فصل من مذكرات الصحفي التعيس

فصل من مذكرات الصحفي التعيس

المغرب اليوم -

فصل من مذكرات الصحفي التعيس

صالح المنصوب
بقلم : صالح المنصوب

كنت شديد الأيمان منذ بداية مسيرتي الصحفية ان أبقى وفيا للذاكرة والذكريات ، فمنذ ايامي الاولى كان قدري ان اعيش حياة اليتم ، لم احصل على حنان الأم التي لم أعرفها ابدا رحلت وانا طفلا صغيرا ، كتب لي العيش سنوات من القهر والوجع واليتم، مع الجده والجد رحمهما الله الذي تولوا تربيتي .

كانت والدة أمي هي أمي وأبي واعطتني من الحنان والشفقة الكثير ، وظل عطفها وحنانها في ذاكرتي مستوطن الى اليوم ،ظليت هكذا من أول عام لطفولتي الى اللحظة ، كانت حياتي مشردا هناء وهناك كل عمري مواجع وأحزان .

لكن بذكريات الجده اقتبس جذوة النور والدفىء الروحي بحنانها الحقيقي .

تعلمت من وجع الأيام الكثير الصدق والأمانة و التواضع والإحساس لمعاناة الناس و الإرادة سلاح للطموح والنجاح .

كانت أيامي كلها مواجع وقهر، ابحث عن ريالات فلم اجدها لقساوة ما أعيش وتعرضت لهجوم معنوي يحتاج مئات الصفحات لسردة ،كان حلمي كبيرا يفوق التصورات وتبدد جزاً من حلمي الكبير.

 نمت وانا افترش كرتونا من مخلافات حانوت احد التجار وكانت وسادتي مجمعات ثياب عفى عليها الزمن، لم تفارقني الاحزان يوما وتهزيأت الناس ومع هذا لم انحني او انكسر.

كان قدري الذي انا شديد الايمان به ان اعيش ايام الألم وحيدا بعد ان التهمت النار جزء من جسمي مكافئة لي في حانوت قضيت سنوات من العمر فيه ، فقدت حنان امي الذي لا اعرفها. وكان قدري ان اناضل من لاشي بتحدي لمواجع الحياة عملت في مهن عدة وتنقلت هناء وهناك لمواجهة متاعب الحياة، هددت وتخلى عني الجميع لانني كنت متيم وغارق بوطنيتي الذي اوجعتني.

 
تعلمت دروس كثيرة في الحياة سقلت من مواهبي وزادتني قوة وصلابة ، فقدري الذي اقتنعت فيه ان اعمل طوال اليوم من اجل التعليم واجمع ريال فوق آخر لأدفع رسوم الدراسة، وتحمل اعباء الأسرة ،كان حلمي ان اكون كاتبا ولي اسم في الصحف في محيط لا تجد فيه صحفيا او كاتبا .

كان قدري ان التحق بمهنة المتاعب وزادتني وجع مضاف لوجعي بدأت كتاباتي لمعاناة الناس ونقل همومهم ومن القرية انطلقت واصبحت صحفيا كان حلمي ان أطل على قنوات واكتب في صحف محلية وخارجية وهذا ما تحقق، مدركا ان الإرادة هي خلف كل نجاح.

شاركت الناس همومهم وأوجاعهم السجناء، والمهمشين والموجعين بمواقف عدة ، استمعت لهموم الطفل بائع البيض القادم من زبيد والطفل الذماري الصغير صاحب ادوات الطهي والمجنون الذي تخلى عنه الجميع شاركت الأطفال افراحهم ، طرقت باب الخير لمساعدة الناس وأراد الله ان يتحقق.

انتكاسة ومعاناة عشتها في اول مشواري وتعذبت وكدت أن أهزم نفسيا وألحق بقائمة المجانين ، لكن لم انحني أو استسلم لأني اعرف ان القدر ليس بيدي وان الله على كل شيء قدير.

 

كل يوم أتعلم وأعيش مع خير جليس ومن قرأتي لمذكرات السعدني وشقاوته وجدت نفسي اكثر شقاوة منه، وروايات نجيب محفوظ ومجلة العربي كانت منهلي. أما الزعيم جمال عبدالناصر فقد قرأت لأكثر من كاتب عن حياته النضالية وتأثرت به وفكرة وأحببته الى حد كبير.
تغيرت نظرتي للحياة فكانت تلك الأيام هي الأحلى بالرغم من وجعها هي تلك التي كان صعبا ان تحصل على الريال بسهولة.

توسعت علاقتي بأصحاب الصفات لكن لم يغيروا شيء من حياتي بالرغم من حبي الكبير لهم ، القدر والمكتوب بيدالله ، لكن يكفيني ان علاقتي بالله كبيرة واعرف ان كل خطوة في الحياة هي منه.

يتصور البعض ان لي ثروة ووظيفة تساعد أسرتي بالعكس لم يكن لي متر في أرض او وظيفة ،وتركتي الوحيدة هم اطفالي السته ، كان طموحي كبير لكن قدري كان حائل دون ذلك، فثروتي هي الحب للناس والوفاء والصدق ومقارعة الظلم والوقوف في صف المظلومين.

قساوة الحياة جعلتني اختار طريقي الذي ترضي الله واسعى نحو اسعاد الناس لأنني عرفت معنى الحزن والوجع ولازالت أثارة باقية الى اليوم، منها تعلمت ان لا استسلم ولا أعادي أحد ، تهم تلاحقني وتهديدات ومحاولات استمالتي لأطراف للعمل لحسابهم لكنني رفضت ذلك و ثقتي بالله وبالقدر تزيدني صلابة .

طموحي مستمر وإرادتي لاتنكسر بالرغم من القهر ، عرفت ما لايعرفه الكثير وتبخرت احلامي ، ناس تجوع وناس تموت وهناك من لايلتفت لهم.

أشكر كل من قوف الى جانبي معنويا وماديا الذي يجب أن اعترف انني بدونهم لا شيء.

هذا جزء من مذكرات الولد التعيس الذي حقق جزء من أحلامه وكتب له أن يكمل المشوار الذي بدأ في أيامه الأولى و مهما كانت التحديات لن نكون في مؤخرة الركب وسنواصل والله خير حافظا وهو ارحم الرحمين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فصل من مذكرات الصحفي التعيس فصل من مذكرات الصحفي التعيس



GMT 13:37 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

درّة تتألق بالأحمر بإطلالات خريفية تمزج بين الفخامة والأنوثة

تونس - المغرب اليوم

GMT 08:49 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فستان البليزر القصير يخطف أنظار نجمات خريف 2025
المغرب اليوم - فستان البليزر القصير يخطف أنظار نجمات خريف 2025

GMT 09:22 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات فعالة لتنظيف رخام المطبخ
المغرب اليوم - خطوات فعالة لتنظيف رخام المطبخ

GMT 12:06 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

باسم يوسف في لقاء تلفزيوني مصري بعد اعوام من الغياب
المغرب اليوم - باسم يوسف في لقاء تلفزيوني مصري بعد اعوام من الغياب

GMT 01:28 2025 الخميس ,09 تشرين الأول / أكتوبر

خامنئي يجيز رفع القيود عن مدى الصواريخ الايرانيه
المغرب اليوم - خامنئي يجيز رفع القيود عن مدى الصواريخ الايرانيه

GMT 06:33 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وزيرة العدل الأميركية تخضع لجلسة استجواب صعبة في مجلس الشيوخ
المغرب اليوم - وزيرة العدل الأميركية تخضع لجلسة استجواب صعبة في مجلس الشيوخ

GMT 02:10 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل النشاطات السياحية في جزيرة "بورنيو"

GMT 04:11 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

خدمات جديدة ومجانية تقترحها "التعاضدية" على أعضائها

GMT 09:12 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تحرير زوجة بعد تهديد زوجها بذبحها بواسطة سكين

GMT 19:37 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

سيد رجب ينضم إلى "نسر الصعيد" بطولة محمد رمضان

GMT 11:13 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل دينار كويتي الأحد

GMT 12:39 2013 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وزير السياحة المغربي يلتقي نظيره العراقي في الرباط

GMT 03:54 2013 الأحد ,17 آذار/ مارس

مبادرة لإنقاذ مسرح سرفانتيس في طنجة

GMT 12:14 2014 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مقاهي "ستاربكس" في المغرب تقدِّم عروضها لموسم الشتاء

GMT 13:52 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

الفنان محمد رمضان يستكمل تصوير الجزء الثاني من "الكنز"

GMT 11:31 2015 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

نشر صورة الممثلة تشارليز ثيرون في المدرسة

GMT 22:43 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

دورة عن التغيرات المناخية وندرة المياه في الواحات المغربية

GMT 06:20 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الشخص غير المناسب وغياب الاحترافيَّة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib