هل العمل الإجباري دستوري
القطاع الصحي في غزة ينهار بالكامل وطفلة تفقد حياتها بسبب نقص المستلزمات الطبية قطاع غزة يُودع 155 شهيداً خلال يوم واحد بينها جثامين 135 شهيداً تم انتشالها من تحت الأنقاض رغم إعلان وقف إطلاق النار ارتفاع حصيلة وفيات حمى الوادي المتصدع في السنغال إلى ثماني عشرة حالة وتسجيل إصابات جديدة بجدري القرود في داكار الكاف يمدد فترة اعتماد الصحفيين لتغطية كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب بسبب الإقبال الإعلامي العالمي الكبير الجامعة الملكية المغربية تعفي أربعة لاعبين من نهضة بركان من مرافقة المنتخب الرديف إلى الإمارات استعداداً لكأس العرب سحب بطاقة مدير "الجديدة إكسبريس" لعام بسبب بث محتوى يدعو للعنف واستغلال قاصرين في خرق لميثاق أخلاقيات الصحافة إسرائيل تُطلق سراح 3 مغاربة شاركوا في أسطول الصمود العالمي إصابة 3 عناصر من الجيش في استهداف «قسد» موقعهم غارة وقصف مدفعي إسرائيلي على مدينتَيْ غزة وخان يونس رغم اتفاق وقف النار الجيش الإسرائيلي يفجّر منزلاً في بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان
أخر الأخبار

هل العمل الإجباري دستوري؟

المغرب اليوم -

هل العمل الإجباري دستوري

حسن بويخف

أثار مشروع القانون حول الخدمة الوطنية الصحية الذي أعدته وزارة الصحة ردة فعل قوية وسط الطلبة الأطباء والأطباء المقيمين والداخليين، كما عطَّل الدراسة في كليات الطب في المغرب وشل مصالح طبية، وخرج المحتجون في مسيرات وطنية حضرها الآلاف، فضلًا عن الجدل الإعلامي الكبير مع تهديد بسنة بيضاء في كليات الطب وسط مؤشرات عن إصرار قوي للمحتجين على مقاطعة الدراسة.
ومن بين النقط الحساسة التي رفضها المحتجون في مشروع القانون الإجبارية في تلك الخدمة لمدة سنتين بعد التخرج تحت طائلة الحرمان من الحق في مزاولة المهنة بالمغرب. فهل الإجبار على الخدمة إجراء دستوري؟ وهل الإجبارية هي الخيار الوحيد لحل معضلة الخصاص المهول في الأطر الطبية خاصة في المناطق النائية والمهمشة، أم أنها بالعكس سوف تؤسس لعزوف الطلبة عن ولوج كليات الطب والصيدلة في القطاع العمومي؟ ونقترح في هذا المقال مقاربة الإجابة عن هذين السؤالين بتركيز كبير.

جاء  في تصدير الدستور أن المملكة المغربية "تؤكد وتلتزم بما يلي:... جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة). وخلاف الدساتير الخمسة السابقة، يؤكد دستور 2011 على أن تصديره يشكل  جزءا لا يتجزأ من الدستور. وثلاث مواد على الأقل من مشروع قانون الخدمة الوطنية الصحية، كما سنبين ذلك لاحقا، خالفت أربع اتفاقات دولية أساسية صادق عليها المغرب. منها اتفاقيتان لمنظمة العمل الدولية، و هي إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، واتفاقيتان من الاتفاقيات الأساسية في الأمم المتحدة.

بالنسبة لاتفاقيات منظمة العمل الدولية، انضم المغرب إلى سبع من اتفاقيات المنظمة الثمانية المعنية بحقوق الإنسان، منها الاتفاقيتان رقم (29) و(105) المتعلقتان بالسخرة والعمل الإجباري" (1957، 1966 على التوالي). وتحرم الاتفاقيتان العمل الإجباري بشكل واضح، وتؤكد الاتفاقية رقم 29، التي اعتمدت مند يونيو من سنة 1930، على أنه" يتعهد كل عضو من أعضاء هيئة العمل الدولية يصدق على هذه الاتفاقية بتحريم استخدام السخرة أو العمل الإجباري بكافة صوره" وتؤكد المادة 1 من الاتفاقية رقم 105، المعتمدة في يونيه 1957، من جهتها أنه"يتعهد كل عضو في منظمة العمل الدولية يصدق هذه الاتفاقية بحظر أي شكل من أشكال عمل السخرة أو العمل القسري"، ورفضت هذه الاتفاقية مختلف المبررات التي قد تعتمد في ذلك منها اعتمادها "كأسلوب لحشد اليد العاملة واستخدامها لأغراض التنمية الاقتصادية" وتضيف المادة 2 من نفس الاتفاقية: "يتعهد كل عضو في منظمة العمل الدولية يصدق هذه الاتفاقية علي اتخاذ تدابير فعالة لكفالة الإلغاء الفوري الكامل لعمل السخرة أو العمل القسري على النحو المحدد في المادة 1 من هذه الاتفاقية".
و تعرف الاتفاقية 29 "السخرة و الإجبارية" كالتالي: "يقصد باصطلاح ( السخرة أو العمل الإجباري ) كل عمل أو خدمة تؤخذ عنوة من أي شخص تحت التهديد بأية عقوبة ولم يتطوع هذا الشخص بأدائها بمحض اختياره"، واستثنت من ذلك أشكالا من الخدمة يمكن أن تكون إجبارية، منها الخدمة العسكرية القانونية، والخدمة الناتجة عن أحكام قضائية، والخدمة في ظروف الحرب أو الكوارث الطبيعية أو لرفع تهديد ضد عموم السكان أو بعضهم.
و خالف مشروع القانون أيضا اتفاقيتان من الاتفاقيات الأساسية في الأمم المتحدة، وجاء في المادة 23 من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"  لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة". وجاء في المادة 8 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" لا يجوز إكراه أحد على السخرة أو العمل الإلزامي" واستثنت نفس ما استثنته الاتفاقية رقم 29 من اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
وهذه الاتفاقيات الأربع بحكم القانون الدولي، خاصة اتفاقية فيينا، الذي يفرض على الدول الالتزام بالاتفاقيات التي صادقت عليها، وبحكم الدستور الذي يجعلها فوق أي تشريع وطني آخر، لا يمكن بحال مخالفة تلك الاتفاقيات كما أن الخصاص في الخدمة الصحية الذي تبرر به وزارة الصحة تلك الإجبارية يخالف المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب وخاصة اتفاقيات منظمة العمل كما تمت الإشارة إلى ذلك، و لا يجد له سندا في الدستور الذي ليس فيه ما يجيز ولا حتى ما يمكن تأويله لصالح فرض الخدمة الإجبارية على المواطنين، وبالتالي فمشروع قانون الخدمة الوطنية الصحية يخالف الدستور فيما يتعلق بمواده: الأولى التي تلزم الخريجين بسنتين خدمة وطنية، والمادة 18 التي تعاقب غير الملتزمين بالخدمة بحرمانهم من مزاولة مهن الصحة بالمغرب، و المادة 21 التي تستثني من تلك الخدمة الوطنية الأطباء العسكريون و خريجي مؤسسات التعليم العالي الخاص أو التابعة لهيئات لا تسعى إلى الربح كلها مواد مخالفة للدستور لمخالفتها الاتفاقات الدولية المشار إليها. والمادتين 18 و 21  التي تحرم الخريجين من حقوقهم الأساسية التي من بينها المساواة بين المواطنين في الحق في العمل كما نص تخالف بشكل فج الفصل 31 من الدستور الذي فرض على الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية العمل "لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في:"...الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي؛ (و) ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق". و حرمتهم من حق المساواة في الولوج إلى الوظيفة العمومية كما نصت على ذلك المادة 1 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية التي تؤكد أنه " لكل مغربي الحق في الوصول إلى الوظائف العمومية على وجه المساواة".

وإضافة إلى مخالفته للدستور وللمواثيق الدولية الأساسية فإن من شأن اعتماد قانون يمدد مدة "تخرج" الأطباء إلى عشر سنوات (8 سنوات للحصول على الشهادة وسنتان للخدمة الوطنية) أن يفقد كليات الطب الجاذبية التي لها، مما من شأنه أن يهدد بتجفيف منابع الأطر الطبية على المدى المتوسط بسبب عزوف الطلبة عن الدراسات الطبية المتوقع إذا طبقت الإجبارية في الخدمة الوطنية، وهو ما يعني أن الاختلال الذي تسعى الوزارة إلى معالجته بالإلزام ستكرسه بـ"القانون".

إن مشروع قانون الخدمة الوطنية الصحية يحمل في طياته "الحل" المناسب لمعضلة الخصاص في الأطر الطبية، ويمكن مقاربة ذلك "الحل" من زاويتين، الأولى حذف الإلزامية في الخدمة الصحية الوطنية التي قدمها، مما سيجعله مشروعا وطنيا من شأنه أن يعالج النقص الحاصل في الموارد البشرية بكل تأكيد، ذلك أن المشروع أحاط تلك الخدمة الوطنية بعدد مهم من الامتيازات ستجعله بديلا مؤقتا عن البطالة التي تنتظر قسطا كبيرا من الخريجين بسبب محدودية المناصب المالية التي تخصصها الوزارة للأطباء مقارنة مع عدد الخريجين سنويا، وبسبب عدم قدرة كثير من الخريجين على خوض تجربة القطاع الخاص. الزاوية الثانية، تقضي بوضع نظامين في التكوين من نفس المدة، نظام للخدمة الوطنية يحصل فيه الخريج على شهادة التخرج في ست سنوات ويقضي سنتين خدمة وطنية، ونظام عادي هو القائم حاليا يحصل فيه الخريج على شهادة التخرج في 8 سنوات، وله الاختيار في ولوج الخدمة الصحية الوطنية بعد ذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل العمل الإجباري دستوري هل العمل الإجباري دستوري



GMT 14:20 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

العراق فاتحاً ذراعيه لأخوته وأشقائه

GMT 12:23 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 05:17 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

اليمن السعيد اطفاله يموتون جوعاً

GMT 00:59 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 19:57 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

نسرين سند تتألق على منصات ميلانو وباريس وتكرّس حضورها كوجه عربي عالمي

باريس - المغرب اليوم

GMT 16:44 2025 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو يخطط لانتخابات جديدة وسط صعود حزب الليكود
المغرب اليوم - نتنياهو يخطط لانتخابات جديدة وسط صعود حزب الليكود

GMT 20:36 2025 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة الصحافة الفرنسية تدين الاعتداء على مصورها
المغرب اليوم - وكالة الصحافة الفرنسية تدين الاعتداء على مصورها

GMT 18:48 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

تعرف على مواصفات سكودا Monte Carlo قبل الكشف عنها

GMT 00:02 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا

GMT 12:30 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

مايكروسوفت تستعرض نموذج حاسب سيرفس بشاشتين

GMT 05:38 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

مضيفة طيران تكشف أن المياه المستخدمة تحوي جراثيم

GMT 08:28 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الألمانية جورجيس تستهل حملة الدفاع عن اللقب في كأس النخبة

GMT 02:25 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الصحافي إيمون هولمز يكشّف تأثير قلة النوم على صحته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib