قرارات الفجر

قرارات الفجر

المغرب اليوم -

قرارات الفجر

بقلم - توفيق بو عشرين

في الفجر تُتخذ القرارات المهمة في السعودية، وتنزل الأوامر الملكية مع الخيوط الأولى للصبح، هل هو توقيت مدروس، أم مجرد تقليد بدوي في مملكة مازالت فيها أعراف القبيلة حية ومتجددة؟… الملك سلمان اتخذ أخطر قرار في مملكة آل سعود، حيث نقل العرش من أبناء عبدالعزيز (إخوته)، إلى ابنه الذي لم يتجاوز بعد عقده الثالث، فأنهى الجالس على العرش أحلام إخوته الذين كانوا ينتظرون دورهم وقد تجاوز أصغرهم سن السبعين. قرار الملك سلمان لم يكن مستبعدا بالنظر إلى أن موشرات كثيرة سبقته، كانت كلها تمهد إلى وصول الابن المدلل إلى كرسي ولي العهد، وربما إلى العرش في حياة الملك إن اختار التنازل عن العرش لابنه في حياته. فمنذ تسلم الملك سلمان لمشعل الحكم من الراحل عبدالله قام بعزل أخيه مقرن من ولاية العهد، وأعطاها لمحمد بن نايف، ثم وضع ابنه محمد وليا لولي العهد بصلاحيات واسعة في إدارة الدفاع والبترول والمجلس الاقتصادي والأمني… لكن ما هو مثير في قرار سلمان بوضع ابنه على خطوة واحدة من عرش مملكة النفط ثلاثة عناصر نعرضها بسرعة…
أولا: إن توقيت إحداث تغيير هائل في قمرة القيادة في مملكة محافظة يبعث على التساؤل، فالمملكة العربية السعودية تخوض ثلاثة حروب، بعضها بارد وبعضها ساخن على ثلاث واجهات. تخوض حربا مستنزفة مع الجار اليمني، وتخوض حربا باردة مع إيران، وتخوض حربا دبلوماسية غير مسبوقة مع قطر داخل البيت الخليجي، وكلها معارك ليست مضمونة النتائج، لكنها تتطلب وحدة الصف الداخلي، لهذا يرجح المراقبون سببين لتغيير ولي العهد في هذا التوقيت الحرج، إما أن صحة الملك سلمان الذي تجاوز 82 سنة لا تطمئن ولهذا جرى استباق الأحداث وإغلاق باب الخلافة، وإما أن الملك السعودي يريد استغلال علاقته الجيدة مع إدارة دونالد ترامب الآن للقيام بهذا التغيير الحساس في نظام الحكم السعودي، خاصة وأن المملكة العربية دفعت (لتجار العقارات) أكثر من 460 مليار دولار ثمنا لتجديد عقد الحماية، فضلا عن بنود أخرى في العقد لا يعرفها إلا القليلون.
ثانيا: كان المراقبون يعتقدون أن ولي العهد محمد بن نايف سيتنازل من نفسه عن ولاية العهد لابن عمه محمد بنسلمان، بعد أن استولى الأخير على صلاحيات كثيرة تعود لحقيبة وزارة الداخلية التي كان ابن نايف نفسه يديرها، لكن يبدو أن الأمور لم تَمْش مع ولي العهد كما جرت مع مقرن، الذي تنازل عن ولاية العهد بعد صعود سلمان إلى الحكم سنة 2015، وهذا ما دفع الملك سلمان إلى تعديل نظام الحكم. وبموجب هذا التعديل أضيفت جملة تنص على أنه “لا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكاً وولياً للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس”، وهو ما يعني أن ملك السعودية القادم إذا لم يكن من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، وكان من أحفاده، فإن ولي عهده يجب أن يكون من فرع آخر من ذرية الملك عبدالعزيز، وبناء عليه، وبموجب هذا التعديل، فإن محمد بن سلمان حال توليه حكم المملكة مستقبلا لن يستطيع أن يورث الحكم لأحد أنجاله، حيث لا بد أن يكون ولي العهد من فرع آخر (أحد أبناء عمومته على سبيل المثال)، هذا التعديل الذي وضعه والد محمد يكشف حجم الحساسية الموجودة داخل الأسرة الحاكمة، وداخل أبناء العمومة الذين لن يرضوا بإقصائهم كليا من حقهم في وراثة عرش جدهم .
ثالثا: لن تكون رحلة محمد بنسلمان في الحكم مفروشة بالورود كما كانت رحلته إلى ولاية العهد وإلى عرش المملكة التي تواجه تحديات ضخمة، ليس أقلها نزول أسعار النفط وارتفاع كلفة السلم الاجتماعي في بلاد جد محافظة، يدير فيها السلطة فرد واحد، لا يراعي سوى قوتين واحدة في الداخل والأخرى في الخارج. في الداخل هناك مؤسسة العلماء التي يسيطر عليها فقهاء الوهابية الذين رضوا بالسلطة على المجتمع وقيمه بديلا عن المشاركة في الحكم، التي ساهم في تقويتها الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى جانب الملك عبد العزيز. أما في الخارج، فهناك أمريكا التي يهمها 12 مليون برميل من النفط ستخرج من باطن الصحراء كل يوم، ويهمها أكثر مليارات الدولارات النائمة في بنوكها وفي أسهم شركاتها ولا تريد أن تراها تتحول إلى قوة سياسية ودبلوماسية ضد إسرائيل أو ضد حلفاء البيت الأبيض في المنطقة.
في صورة معبرة قبّل ولي العهد الجديد في مملكة آل سعود يد ورجل ولي العهد القديم، الذي جاء يبايع ابن الملك سلمان الذي لا يتجاوز عمره 31 عاما.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن ابن نايف دعا إلى خلفه بالتوفيق والعون والسداد، قائلا: “نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله في المنشط والمكره.. الله يعينك.. أنا بارتاح الحين (الآن)، وأنت الله يعينك..”. سيحتاج محمد بنسلمان إلى أكثر من دعاء ابن العم…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرارات الفجر قرارات الفجر



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض - المغرب اليوم

GMT 14:25 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة
المغرب اليوم - غارات إسرائيلية توقع قتلى وجرحى في خان يونس ومدينة غزة

GMT 13:39 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر
المغرب اليوم - حميدتي يعترف بانتهاكات قوات الدعم السريع في الفاشر

GMT 18:50 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أروى جودة تتعرض لموقف محرج في «الجونة»

GMT 21:59 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"كيا" تطلق سيارة كهربائية متطورة قريبا

GMT 02:14 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

برج "برواز دبي" يَجذب مليون زائر في عام واحد

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

سفير المغرب في هولندا يكرم البطل التجارتي

GMT 02:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

"50 فكرة عن" الاقتصاد" كتاب حول النظم الاقتصادية

GMT 02:02 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يبيّن أسباب تسوس الأسنان

GMT 15:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الفنادق الأكثر جاذبية في العالم خلال عام 2018

GMT 18:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "أسياد الشرق" صراعات ملحميّة تحاكي صراع الجبابرة

GMT 22:51 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يرغب في استقبال الدفاع الجديدي في ملعب العبدي

GMT 04:26 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

حرق سعرات حرارية دون بذل مجهود

GMT 21:07 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت أمين بين نجوم فيلم "هتقتل تسعة"

GMT 03:10 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

منتجع جزيرة ميليدهو ملاذ زوار المالديف في فصل الشتاء

GMT 05:56 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

أبطال مسلسل "البيوت أسرار" يكملون تصوير مشاهدهم

GMT 09:29 2016 الجمعة ,07 تشرين الأول / أكتوبر

عطور نسائية تجذب الرجال وتزيد من دفء العلاقة الحميمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib