عن إصابات خطيرة غارة إسرائيلية على كفررمان تقتل أربعة من عناصر حزب الله بينهم مسؤول لوجستي في قوة الرضوان غارات إسرائيلية مكثفة تهزّ قطاع غزة وتثير مخاوف من إنهيار إتفاق وقف إطلاق النار نادي وولفرهامبتون الإنجليزي يستقر على فسخ التعاقد مع البرتغالى فيتور بيريرا المدير الفنى للفريق
أخر الأخبار

ارحموا من في الأرض…

المغرب اليوم -

ارحموا من في الأرض…

بقلم : توفيق بو عشرين

هذا أفضل توقيت لإعادة قراءة خريطة الفقر والهشاشة في بلادنا، ونحن على أبواب تشكيل حكومة جديدة وكتابة تصريح حكومي جديد، ومناقشة مشروع قانون مالي جديد في البرلمان، ولهذا، أحسن شيء قام به أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، هو اختيار هذا التوقيت لعرض نتائج دراسة صادمة أنجزها أخيرا حول الاستهلاك ونفقات الأسر، وفيها أعلن حقيقة مغربية مثيرة، وهي أن الميسورين يعيشون أفضل من الفقراء بـ24 مرة، وأن الفوارق الاجتماعية علامة مغربية صاحبت البلاد منذ عقود، إلى درجة أن الجميع يتعايش معها ولا يفكر في تقليصها، ويعتقد أنها قدر من السماء لا راد له، وهذا هو أخطر ما في ثقافة الفقراء.. اعتقادهم أن الله تعالى هو المسؤول عن فقرهم، وأنه يختبر إيمانهم، ويعدهم بالتعويض في الآخرة لا في الدنيا، ولهذا، كل ما يفعله الفقراء، خاصة في البوادي، أنهم يرفعون أكفهم إلى السماء طلبا للرزق، ولا يرفعون صوتهم في وجه الدولة طلبا لحقهم في خيرات البلاد التي توزع في غيبة منهم.
ولأن الذي لا يحارب الفوارق الاجتماعية تحاربه، فإن الهوة تكبر كل يوم بين الطبقات، إلى درجة أننا أصبحنا نعيش في أكثر من مغرب تحت سماء واحدة.
تقول الدراسة إن معدل الدخل الفردي انتقل من 11000 درهم سنويا (916 درهما في الشهر) سنة 2011، إلى 19000 درهم سنويا (1583 درهما شهريا) في 13 سنة الأخيرة، وهذا الرقم يمكن قراءته من جانبين؛ من جانب الحجم الزيادة فهو مهم، لكن، من جانب قيمة هذا الدخل وقدرته على تغطية الحد الأدنى لعيش المواطن، ومقارنته بدول أخرى عربية وإفريقية، فهنا يصبح الرقم صادما، ويعكس حجم الفوارق الاجتماعية الموجودة في بلاد يعيش فيها المواطن بـ52 درهما في اليوم… إذا كان معدل دخل المواطن المغربي يزداد كل سنة بحوالي 5٪‏، فإن كلفة المعيشة تزداد بـ3,5%، وتمتص أي قدرة على إحداث التوازن بين الدخل والاستهلاك، والنتيجة أن البلاد فيها أكثر من ستة ملايين فقير، 89٪‏ منهم في البادية.
الميسورون في المملكة الشريفة هو تعبير يدخل تحته الأغنياء وبعض متوسطي الحال، الذين ينفقون 24 مرة أكثر من الفقراء على تعليم أبنائهم، ويصرف الميسورون 100 مرة أكثر على الترفيه من الفقراء، و24 مرة أكثر في الاتصال، و44 مرة أكثر في التنقل، أي أن الفقير عندما يصرف على ابنه في المدرسة 1000 درهم في السنة، فإن الميسور يصرف 24 ألف درهم. هذا معناه أن ابن الميسور لديه حظوظ في النجاح والتفوق في الدراسة تفوق 24 مرة حظوظ ابن الفقير بالنظر إلى انهيار منظومة التعليم العمومي، وتوقف المدرسة عن أن تكون مقعدا اجتماعا، وآلية لضمان المساواة في الترقي الاجتماعي الذي يمر عبر التعليم. هذا معناه، ثانيا، أن الفقراء سيلدون فقراء أكثر منهم، وأن الأغنياء سيلدون أغنياء أكثر منهم.
أخطر خلاصة جاءت في الدراسة هي تلك التي تقول: «إذا استمر المغرب على هذه الوتيرة من النمو (سيناريو الاستمرارية)، فإن المملكة لكي تحد فقط من 50٪‏ من الفوارق فإنها تحتاج إلى 24 سنة)، أي أن بلادنا لكي تربح فقط نصف المسافة الفارقة بين مستوى الميسورين ومستوى الفقراء تحتاج إلى خمس حكومات مقبلة، هذا إذا حافظت على هذه الاستمرارية في الطريق نفسه، ولم ترجع إلى الوراء… هذه الحقيقة رسالة إلى الحكومة المقبلة، ورئيسها المطالَب برفع سرعة تحركه وعمله وإنجازه خمس مرات، حتى تربح معه البلاد 20 سنة من رحلة الحد من الفوارق. هذا هو جوهر البرنامج الحكومي المقبل، وهذا هو الهدف الحقيقي خارج الكلام والشعارات والخطب والوعود.
البلاد تعج بالفوارق الاجتماعية بين الأفراد والمدن والجهات والطبقات والمدينة والقرية التي مازال الكثير من أهلها يعيشون مثلما عاش أجدادهم في القرون الوسطى، وأسوأ أنه لا يصلهم من دولة المركز إلا ظلم القائد والشيخ والدركي، وانتخابات تنظم كل خمس سنوات يساقون إليها لقول «العام زين». لقد كان منظر ذلك القروي المعزول في دوار…. بخنيفرة عندما سأله الملك محمد السادس، الذي زارهم لأول مرة: «ماذا تطلبون؟»، فرد عليه القروي بكل ما فيه من واقعية: «الريزو نعماس باش الهاتف يشتغل، ونقدرو نوصلو صوتنا إلى المدينة طلبا للإغاثة إذا مرض واحد فينا، أو عزلتنا الثلوج في دوار لا طريق يربطه بالعالم».
بلاد يعيش فيها ستة ملايين فقير، ودخل الفرد فيها لا يتجاوز 1583 درهما في الشهر لا يحق لمسؤوليها أن يناموا، ولا يحق لخدام الدولة فيها أن يصرفوا مثل الأغنياء. أخبرني وزير في حكومة بنكيران أنه قال لمسؤول فرنسي جاء لزيارة المغرب: «نحن بلد فقير نصرف مثل دولة غنية، وأنتم بلد غني تصرفون كأنكم في دولة فقيرة». هذه العبارة تلخص كلمات كثيرة لا ضرورة لها أمام بشاعة الخريطة الاجتماعية التي تتغذى على كرامة البشر وصحة الإنسان وسعادة الكائن البشري وتماسك الأسر.
الثقافات في العالم نوعان؛ الأولى مشكلتها مع الغنى، والثانية مشكلتها مع الفقر، ونحن من النوع الثاني. ليس مطلوبا أن نُنزل الأغنياء والطبقات الوسطى إلى قاع المجتمع.. المطلوب هو وضع سلالم وقناطر لصعود الفقراء إلى حيث الحد الأدنى من العيش والكرامة والرحمة.. «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارحموا من في الأرض… ارحموا من في الأرض…



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة _ المغرب اليوم

GMT 21:19 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
المغرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 09:09 2016 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

7 فنانين مصريين أكدوا نظرية "الموهبة ليست لها وقت أو سن"

GMT 01:07 2017 الخميس ,23 شباط / فبراير

خالد عبد الغفار يشدّد على تحسين "البحث العلمي"

GMT 16:42 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

إصابة مدير سباق فرنسا الدولي للدراجات بكورونا

GMT 15:00 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

محمد باعيو يكلف الجيش الملكي 100 ألف دولار

GMT 21:04 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib