ماذا يزعج في رسالة الزفزافي

ماذا يزعج في رسالة الزفزافي؟

المغرب اليوم -

ماذا يزعج في رسالة الزفزافي

بقلم - توفيق بو عشرين

ماذا أزعج السجان الأول في المملكة في رسالة ناصر الزفزافي، التي حملها النقيب محمد زيان إلى القضاء والإعلام؟ وما الداعي لكي ينصب التامك نفسه محاميا عن ناصر الزفزافي يفتي في ما ينفعه وما يضره؟ ومتى كانت إدارة السجون تتكفل بتنقيط المحامين الذين ينصبهم المعتقلون للدفاع عنهم؟ ومن أعطى التامك صلاحية النيابة العامة حتى أصبح يوجه إلى نقيب ومحامٍ تهمة إذكاء الفتنة، وخدمة أجندة خاصة، والتحريض على تأجيج الوضع؟ وكيف يعطي قاضي التحقيق الإذن لزيان بالتخابر مع موكله، ويحرمه مدير السجون من هذا الحق؟

هذه سابقة من نوعها لم نسمع عنها من قبل لا في سجون المغرب ولا في سجون الموزمبيق، مع الاعتذار إلى كل الدول الإفريقية الصديقة وغير الصديقة. مندوب السجون يشتغل، نظريا، تحت تصرف رئيس الحكومة، وهو جزء من الجهاز التنفيذي، وظيفته فتح وإغلاق الزنازين، وتغذية وتطبيب المسجونين، وضمان سلامتهم، وإعادة تأهيلهم إلى أن يغادروا، بلا رجعة، فضاء السجن، وليس من اختصاصه، قانونا ومنطقا، أن يتدخل في آراء المعتقلين، ولا في رسائلهم، ولا في علاقتهم بمحاميهم، أو في استراتيجية دفاعهم، ولا في مجريات ملفاتهم… هذه أشياء لا تخصه، كما لا يخصه سلوك المحامين، ولا طريقتهم في الدفاع عن موكليهم.. هذه أمور تدخل في اختصاص الهيئة التي تنظم عمل المحامين والنيابة العامة.

التامك، الذي سبق له أن كان معتقلا سياسيا في سجون المملكة، يعرف هذه الحقائق بالتجربة قبل التكوين، وهذا ما يبعث على الاستغراب في بيانه الصادر يوم أمس، والذي أطلق فيه نيرانا كثيفة على زيان، الذي بدأ يزعج جهات في السلطة لا تريد لأحد أن يشارك في إدارة ملف حراك الريف، ولا تريد لهذا الملف أن يغلق بسلام، لأن ذلك سيفتح الباب لمحاكمة المقاربة الأمنية التي اعتمدت بناء على معلومات خاطئة رفعت إلى السلطات العليا، كانت تقول إن الزفزافي «انفصالي»، وإن حركته راديكالية، وإن الوصول معه ومع رفاقه إلى حل وسط مستحيل، لأن مطالب الريف سياسية وليست اجتماعية، وأن روح الحراك ضد النظام، وليست ضد الحكومة والأحزاب وممثلي السكان والإدارة.

حتى وإن كانت الرسالة التي حملها زيان من داخل زنزانة ناصر غير دقيقة أو غير صحيحة، أو بغير اتفاق بين المعتقل ومحاميه، فإن إدارة السجن كان يجب أن تبقى بعيدة عن الخوض في هذا الملف. بالعكس، لو كانت تتمتع بشيء من الذكاء لرأت في هذه الرسالة، التي وضعها زيان بيد قاضي التحقيق، بادرة جيدة لتبريد حرارة طاجين الريف، ونزع طابع التوتر عنه… لكن، على من تتلو مزاميرك يا داود…

يقول ناصر الزفزافي في الرسالة المنسوبة إليه: «ونحن نرسم مسيرة الحرية والكرامة من داخل السجون، أجدد التأكيد لكم على براءتنا من جميع التهم الموجهة إلينا، وأنها محض افتراءات ومكائد، لا غرض من ورائها سوى محاولات يائسة لإسكات صوت الحرية الذي خرج منذ استشهاد الشهيد محسن فكري، رحمة الله عليه، لفضح المفسدين من سلطات محلية، ومنتخبين، ومسؤولين حكوميين، ودكاكين سياسية، عملت، على مدى سنوات، على نهب خيراتنا، وقمع وتركيع إخواننا وأبنائنا، وإيهامنا بوعود كاذبة حول مشاريع تنموية وهمية وغير قابلة للإنجاز، ولم يسلم من كذبهم ومؤامراتهم حتى ملك البلاد، الذي كان أملنا أن تنكشف حقيقتهم المخزية أمامه ليطبق في حقهم ما يحتمه القانون من عقاب ومحاسبة، في دولة ترفع شعار الحق والقانون وربط المسؤولية بالمحاسبة».

إذا أرد المراقب أن يضع لرسالة الزفزافي عنوانا فلن يجد أفضل من: «حراك الريف.. من معارضة الحكم إلى معارضة الحكومة… من توجيه الغضب إلى النظام إلى صب النقمة على الإدارة»… هذا مخرج مشرف، وإذا كان المحامي زيان هو الذي أقنع الزفزافي بتوقيع هذه الرسالة من داخل زنزانته، فإنه أسهم، من جهة، في تهدئة الوضع في الريف، ومن جهة أخرى، في تعزيز حجج الدفاع لتبرئة المتهم من المنسوب إليه… رسالة الزفزافي تلتقي مع قرار الملك فتح تحقيق في أسباب تأخر تنفيذ مشروع منارة المتوسط، فمن له مصلحة في صب الزيت على النار، وإفساد محاولات التهدئة الجارية للخروج بأقل الأضرار من هذه الأزمة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يزعج في رسالة الزفزافي ماذا يزعج في رسالة الزفزافي



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 22:34 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها
المغرب اليوم - إسبانيا تحظر دخول سموتريتش وبن غفير إلى أراضيها

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 20:41 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 13:22 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

مانشستر يسعى للتعاقد مع فاران في أقرب فرصة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

تعرفي على طرق ترتيب المنازل الصغيره

GMT 03:36 2019 الإثنين ,15 تموز / يوليو

ديكورات شقق طابقية فخمة بأسلوب عصري في 5 خطوات

GMT 14:30 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حسن يوسف يشتري الورود لشمس البارودي في عيد ميلادها

GMT 08:07 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

اكتشفي منتجعات تضمن لك صيفا لا يُنسى

GMT 06:36 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

كاتي هولمز تتألق في فستان رقيق بلون البرقوق

GMT 22:37 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الهنود يستهلكون كميات أقل بكثير من الكالسيوم

GMT 20:28 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"ماسبيرو زمان" تعيد عرض برنامج جولة الكاميرا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib