حين يُزهرُ الخريف

حين يُزهرُ الخريف

المغرب اليوم -

حين يُزهرُ الخريف

بقلم - لانا مامكغ

وضعت أمامَ ضيفتها صينيّةً عليها كوبان من الشّاي بالنعناع، وحبّات من الكعك المحلّى، ثمّ جلست قربَها وهي تئنّ من ألم ركبتيها، فردّت عليها الضّيفةُ بشكوى مماثلة عن أوجاع المفاصل وصعوبة الحركة، لتمدَّ يدها في حقيبتها وتُخرج علبةَ دواء، مقترحةً عليها استخدامَه لأنَّها جرّبته واستفادت منه أخيرًا. وقالت المُضيفة بحسرة: "والله يا أختي حالنا واحد، العمر له أحكام، ولا يُصلحُ العطّارُ ما أفسدَه الدّهر"،  ثمّ أردفَت مبتسمةً: "صحيح، مبارك تخرّج حفيدك، ربّي يوفقه"، وفي حين مضت تُحدّثها عن أحفادِها هي، سمعتا صوت عُكازِه يقتربُ من الباب، ليقفَ عند البابِ بظهرِه المنحني ويقول: "يا هلا بجارتنا، يا مرحبًا، كيف حالك؟ والله نوّرتينا".
فرفعت الضّيفةُ منديلها لتغطّي به نصفَ وجهِها وهي تردُّ بحياء: "بيتك عامر بالخير يا جارَ الرّضى، كيف صحتك؟". وبدا أنّه لم يسمع ما قالت، فبقي واقفًا في مكانه إلى أن سألته زوجتُه عن السّبب الذي أبقاه في البيت ولم يذهب كعادته كلّ يوم للعب الطّاولة مع الرّفاق، فأجاب أنَّها برودةُ الجوّ، وخشيتُه من عودةِ السّعال له، ثمَّ تحرّكَ ببطء نحو الفناء ليتّخذَ هناك مقعدَه المعتاد. ومرَّ وقتٌ ما إلى أن سمعَ أصوات السّيدتين وهما تخرجان لمّا قرّرت الضّيفة المغادرة، فاقتربتا إلى حيث يجلس وكلٌ منهما تتّكىء على ذراعِ الأخرى وتتضاحكان، فنهضَ مستنداً على مِقبضِ عُكّازهِ بيديه الاثنتين ليقول: "شرّفتينا، زورينا دائمًا، هذا بيتكِ الصّغير".
وردّت عليه الضّيفةُ بعبارة لبقة، ثمَّ وقفت عند صفٍّ من أواني الزّرع الصّغيرة المصفوفة بانتظام على جانبيْ المدخل، لتقولَ بدهشة: "ما شاءَ الله، ما أحلاها، غريب، كيف أزهرت ونحن في الخريف؟"، فردّت عليها المُضيفةُ بزهو: "النّبتة نفسها اسمها غريب، يعني اسم على مسمّى، سبحان الله". وهنا تفاجأت به المرأتان ينحني ليحملَ إحدى الأصص ويقدّمها للضّيفة بيدٍ مرتجفة وهو يقول: "تفضّلي، إذا بدت ثقيلة عليك سأوصلها أنا لبيتكم"، فتناولتها السّيدة بفرح وهي تشكرُه بحرارة وغادرت.
اقتربت منه زوجتُه وهي تقولُ بغضبٍ مكتوم: "حسب قولك الدّنيا برد، طيّب كيف احتملت الجلوس هنا طوال الوقت؟ والله غريب، تخرج كلّ مساء وفجأة تقرّرُ اليومَ تحديداً البقاء في البيتِ"، ولم يُعلّق فأضافت بنبرةٍ ساخرة: "وما حكاية زورينا دائمًا، وكمان ناوي توصّل الزّريعة لبيتها بنفسك، والله عال، شو قصّتك بالضّبط؟"، ثمَّ دخلت وهي تُغمغم بكلامٍ غير مفهوم، وسمعَ أصوات أبوابٍ تُصفق، وقرقعة طناجر من المطبخ، ثمَّ عادت تسأله باستنكار: "عمرك ما سلّمت على جاراتي وضيفاتي، اليوم وقفت ساعة عند الباب، شو قصّتك؟"، ولم يردّ، بل ظلَّ ساهمًا وهكذا إلى أن حضرَ أحدُ الأبناء، لتستمرَّ في حديثها الغاضب كأنَّما لم ترَه، حاول التّدخّل فلم تنفع محاولاتُه في تهدئتها.
ثمَّ وجدَ نفسَه ينزوي في إحدى الغرف ليجري اتّصالاً عاجلاً مع أخيه الكبير، فيقول: "أرجوك احضر حالاً، في مشكلة عند الحاجّة مش فاهمها، تتّهم والدَنا بالخيانة يا رجل، تعال أرجوك، بتحكي كلام عن كرامتها المجروحة، وأشياء عن الانفصال".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يُزهرُ الخريف حين يُزهرُ الخريف



GMT 19:57 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

GMT 15:28 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

‏عام يمر بكل ما فيه وكثير من الأحلام مُعلقة

GMT 15:02 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الوحدة الوطنية التي نريدها

العبايات بحضور لافت في أناقة الملكة رانيا

عمان - المغرب اليوم

GMT 00:30 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تساقط الثلوج ينعش السياحة الشتوية في الجزائر
المغرب اليوم - تساقط الثلوج ينعش السياحة الشتوية في الجزائر

GMT 19:51 2025 الأحد ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

عون يدين ضربة الضاحية ويدعو لتدخل دولي لوقف إسرائيل
المغرب اليوم - عون يدين ضربة الضاحية ويدعو لتدخل دولي لوقف إسرائيل

GMT 03:26 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن العراقي يطلق النار على مسيرة قرب حقل خور مور للغاز
المغرب اليوم - الأمن العراقي يطلق النار على مسيرة قرب حقل خور مور للغاز

GMT 02:41 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

رغم الاجتماع الودي ممداني لا يزال يعتبر ترامب فاشيا
المغرب اليوم - رغم الاجتماع الودي ممداني لا يزال يعتبر ترامب فاشيا

GMT 03:33 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يعود إلى القاهرة بعد جراحة دقيقة لاستئصال ورم
المغرب اليوم - تامر حسني يعود إلى القاهرة بعد جراحة دقيقة لاستئصال ورم

GMT 21:19 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء غير حماسية خلال هذا الشهر

GMT 20:30 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي مبارك بوصوفة يجتمع مع مسؤولي "الهلال" في الإمارات

GMT 00:45 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

عمدة الدار البيضاء يُهدي 3 فيلات إلى مقربيه

GMT 02:05 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

الكشّف عن تفاصيل مُثيرة بشأن حادثة مقتل الأميرة ديانا

GMT 12:25 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

توت أرض تمثل الجولان فى مهرجان "البوليفار"

GMT 10:39 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شاطئ خاص لكل منزل في مدينة ديفريني اليونانية

GMT 10:27 2018 الخميس ,14 حزيران / يونيو

أبرز و أجمل ديكورات غرف الجلوس الدائرية

GMT 06:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

الراقصة والسيناريست

GMT 13:50 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

ميرفت أمين جميلة السينما وفتاة الأحلام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib