مسيرة الغضب رسائل ودلالات

مسيرة الغضب.. رسائل ودلالات

المغرب اليوم -

مسيرة الغضب رسائل ودلالات

بقلم - توفيق بو عشرين

حرية كرامة عدالة اجتماعية… شعار رددته حناجر الآلاف في شارع محمد الخامس يوم الأحد الماضي، فهل وصل صوتهم إلى من يعنيهم الأمر؟
تظاهرة الرباط لم تخرج فقط، للتضامن مع حراك الريف، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، مسيرة الغضب في الرباط كانت تعبيرا عن أشياء كثيرة وهذه بعضها…

1/ التعبير الصريح عن رفض المقاربة الحكومية لإدارة أزمة الريف، خاصة وأن سعد الدين العثماني انساق وراء تقارير وزارة الداخلية، وتبنى في بداية الأزمة المقاربة السلطوية للملف عن طريق اتهام الشباب بالانفصال والعمالة للخارج تحت الضغط، وتحت الإحساس بالضعف. سلم العثماني لوزير الداخلية مقود العربة، فكانت النتيجة أن الحكومة أصبحت جزءا من المشكلة وليس جزءا من حلها… فتحملت تبعات إدارة كارثية لم تساهم في وضعها ولا التخطيط لها، فكانت النتيجة أن الحكومة فقدت ثقة فئات واسعة من الرأي العام، الذين خرجوا بكثافة يوم الأحد، بلغوا للعثماني وحزبه فحوى هذه الرسالة.

2/ تظاهرة الغضب كشفت هشاشة البدائل التي وضعتها الدولة لإدارة شؤون البلاد بديلا عن الأحزاب الحقيقية، والقصد حزب التيكنوقراط ورجال الأعمال، فلا لفتيت نفع في إخماد تمرد الريف، ولا عزيز أخنوش وحزبه أفلح في إيجاد حل لمشاكل الريفيين، بل إن نزول الوزراء إلى الحسيمة كان كاريكاتوريا جدا ولخصه صاحب عبارة (ماعندي بو لوقت)، التي رماها في وجه الملياردير، وذهب إلى حال سبيله… الذي طبخ طاجين البلوكاج وما بعده، ضرب حسابا لكل شيء، سوى لرد فعل الشارع، حيث اعتقد مهندسو (السلطوية) أن الشارع مات، وأن ربيع الشعوب قتله الخريف العربي، الذي أكل كل مكتسبات السنوات الخمس الماضية، لكن لم ينتبه هؤلاء إلى نتائج اقتراع أكتوبر 2016 وقبله شتنبر 2015، اقتراع حمل رسائل واضحة إلى من يهمه الأمر، لكن للأسف لم تلتقط العيون المغمضة تلك الرسائل، فجاء حراك الريف وما بعده ليرفع الصوت عاليا في وجه السلطة، أن كفي يدك عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية…

3/ تظاهرة الغضب وإن شارك فيها مناضلون عن حزب العدالة والتنمية، فقد خصت المصباح برسالة قاسية، مفادها إنكم بعتم ثقة الناس بأبخس الأثمان، وإن حكومة أبريل تعتبر ردة سياسية عن مشروع الإصلاح في ظل الاستقرار، فلإن كان المتظاهرون في سنة 2011 و 2012 قد اقتنعوا بمشروع بنكيران، فغادروا الشارع إلى بيوتهم في انتظار تحقيق وعودهم من داخل الموسسات لا من خارجها، فإن العثماني قد دشن ولايته بإخراج المتظاهرين إلى الشارع من بيوتهم، لأنهم لم يعودوا يثقون في هذه الحكومة، ولم يعودوا يأملون في وجود مشروع للإصلاح الديمقراطي من داخل الموسسات وبواسطة الانتخابات التي انهارت مشروعيتها بعد أن جرى التلاعب السياسي بنتائجها ومخرجات صناديقها.

4/ السلمية والتحضر والتعددية كلها سمات طبعت تظاهرة الرباط رغم عفويتها، ورغم تخلف الأحزاب والنقابات عن تأطيرها، وهذا معناه أن المغاربة حريصون على عدم السقوط في المعادلة القاتلة التي تقول، إما الاستقرار بأي ثمن أو الحرب الأهلية والفوضى الحتمية… المغاربة يريدون الاستقرار والحرية والكرامة والعدالة والاجتماعية، ولا يمكن لأحد أن يخيرهم بين النموذج السوري أو النموذج المغربي… هذا أول تمرين يخوضه الشارع المغربي، الذي يستعيد شحنته وحيويته بعد أن فشل حراك 20 فبراير في إحداث تحول نوعي في إدارة البلد… لكن في الوقت نفسه الناس متشبثون بالسلمية والتحضر والوعي بمخاطر هدم الدولة، لكن كل هذا لا يمنع من الاحتجاج على السلطوية، وعلى الفساد، وعلى الفقر، والهشاشة، هذه اختيارات سياسية واقتصادية وليست من ركائز الدولة. ثم إن أول درس يستخلصه المراقب وهو يتابع كيف أن شباب الحسيمة كانوا يشكلون أذرعا بشرية لحماية رجال الأمن وعرباتهم وممتلكات المواطنين، هو أن شباب الحراك يعي أهمية الحفاظ على مقومات الدولة، فهم يحتجون على وظائف الأمن وليس على موسسة الأمن. وهم ينددون بالمخزن وليس بالمؤسسة الملكية، وهم يهاجمون الحكومة ولا يهددون الدولة…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسيرة الغضب رسائل ودلالات مسيرة الغضب رسائل ودلالات



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

داليدا خليل تودّع العزوبية بإطلالة بيضاء ساحرة وتخطف الأنظار بأناقة لا تُنسى

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 18:24 2025 الأربعاء ,10 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تقصف اليمن في أطول طلعة جوية منذ بدء الحرب
المغرب اليوم - إسرائيل تقصف اليمن في أطول طلعة جوية منذ بدء الحرب

GMT 22:07 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية
المغرب اليوم - سبع إشارات يومية قد تكون مؤشرا مبكرا لنوبة قلبية

GMT 06:24 2025 الثلاثاء ,09 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الثلاثاء 09 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 07:05 2025 السبت ,06 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 03:20 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

الوعي البيئي

GMT 00:52 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

حلبة تزلج إسبانية تتحول إلى مشرحة

GMT 06:49 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

أفضل 5 أفكار لإعادة إحياء جدران منزلك التقليدي

GMT 14:17 2016 الخميس ,05 أيار / مايو

اعتني بأظافرك لتعتني بجمالك

GMT 22:21 2017 الجمعة ,07 إبريل / نيسان

إعلام "التريند"!

GMT 18:16 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

أحمد شوبير يفتح ملف تنظيم قطر لكأس العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib