مع رونار

مع رونار

المغرب اليوم -

مع رونار

بقلم: يونس الخراشي

كان لقاء بالصدفة. بينما أجلس على "الضص"، في انتظار زملاء آخرين، يمر بجانبي، بحثا عن حافلة المنتخب الوطني. تبادلنا التحية. وقال لي، بعينين ما زال فيهما الدمع:"يمكنكم الآن أن تسبوني. فقد خسرنا". وقلت:"نحن لا نسب الناس. وفي كل الأحوال كنتم اليوم ممتازين". ابتسم. راق له ذلك. قال وهو يعانقني من أجل صورة للتاريخ:"شكرا لك".

بغض النظر عن كل شيء، هناك لحظات إنسانية تحتاج قلوبنا لا غير. لا يمكن أن نحضر فيها بعقولنا، ولغتها الخشبية، وبقية الأشياء التي تعلمناها كي نستعملها في المهنة. فالإقصاء مر. والهزيمة فوق الاحتمال. واللحظة عصيبة جدا. والمدرب، واللاعبون، في أمس الحاجة إلى كلمات طيبات. بعدها يمكن أن نحلل. يمكن الوقوف طويلا عند الأخطاء.

صورة نور الدين امرابط، وهو بالخوذة على رأسه، ثم وهو يركض من مكان إلى مكان، بحثا عن الهدف، مهمة للغاية بالنسبة إليه، وإلى غيره. فتلك القتالية بالضبط هي ما يعوزنا في الكثير من المواقع والمواقف. وذلك الحس هو ما نحتاج إليه في مستقبلنا بالذات، بعد أن خسرنا الكثير، رياضيا، وفي كل شيء آخر غير الرياضة.

مشهد نبيل درار، وهو يبكي أسى على الخروج المبكر جدا من كأس العالم، حركت المشاعر في الملعب. كانت الشاشتان الكبيرتان تنقلان اللحظة ساخنة. دمعة على دمعة. شهيقا وزفيرا. وكلما طال الزمن تضاعف التعاطف. حتى من يمسكون رؤوسهم من الجمهور ينسون أنفسهم وحزنهم، ويطلبون الرأفة بدرار وزملائه.

حين أعلن الحكم نهاية المباراة بين المغرب والبرتغال أصيب الجمهور بذهول. يا للغرابة. حتى الجمهور البرتغالي، السعيد، لم يفرح. بدا قلقا إزاء مستقبل فريقه، وبخاصة النجم رونالدو الذي فشل في الظهور المميز، وكانت تمريراته مثيرة للسخرية، ومحاولاته لتسديد ضربات خطأ، أقرب إلى ضربات جزاء، مثيرة للشفقة.

احتجنا إلى تغيير مسارنا المعتاد ونحن نغادر ملعب لوجنيكي. قررنا أن الأحسن في هذه الحالة أن نمضي على حافة نهر موسكوفا. فمن هناك يبدو الطرف الثاني من العاصمة الروسية روعة؛ غابة تحيط المكان كله بنصف دائرة. ومنها تعلو صومعة معلمة تاريخية حولت إلى فندق كبير. وتقطع النهار الرقراق بهدوء قنطرة للميترو. ولا يزعج هذا، أيا كان عبوره، تلك المجموعات الصغيرة من الإوز وهي تسبح، وبعيدا عنها مراكب للأمن.

مشينا من هناك كي ننسى. ثم وجدنا أنفسنا نتحدث عن المباراة. عن امرابط. عن اللاعبين. عن البرتغال والبرتغاليين. عن هدف رونالدو. ونبحث عن السبب وراء الهزيمة. وكيف أن بنعطية لوحده ضيع ثلاثة فرص لا تضيع. وناقشنا التغييرات؛ بخاصة إشراك اللاعب كارسيلا. وتجاذبنا الحديث بخصوص التحكيم. لم يكن ممكنا أن ننسى. أو نبقى بعيدين عما حدث. 

في ميترو الأنفاق تغيرت الصورة تماما. لم يكن هناك غناء ورقص وضحك. كان بدله ذهول. وبدت الوجوه حزينة، مشدوهة، يحتاج أصحابها إلى تفسيرات. مثل من فقد عزيزا، ويريد لشخص ما أن ينفي ما وقع. أو يقول له إنه مجرد كابوس. المبارة ستعاد، والأسود سيربحونها. وسنفرح. أليس من حقنا أن نفرح. بلى.

حدث شيء كهذا لمرات عديدة. خلف نكسات. ولو أنها صادمة، بخاصة حين يتعلق الأمر بشيء كان ممكنا ألا يحدث، فإن الذي يبقى في الأخير هو وجود شيء ما نحزن لأجله جميعا. مهما اختلفنا. عاش الوطن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع رونار مع رونار



GMT 18:50 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة احترافية

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ألعاب خارت قواها

GMT 11:02 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

اعتزال متوقع

GMT 10:57 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

اقتلوا الرجل أو اقتلوه!

GMT 08:03 2019 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اعتزال بنعطية

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:57 2025 الجمعة ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة الحرب جعلت سلوك أطفال غزة أكثر عدوانية
المغرب اليوم - الأمم المتحدة الحرب جعلت سلوك أطفال غزة أكثر عدوانية

GMT 20:33 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أجمل الديكورات المثالية للمطابخ الصغيرة

GMT 16:54 2023 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

ميادة الحناوي تصرح فخورة بلقب نجمة سوريا الأولى

GMT 01:02 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

موديلات فساتين زفاف 2020 متنوعة لكل العرائس

GMT 05:53 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

ليلى علوي تنفي ظهورها كضيف شرف في "كارمن"

GMT 11:54 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

عربية "كشري أبو طارق" تشعل مهرجان "جدة للمأكولات" العالمية

GMT 18:30 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قوات الأمن في مراكش تشن حملة موسعة على ممتهني الدعارة

GMT 10:32 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تألّق أمل كلوني خلال حفلة توزيع جائزة نوبل للسلام

GMT 05:39 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

مستحضرات التجميل قد تتسبب في البلوغ المبكر

GMT 16:33 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد مجدي في مهرجان مراكش للفيلم بـ لا أحد هناك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib