الرئيسية » اقتصاد دولي
الاتحاد الأوروبي

بروكسل- المغرب اليوم

يتجه الاتحاد الأوروبي إلى تبنّي موقف تجاري وجيوسياسي أكثر صرامة تجاه الصين، في ظل ازدياد التحديات الجيوسياسية وتصاعد الحاجة إلى تعزيز الأمن الاقتصادي. وتأتي هذه الخطوة مدفوعة بإدراك مزداد بأن سياسات «التوازن» السابقة التي وصفت الصين «شريكاً ومنافساً وخصماً منهجياً» لم تعد صالحة، وأن بكين أصبحت مصدراً لمزيد من التهديدات بدلاً من الفرص. بينما تظهر مؤشرات واضحة على أن ألمانيا - التي كانت تشكّل سابقاً عامل فرملة لأي تشدد تجاه بكين - تعيد اليوم النظر في استراتيجيتها.

ومن المقرر أن تكشف المفوضية الأوروبية في 3 ديسمبر (كانون الأول)، عن عقيدة الأمن الاقتصادي الجديدة، التي ستتضمن مراجعة شاملة لأدوات الدفاع التجاري في مواجهة المخاطر الناشئة؛ مثل التضييق الصيني على صادرات المعادن النادرة، وكذلك النهج التصادمي للولايات المتحدة في التجارة العالمية.

وستكون الصين في صدارة الأولويات الأوروبية، مع تنامي المخاوف من اعتماد أوروبا على المعادن الحيوية الصينية في التحول الأخضر والرقمي، إلى جانب المنافسة غير العادلة الناتجة عن الواردات الصينية المدعومة حكومياً والتي تضغط على الشركات الأوروبية، وفق «رويترز».

وتتطلب هذه الاستراتيجية الجديدة وحدة داخلية قوية بين دول الاتحاد الأوروبي لتمرير السياسات الجديدة، سواء تلك التي تعمّق التعاون مع الشركاء التجاريين المتوافقين مع القيم الأوروبية، أو الإجراءات التي قد تستفز ردوداً انتقامية من بكين. الاتحاد كان يواجه صعوبة في تحقيق مثل هذه الوحدة عندما تعلق الأمر بالرد على الرسوم الجمركية الأميركية.

وفي تحول لافت، بدأت ألمانيا، أقوى اقتصاد في الاتحاد، في الابتعاد عن موقفها السابق الأكثر ليونة تجاه الصين؛ ففي حين كانت برلين قبل عام، تعارض فرض رسوم على السيارات الكهربائية الصينية، فقد أنشأت الأسبوع الماضي، لجنة خبراء لتقديم المشورة للبرلمان بشأن «العلاقات التجارية الحساسة من الناحية الأمنية» مع الصين، في خطوة تعيد إحياء استراتيجية تقليل المخاطر.

كما أعلن المستشار فريدريش ميرتس، أن ألمانيا لن تسمح باستخدام مكونات من شركات صينية في شبكات الجيل السادس المستقبلية. وذهب أبعد من ذلك حين دعا، خلافاً للتقليد الألماني الطويل المؤيد للتجارة الحرة، إلى حماية صناعة الفولاذ الأوروبية.

وخلال زيارته الأخيرة للصين، أثار وزير المالية لارس كلينغبايل مخاوف برلين من القيود الصينية على صادرات المعادن النادرة، ومن توسع الطاقة الإنتاجية الصناعية بشكل مبالغ فيه، مؤكداً ضرورة أن تتجنب أوروبا الوقوع في تبعية جديدة، كما حدث مع الغاز الروسي سابقاً.

ويعزز هذا التحول الألماني إمكانية تبنّي الاتحاد الأوروبي موقفاً أكثر حزماً، خصوصاً في ظل اتساع عجز تجارة السلع بين الاتحاد والصين بنسبة تقارب 60 في المائة منذ عام 2019، وتحول الميزان التجاري الألماني مع الصين من فائض إلى عجز في 2023. وقد توافق قادة الاتحاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على ضرورة استخدام الأدوات الاقتصادية المتاحة لمواجهة الممارسات التجارية غير العادلة، بما في ذلك تسريع إنهاء الإعفاء الجمركي على الطرود منخفضة القيمة التي تمثل قناة رئيسية للبضائع الصينية.

ويتوقع أن تتضمن العقيدة الأوروبية الجديدة التركيز على أدوات مثل الرقابة على الصادرات، وتدقيق الاستثمارات، وتقييد الدعم الأجنبي داخل الاتحاد، إلى جانب تفعيل أداة مكافحة الإكراه، التي تُعد السلاح الأوروبي الأبرز للحد من الواردات أو الصادرات أو الاستثمارات والضغط على الدول التي تمارس سياسات تجارية «قسرية».

تتطلب هذه الاستراتيجية الجديدة وحدة داخلية قوية بين دول الاتحاد الأوروبي؛ ففي الوقت الذي تتشدد فيه ألمانيا، تتحرك إسبانيا في الاتجاه المعاكس عبر تعزيز علاقاتها الاستثمارية مع الصين في مجالات الطاقة المتجددة وبطاريات السيارات الكهربائية والتعدين. وقد ظهرت هذه الدينامية بوضوح خلال زيارة الملك فيليبي إلى بكين، التي أبرزت نجاح الصين في جذب إسبانيا بوصفها حليفاً داخل الاتحاد. ويرى خبراء أن هذا النهج الإسباني «القائم على أولوية المصلحة الوطنية»، قد يهدد وحدة الاتحاد في لحظة حساسة، خصوصاً مع مواجهة الضغوط الصينية في ملفات مثل المعادن النادرة وشركة «نكسبيريا»، التي أثارت جدلاً واسعاً بعدما استولت عليها هولندا بدافع القلق من نقل التكنولوجيا إلى الصين، قبل أن تتراجع بعد ضغوط صينية طالت شركات السيارات الألمانية.

ويؤكد مسؤولون أوروبيون أن الصين تستغل الانقسامات الأوروبية عمداً، وأن نجاح الاتحاد في مواجهة النفوذ الاقتصادي الصيني يتطلب تنسيقاً أعمق، وتوحيداً للمواقف قبل استخدام أدواته الأكثر قوة مثل أداة مكافحة الإكراه.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

الاتحاد الأوروبي يرفض خطة السلام الأميركية ويؤكد ضرورة إشراك أوكرانيا

الصين تتصدر الشركاء التجاريين لألمانيا متفوقة على أميركا

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الدولار يتجه لمكاسب أسبوعية مع انحسار رهانات خفض الفائدة…
أميركا تعلن فرض عقوبات جديدة على إيران
بتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار بعد تأجيل بيانات…
الصين تتصدر الشركاء التجاريين لألمانيا متفوقة على أميركا
الدولار يتذبذب مع بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة

اخر الاخبار

رغم الاجتماع الودي ممداني لا يزال يعتبر ترامب فاشيا
الداخلية السورية تؤكد أن هدف جريمة زيدل بحمص إثارة…
البرهان يهاجم بولس ويؤكد رفض وساطة الرباعية
تمرين بسيط يساهم في حياة أطول ودماغ أفضل

فن وموسيقى

شيرين تؤكد عودتها إلى جمهورها رغم الطعنات تنفي إعتزال…
إلهام شاهين تتوَّج بجائزة The Best 2025 كأفضل ممثلة…
تامر حسني يتلقى دعماً كبيراً من نجوم الوسط الفني…
غياب شيرين عبد الوهاب يثير القلق وسط أنباء عن…

أخبار النجوم

تامر حسني يعود إلى القاهرة بعد جراحة دقيقة لاستئصال…
تكريم الفنان يحيى الفخراني يضيئ افتتاح الدورة 26 لمهرجان…
ياسمين عبد العزيز تكشف عن تفاصيل عودة التعاون بينها…
حقيقة عودة عمرو دياب للتمثيل وتقديم سيرته الذاتية

رياضة

بوغبا يصف عودته للملاعب مع موناكو بالارتياح والامتنان بعد…
غوارديولا يشيد بأداء هالاند مع النرويج ومانشستر سيتي
محمد صلاح يتصدر البوستر الرسمي لكأس العالم 2026
حكيمي يتسلم جائزة أفضل لاعب أفريقي وهو على السكوتر

صحة وتغذية

دراسة تكشف أن الوجبات السريعة قد تُسبب الاكتئاب
نجاح تجربة لعلاج سكر النوع الأول بزراعة الخلايا الجذعية
تقدماً كبيراً لعلاج السكري من النوع الأول عبر زراعة…
تقنية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لدعم الأطباء في…

الأخبار الأكثر قراءة

تحذير من بنك إنجلترا بشأن هبوط وعر للاقتصاد البريطاني
صعود الذهب ورقة الصين الرابحة في مواجهة هيمنة الدولار
رسوم ترامب تهدد ثلاث شركات كبرى بخسارة 7 مليارات…
الروبل ينخفض عقب توقعات خفض الفائدة من المركزي الروسي
أسهم أوروبا تفتح مستقرة مع ترقب المستثمرين لتعيين رئيس…