الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
"داعش" يقطعون رأس عالم الآثار السوري خالد الأسعد

دمشق ـ نور خوام

يقاتل العديد من الناس مع تنظيم "داعش" وهم يعتقدون أنهم يقاتلون في سبيل الله وسينالون الجنة، وينشر التنظيم صورًا دعائية على مواقع التواصل الاجتماعي للقتلى ووجوههم مبتسمة.

 

ويرى تنظيم "داعش" استعداد مقاتليه للموت من أجل قضيتهم مقياسًا لتفوقه على خصومه، ويعتقد أن هؤلاء الذين لا يشاركون تفسيرهم الوحشي للإسلام جبناء، وجاء في تصريح لأسامة بن لادن عام 1996: "نحن نحب الموت أكثر من الحياة".

ويعتبر التاريخ السوري أكثر من مجرد قتلى فهناك الكثيرون ممن يرغبون الموت في سبيله ولكن ليس بدافع الحماسة الدينية، وتجلى هذا الأسبوع الماضي بطريقة بطولية.

وكان عالم الآثار خالد الأسعد (83 عامًا) ضد تنظيم "داعش"، هو حليق الذقن شعره أبيض ويرتدي نظارة طبية، وكان عالمًا بارزًا في مجاله، تعرض الرجل للأسر من قبل مقاتلي "داعش" لكنه حافظ على كرامته وشجاعته بدلًا من الاستسلام للتهديدات.

اقتيد خالد الأسعد في ساحة عامة وهو مقطوع الرأس وتم تعليق جثته على أحد أعمدة الشوارع ووضع رأسه أسفل جسده، وبجانبه وضعت لافته بالجرائم التي قتل الأسعد بسببها وكان من بينها "حضور المؤتمرات الكافرة واعتباره مديرًا للوثنية".

وأوضح قاتلو الأسعد أنه كان محبًا للتاريخ بقدر حبهم للصعود إلى السماء ونيل الجنة كما يعتقدون، حيث خصص الأسعد حياته لدراسة ماضي بلاده القديم كما تعلم التحدث بلغة الحضارة التي اختفت، وحظي بشهرة دولية لعلمه ودرايته بالآثار، وفي "المؤتمرات الكافرة" على حد وصف "داعش" حظي الأسعد بمزيد من الاحترام والتقدير، ولكن الآن كان علمه سببًا في إدانته، حيث وصفه التنظيم بـ "الوثني" لغربته في حفظ ورعاية تماثيل ومعابد الآلهة التي أخفاها عن التنظيم، وبالتالي حكموا عليه بالإعدام واعتبروه "وثنيًا مذنبًا".

وارتكب "داعش" جرائم مماثلة في الأراضي التي يسيطر عليها، حيث تم تدمير التماثيل التي تعود إلى آلاف الأعوام، وفجّر التنظيم أيضًا القصور التي بناها الملوك والمذكورة في الكتاب المقدس، واختفت مدن قديمة بأكملها أنشأها الإسكندر الأكبر بعد أن تم تجريفها ومساواتها بالأرض.

وتحظى مدينة تدمر التي ولد فيها الأسعد بمسرح جميل يضم ما لا يقل عن 350 عمودًا قديمًا مع بعض الأعمدة الكورنثية، وبدت بعض التفاصيل أكبر عمرًا من عهد الإمبراطورية الرومانية، وتم بناء المعابد المهيبة من أجل عبادة الآلهة في منطقة الشرق الأوسط منذ آلاف الأعوام.

وحكمت الملكة زنوبيا المدينة لفترة وجيزة وكانت من أكثر النساء نفوذًا في التاريخ القديم، ولكن تم خلعها على يد قيصر ساخط على بناء إمبراطوريتها وتم جلبها مقيدة بالسلاسل إلى روما، وتراجعت تدمر بعدها إلى الغموض وابتلعت معالمها الكثبات الرملية، وعندما وصلت إلى المدينة حملة كشفية من علماء الآثار الأوروبيين عام 1751، ذهل العلماء من حالة المدينة،  ومنذ ذلك الحين كانت أصبحت المدينة محل اهتمام علماء الآثار باعتبارها لؤلؤة الحضارة العالمية حيث وصفت بـ "فينيسيا من الرمال".

وخدم الأسعد في المدينة لمدة 40 عامًا كرئيس للآثار والتنقيب وتأليف الكتب عنها حتى أنه أطلق اسم زنوبيا على أحد بناته، وكان حب الأسعد للمدينة مصدر إلهام لأبنائه لاستكمال مهنة والدهم، حيث عمل أربعة منهم في المتحف، وقيل إن نجله الأكبر تحت سيطرة تنظيم "داعش"، أما نجله الأخر مختف، وتحدثت زنوبيا عن والدها: "دفع حياته ثمنًا لما عاش من أجله وأحبه، كان حارسًا لتاريخ تدمر للعالم كله".

ومن المعروف أنه عندما اقتربت قوات "داعش" من المواقع الأثرية كان الأسعد ينقل الكنوز الأثرية إلى مكان آمن لحفظهم، وتم تحميل الشاحنات بالقطع الأثرية من المتحف وتوغلت الشاحنات بعيدًا في الطريق الصحراوي، إلا أن الأسعد رفض المغادرة مع القطع الأثرية في لفتة شجاعة منه، ربما كان يتوقع مصيره عندما جاء مقاتلو "داعش" إلى الموقع، حيث ضحى بحياته من أجل تدمر.

وأوضحت مصادر مطلعة أن الأسعد قُتل بعد أن رفض إخبار تنظيم "داعش" بمكان القطع الأثرية، ومن المستحيل معرفة مكانها ولكن الشيء الأكيد أن خالد الأسعد بإنسانيته وعلمه التزم بالحفاظ على تراث بلاده، ولذلك سعى "داعش" إلى التخلص منه.

وحدث في هذا الأسبوع ما هو أسوء من التخريب حتى الآن، حيث تم تفجير واحد من أهم المعابد في تدمر وهو معبد للإله السوري القديم والذي يتميز بالطرازين الكلاسيكي والمصري، وتم نسفه بسلسلة من القنابل المخزنة في براميل زرقاء، كما تحولت تحفة معمارية عمرها آلاف الأعوام إلى أنقاض، ويصعب النظر إلى صور الدمار هذه مع عدم الخوف من أن تواجه بقية تدمر مصيرًا مماثلًا.

 

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اكاديميون مغاربة يدعون الى تحصين الامن الثقافي في مواجهة…
السجل الثقافي في جنوب لبنان يحي أمسية قراءات من…
رحيل صوت الحرية في الأدب العربي المصري صنع الله…
الجسد الأنثوي وفتنة الخطاب الشعري العربي
وزير الثقافة يطلق الخطة القومية لإحياء السينما المصرية وتطوير…

اخر الاخبار

الملك محمد السادس يترأس افتتاح الدورة الأولى من السنة…
بايتاس يؤكد أن الحكومة المغربية تتفاعل بجدية مع احتجاجات…
المملكة المغربية تُرحب بإعلان ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف…
مجلس الشيوخ الأميركي يؤكد تعيين ديوك بوكان سفيراً للولايات…

فن وموسيقى

شيرين عبدالوهاب تعود الى جمهورها بعد سنوات من الالم…
غادة عادل تكشف تفاصيل تجربتها السينمائية الجديدة وتؤكد أنه…
منه شلبي تتالق بالاحمر في العرض الخاص لهيبتا وتكشف…
ليلى علوي تتلقى دعم مهرجان الاسكندريه بعد انتشار مزاعم…

أخبار النجوم

أنجلينا جولي تعلن رغبتها في مغادرة أمريكا بسبب شعورها…
فيلم الست يثير الجدل ومنى زكي تواجه الانتقادات وتعلق
فيفي عبده تحتفل بوقف الحرب علي قطاع غزة
إلهام شاهين تكشف موقفها من توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي…

رياضة

السيسي يهنئ المنتخب المصري بالتأهل لكأس العالم 2026
صلاح يواجه موسما صعبا مع ليفربول والارقام لا ترحمه
بيريز يوضح الفرق بين انضمام رونالدو ومبابي لريال مدريد
اعتداء على نايف أكرد في مطار مرسيليا واللاعب يصفه…

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي ونظيره النيجري يتباحثان تعزيز التعاون في…
الصحة العالمية تحذر من فيروس RSV وتؤكد وجود طرق…
تأخير معادلة الشهادات الأجنبية يفاقم نقص الأطباء بالمغرب
اكتشاف علمي يمهد لعلاج جذري لمرض السكري من النوع…

الأخبار الأكثر قراءة

السجل الثقافي في جنوب لبنان يحي أمسية قراءات من…
رحيل صوت الحرية في الأدب العربي المصري صنع الله…
الجسد الأنثوي وفتنة الخطاب الشعري العربي