شكرا

شكرا

المغرب اليوم -

شكرا

المهدي الحداد
بقلم: المهدي الحداد

لا أستحضر أنني قد شاهدت مباراة مغربية محلية مجنونة وخيالية كتلك التي حدثت في ديربي العرب بين الوداد والرجاء، فمنذ بداية ولعي وإرتباطي الوجداني والمهني بكرة القدم، نادرا ما إستمتعت بسيناريو هشتكوكي وريمونطادا خرافية بين الأندية الوطنية، وشد عصبي في ذروة تشنجه وخصوصا في العشر دقائق الأخيرة.
ما زلت أتذكر جيدا فصول تلك المباراة الجميلة والخالدة في ذاكرتي المحلية، والتي جمعت سنة 2008 بين الدفاع الجديدي والرجاء البيضاوي بملعب العبدي في البطولة الوطنية، حينما أصابني زملاء رضا الرياحي بالجنون، وهم يقلبون الطاولة بطريقة غير طبيعية على رفاق متولي من التأخر بثلاثية في أول 20 دقيقة إلى إنتصار لا يُصدق برباعية، في مباراة كانت قمة إستثنائية كسرت كل قواعد الرتابة والملل والنتائج العادية السائدة موسميا على لقاءات الأندية المغربية.
إنتظرت 11 سنة كاملة لمشاهدة ريمونطادا بكل معاني هذه الكلمة الدخيلة، والتي صارت عنوان كرة القدم الحالية، في طبقِ كروي توقعته بلا توابل تقنية وبلا شهية تهديفية مفتوحة، كعادة الديربيات البيضاوية المنغلقة والمحدودة، والغارقة في التوجس والخوف من الهزيمة، قبل أن يفاجئني ومعي عشرات ملايين المغاربة والعرب مطبخ الوداد والرجاء بوليمة يستحيل وصف لذتها والتعليق عن نشوتها.
تنقّلت وأنا أشاهد الفيلم البيضاوي بين عدة أحاسيس وتوقعات لأول مرة، فتارة ظننت أن الوداد سيحافظ على هدفه الوحيد حتى النهاية، وتارة قلت أن الرجاء سيعود وسيقلب الطاولة بهدفين، ثم إنتابني شعور بأن اللقاء قد يعبر إلى ضفاف الضربات الترجيحية، قبل أن يهيجني زحف الوداد وتسجيله لثلاثية مباغثة ومتتالية، لأتساءل إن كان دين 5ــ1 سيسدد أخيرا وتيفو «غرين بويز» سيصبح نكتة، لأصاب بعدها بقليل بالذهول والجنون مما حدث في آخر ربع ساعة، وكيف ثارت النسور بطريقة عنيفة وهو جاء لتسجل بإصرار وعزيمة الثاني والثالث والرابع، في مشاهد مسترسلة طارت بي على السريع لأوروبا، حيث أدمنت رؤية هذه السيناريوهات في مباريات البريمرليغ وعصبة الأبطال، مع أندية متخصصة كبرشلونة ودورتموند وليفربول وغيرها من عمالقة الكرة العالمية، والذين يُغيرون مجرى التاريخ في ظرف 5 دقائق بسهولة تامة.
إفتخرت وقلت بأن لدينا أيضا مباراة يمكن أن تحاكي وتنافس ما هو متعارف عليه في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وسعدت كثيرا لأن المناسبة تزامنت مع بطولة غير محلية وتسويق ممتاز في أشهر القنوات العربية، وأيقنت بأن بهذا المستوى وهذا المطر التهديفي وهذه التقلبات طيلة 90 دقيقة، ومعها الإبداع المعتاد من الجماهير في المدرجات، يحق لنا أن نطالب بتثبيت ديربي الأحمر والأخضر ضمن «طوب 10» عالميا في الفرجة والمتعة والجنون داخل الميدان وخارجه.
للوداد والرجاء أقول أنتم الفخر والسحر، وبإصطدامكم ومِلحكم يحلو طبق الكرة الوطنية، ويسمو كبرياء المنتوج المغربي في الدول العربية والدولية، وتزيد الأطماع وتفتح الشهية، ويرتفع سقف التطلعات لمشاهدة المزيد من هذه الفصول المرئية الأنطولوجية، لأن الفرجة في الأهداف والأهداف في اللعب المفتوح والندية وعدم الخوف من الهزيمة.
شكرا لكم رفعتم شأننا وشأنكم مهما كثر فرحكم أو حزنكم بعد هذا الذي حدث، شكرا على الإستثناء في المباريات المحلية، شكرا لمن حضر ولم يشعر للحظة بالضجر، شكرا على هذا الطبق الشهي والمتقون الذي كسّر روتين السندويشات والمكسّرات، وشكرا لأن مطبخ الرجاء والوداد هو فعلا «ماستر شيف» المطاعم المغربية والعربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكرا شكرا



GMT 18:30 2020 السبت ,23 أيار / مايو

تأملات في فلك ألعاب القوى المغربية

GMT 10:34 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخيرا أصبحنا نستوعب الدروس

GMT 08:58 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"واشْ عرفْـتوني"

GMT 03:39 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

عناد فوزي لقجع

GMT 14:58 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجربة غاموندي

GMT 17:50 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

"أون" تبدأ عرض مسلسل "أبو العلا 90 " لمحمود مرسي

GMT 13:20 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الملك محمد السادس يبعث برقية عزاء في رئيس تشاد

GMT 07:47 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

بطولة الخريف

GMT 00:31 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل ألبوم شيرين عبد الوهاب المقبل

GMT 13:02 2022 الأحد ,26 حزيران / يونيو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل تهزّ "سوق الجملة" في مدينة تطوان المغربية

GMT 06:41 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الكوكب المراكشي في "قفص الاتِّهام" بسبب مِلفّ السعيدي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib