الرئيسية » الإعلام وروّاده
التصوير الصحفي

غزة - المغرب اليوم

لا تمر الساعات ثقيلة على المصور الصحافي مجدي فتحي، الذي ينطلق في أغلب الأيام من منزله الواقع داخل حي الشجاعية الكائن شرق مدينة غزة، عند الساعة السادسة صباحاً، نحو عمله الذي يجول لأجله مناطق مختلفة من قطاع غزة، إذ يُصور مختلف تفاصيل الحياة للسكان، ويحرص على معايشة الكثير من القصص بنفسه، ليكون قادراً على معرفة الأبعاد والمشاعر التي يُفترض أن تشرحها لقطاته.

ويقول في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «مصور الحياة اليومية، يجب أن يتمتع بالصبر ليتعايش مع مختلف الظروف، ويجب عليه توقع الإيجابية والسلبية كنتائج لجولات عمله»، مبيّناً أن بيئة العمل الغزية متغيرة، ففي أوقات تكون الصورة المطلوبة ذات العلاقة بمظاهر الفقر والأوضاع الصعبة، وأحياناً تكون صور الموت والدماء هي البارزة، كما أن جانب الفرح والحياة لدى السكان يُنتج لقطات مهمة.

تجربته في العمل الميداني داخل قطاع غزة كانت غنية جداً ومليئة بالتفاصيل والتجارب، كما يلفت فتحي، الذي غطى ثلاثة حروبٍ شرسة شنتها إسرائيل ضد القطاع في أعوام 2008 و2012 و2014. وغطى أيضاً الكثير من التصعيدات المتفرقة، إضافة لتغطية مسيرات العودة وكسر الحصار، التي انطلقت على حدود القطاع في نهاية مارس (آذار) لعام 2018 واستمرت لنحو عام ونصف.

وينبه إلى أن اللقطات التي خرج بها من تلك الأحداث، كانت بأبعادٍ مختلفة، وشرحت مشاعر حزن وفرح وصمود وتحدٍ، كما أنها أثرت كثيراً على نفسيته وشخصيته، فكثير من القصص لا تزال تُلح على ذاكرته بصورة يومية، وهناك العديد من العلاقات الاجتماعية التي نسجها مع أصحاب صورٍ التقطها.

يفضل الأربعيني مجدي الذي يعمل مصوراً حراً لعدد من المؤسسات الدولية، ويتابع: «أشعر أن مظاهر الحياة المتمثلة بالبحر، والبيوت والأطفال والمخيمات والأزقة تبتسم أمام كاميرتي، وتفتح بابها واسعاً للعدسة، كأنها تعلم أنه ستخرج جميلة ومختلفة في صوري»، موضحاً أن غزة بكل تفاصيلها تستحق الحياة الأفضل والطموح الكبير، لأن أهلها تعرضوا لكثير من الظلم وضاعت حقوقهم في زحمة السياسة.

وحصل المصور فتحي خلال عمله على عدد من الجوائز الدولية والمحلية، كان أهمها، جائزة الشارقة للصورة العربيّة عام 2004. وجائزة التميّز في مسابقة الصين الدوليّة عام 2015. وجائزة بيت الصحافة سنة 2019.

ويردف بحديثه «سياسة الإغلاق والحصار الإسرائيلي، تؤثر كثيراً على طبيعة عملنا الصحافي كمصورين في قطاع غزة، وتحجب عنا كثير من الفرص الجيدة، ذات العلاقة بالشغل مع مؤسسات خارجية والتدريب وغيرها».

المصورة الصحافية سمر أبو العوف، بدأت عملها الميداني، قبل 10 سنوات تقريباً، حيث جالت منذ ذلك الوقت معظم المناطق والأزقة في قطاع غزة، وطافت على بيوتٍ مختلفة، صورت خلالها مظاهر حياة السكان، ورصدت تفاصيل الفرح والحزن، ونشرت المئات من الصور في مواقع وصحف عربية وأجنبية، كما شاركت في العديد من المعارض، داخل فلسطين وخارجها.

وتروي أبو العوف وهي أم لأربعة أبناء، أن عملها الصحافي، تعثر بعدد من العقبات أهمها، عدم توافر المعدات في البداية، ثم نظرة المجتمع «الشرقي» الذي لم يعتد على رأي امرأة وهي تحمل كاميرا ومستلزمات تصوير أخرى، شارحة أن المزواجة ما بين المسؤولية المنزلية وبين العمل الميداني، أمر غاية في الصعوبة، على المصور الذي يسعى لنقل الحياة اليومية، لأن وقت شغله سيكون مفتوحاً وبلا قيود.

تشير سمر إلى أن البداية كانت في هاتفها المحمول، وكانت لقطات لمظاهر مرتبطة بالطبيعة وغروب الشمس والأشجار، وبعد ذلك شرعت في تعلم أساسيات التصوير السليمة، من خلال دورة تدريبية، استفادت خلالها من خبرات المدرب والمتدربين الآخرين.

وخلال رحلة عملها، حصلت سمر على عدد من الجوائز وحظيت بأكثر من تكريم، وكان آخرها تلك الجائزة التي حصلت عليها، بعد إعلان فوزها بالمركز الثالث في مسابقة «كريمة عبود» للتصوير الفوتوغرافي، والتي نظمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة عام 2019. وكانت الصورة الفائرة توثق حياة المواطنين في ظل الظلام الناتج عن أزمة الكهرباء، التي يعيشها القطاع، منذ أكثر من 14 عاماً.

وتوضح أبو العوف أن أكثر المراحل الفارقة في حياتها المهنية، كانت تلك الفترة، التي اختارت فيها النزول لميدان العمل على حدود غزة، وهي ترتدي وعاءً حديدياً وسترة من النايلون، كبديل عن معدات السلامة المهنية التي من المفترض أن ترتديها، منوهة بأنها فعلت ذلك لإيصال رسائل معاناة الصحافيين الفلسطينيين، الذين يعملون دون توفر أبسط وسائل السلامة والحماية.

حال المصور محمد الزعنون، يتفق مع زملائه في النزول لمناطق القطاع، لالتقاط الصور المختلفة، ويختلف معهم في كونه يشق طريق الاستمرارية بالعمل الصحافي، بنصف أعضاء جسده، فالإصابة التي تعرض لها عام 2006 حين كان يغطي الاعتداءات الإسرائيلية برفقة مجموعة من زملائه، أثرت على حياته بشكلٍ كامل، وسلبت منه راحته وتوازنه.

ويسرد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تعرضت للإصابة بشظايا القذائف، التي اخترقت عدداً من الأعضاء في جسدي، وسببت لي عجزاً بنسبة 60 في المائة، وبقيت على إثرها في البيت لمدة عامين كاملين، وبعد مرور تلك الفترة العصيبة، عدت من جديد لممارسة عملي الميداني»، شارحاً أن أصعب ما في فترة العلاج، كان خذلان المؤسسات الإعلامية والنقابية في داخل فلسطين وخارجها، وعدم تقديم أي منها مساعدة له.

وحتى هذا الوقت ما زال الزعنون يعاني من آثار إصابته، وبين الحين والآخر ينزف بطنه دماً، ويشتد الألم في عيونه وفمه وأذنيه، ويستكمل حديثه: «تواصلت في الفترة الماضية، مع كثير من المؤسسات الدولية، مثل منظمة مراسلون بلا حدود، لطلب توفير العلاج، لكني لم أجد منها إلا الرفض، وذلك رغم وجود جميع الإثباتات، التي تبين حجم الاحتياجات الطبية والعلميات التي احتاجها».

ويركز الزعنون في عمله الحالي على تصوير الحياة الاجتماعية اليومية والإنسانية، بعيداً عن النمط الإخباري الروتيني، لأنه يجد في الأول روحاً وحياة، وتفاصيل تستحق تسليط الضوء عليها، وينوه بأنه يزور المناطق المهمشة باستمرار، ويلتقي هناك بأشخاص أصحاب قصص ومواقف مؤثرة، ويحاورهم للاستماع لهم، قبل التقاط الصور لهم، لأن ذلك بحسب حديثه يزيد من قوة اللقطة.

ويزيد: «بساطة الصورة وطبيعتيها المطلقة هي الأساس في نجاح وصولها للناس، لتكون أكثر تأثيراً، وذلك لا يتم تحقيقه إلا في حال كان المصور شغوفاً وحريصاً على تحصيل كل لقطة جديدة، وذلك يتطلب منه نشاطاً وحضوراً دائماً وعلاقات واسعة في أماكن متعددة، لتكون بمثابة المصدر له». ويشير إلى أنه حصل على عدد من الجوائز الدولية خلال عمله، حيث حاز في العام الماضي لوحده على 6 جوائز مهمة، كما يقول.

وفيما يتعلق بأصعب المشاهد الحياتية التي يغطيها المصورون الصحافيون في فلسطين، يختم قائلاً: «إنها تتوزع بين جنازات الشهداء، والمصابين داخل المستشفيات في أوقات التصعيد والقصف، كما أن هناك جانبا له علاقة بتغطية حياة الأسر الفقيرة، وأصحاب الأمراض الخطيرة، الذين لا يتمكنون من توفير مستلزمات العلاج».

قد يهمك ايضا :

عاداتٌ تراثية وأرض معطاء في موسم فواكه الصيف في غزة

الافراج عن المصور الصحافي المصري شوكان بعد خمس سنوات

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

حريق ضخم يضرب المقر السابق لهيئة الإذاعة البريطانية في…
برّاك يلفظ كلمات نابية بحق صحفيين في لبنان ويصف…
خيام تتحول إلى غرف أخبار وصحفيو غزة يواصلون عملهم…
الصحافي الفلسطيني خالد المدهون شهيداً بنيران الاحتلال في غزّة
صحفيو غزة في خيام الموت يكتبون الحقيقة تحت القصف…

اخر الاخبار

الطالبي العلمي يؤكد أن الخطاب الملكي دعوة لتعزيز المسؤولية…
إشادة واسعة بمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الأمم المتحدة…
حزب التجمع الوطني للأحرار يثمّن مضامين الخطاب الملكي بمناسبة…
وزارة الداخلية المغربية تُحدد موعد إجراء إنتخابات جزئية لملء…

فن وموسيقى

بلقيس فتحي تعلن مشاركتها في موسم الرياض 2025
شيرين عبدالوهاب تعود الى جمهورها بعد سنوات من الالم…
غادة عادل تكشف تفاصيل تجربتها السينمائية الجديدة وتؤكد أنه…
منه شلبي تتالق بالاحمر في العرض الخاص لهيبتا وتكشف…

أخبار النجوم

تكريم منى واصف في مهرجان البحرين السينمائي تقديرا لمسيرتها…
أنجلينا جولي تعلن رغبتها في مغادرة أمريكا بسبب شعورها…
فيلم الست يثير الجدل ومنى زكي تواجه الانتقادات وتعلق
فيفي عبده تحتفل بوقف الحرب علي قطاع غزة

رياضة

المنتخب المغربي يتابع الحالة الصحية لأوناحي والمزراوي قبل الاستحقاقات…
لامين يامال يهدد بالرحيل عن برشلونة بسبب انتقادات فليك
السيسي يهنئ المنتخب المصري بالتأهل لكأس العالم 2026
صلاح يواجه موسما صعبا مع ليفربول والارقام لا ترحمه

صحة وتغذية

دراسة تكشف وجها جديدا وخطيرا لسرطان الدماغ يهاجم العظام…
وزير الصحة المغربي ونظيره النيجري يتباحثان تعزيز التعاون في…
الصحة العالمية تحذر من فيروس RSV وتؤكد وجود طرق…
تأخير معادلة الشهادات الأجنبية يفاقم نقص الأطباء بالمغرب

الأخبار الأكثر قراءة

برّاك يلفظ كلمات نابية بحق صحفيين في لبنان ويصف…
خيام تتحول إلى غرف أخبار وصحفيو غزة يواصلون عملهم…
الصحافي الفلسطيني خالد المدهون شهيداً بنيران الاحتلال في غزّة
صحفيو غزة في خيام الموت يكتبون الحقيقة تحت القصف…
خلية استخباراتية إسرائيلية تعمل على تشويه صحفيي غزة لإضفاء…