الرئيسية » أخبار النساء
مريم الكوراري

الرباط - المغرب اليوم

يفغر من يلاقون مريم الكوراري أفواههم لتلقي العلاجات الطبية والتدخلات التقويمية المرتبطة بأسنانهم، والأخصائية المغربية الألمانية تحصد الاحترام والتقدير يوميا بفضل ما تحرزه من نتائج مبهرة.

مسار الكوراري يبقى متميزا بفعل جمعه اليأس مع الأمل والاستسلام مع التحدي، في حزمة ذهنية واحدة، ثم يبرز مريم تجسيدا لأسطورة "طائر الفينيق"؛ ذاك الكائن الذي يحترق قبل أن ينبعث من رماده.

بين الناظور و"آخن"
ولدت مريم الكوراري في جماعة أولاد ستوت المتاخمة لبلدية زايو، على بعد 40 كيلومترا من إقليم الناظور، وبها أمضت السنوات التسع الأولى من العمر، وعلى ترابها قضت ثلاثة مواسم دراسية قبل الانتقال إلى ألمانيا.

تقول الكوراري إن تجربة الهجرة صوب "آخن" كانت منتظرة طيلة سنوات؛ إذ ظفر أبوها بفرصة عمل في الديار الأوروبية خلال ستينيات القرن الماضي، وبعد أعوام من ذلك فعّل مسطرة التجمع العائلي لجلب أسرته إلى بلد استقراره.

"صحيح أن هذا الاستعداد النفسي لم يكن مواكبا لحقيقة الوضع الذي كان ينتظرني، وما زالت ذاكرتي تحتفظ بتأثير نزلات البرد الأولى التي ألمّت بي؛ فقد كان الاعتياد على الطقس أول عائق أمامي حينها"، تردف مريم.

حاجز اللغة الألمانية
تموقعت أسرة الكوراري في مدينة "آخن" ضمن محيط اجتماعي يعرف قلّة من المهاجرين، في أواخر سبعينيات الألفية الماضية، وقد كانت عاجزة عن التواصل باللغة الألمانية في هذا الوسط السكني.

وتقول مريم عن هذه المرحلة الجديدة من حياتها الطفولية: "مساري الدراسي في المغرب مسح بفعل عجزي عن التواصل بلسان الألمان، وكان لزاما عليّ البدء في التعليم الابتدائي من السنة الأولى".

تتذكر مريم الكوراري مربية حرصت على إيلائها عناية خاصة، بمعية أستاذ آخر مغربيّ، حتى تظفر بمكتسبات لغوية تمكنها من استثمار مهاراتها التعليمية الأساسية المستوفاة فوق التراب المغربي.

رغم المستوى اللغوي الضعيف، الآخذ في التحسن تدريجيا، اجتازت "ابنة أولاد ستوت" المستوى الأول في 4 شهور، ثم واصلت الجهود حتى المستوى الرابع الذي تخطته في نصف سنة فقط.

انسحاب قبل "الباك"
تكشف مريم الكوراري أنها حلمت منذ الصغر بممارسة مهنة التطبيب الجراحي، وأنها ربطت هذا التوجه خلال طفولتها بمعالجة الأطفال أو الطب العام الذي يعد تخصصا في جمهورية ألمانيا الفدرالية.

وتضيف المتحدثة: "واظبت على إثارة ما يراودني بشأن هذا الحلم المهني وسط أفراد أسرتي، وقد حرصت على جعل والدتي في قلب هذا الانجذاب الغريب الذي سكن بالي وجوارحي مبكرا".

التذبذب في التمكن من اللغة الألمانية عرقل الدراسة الثانوية للكوراري، ورمى بها بعيدا عن الطريق المؤدية إلى كليات الطب؛ إذ لم تتمكن من الحصول على شهادة الباكالوريا وغادرت فصول المؤسسة التعليمية.

تجارب قبل الاستدراك
حاولت المنتمية إلى صف "مغاربة العالم" شق مسار تكويني بديل يركز على المهارات المهنية في السكريتارية، رامية إلى ضمان استقلال مالي قادر على تخفيف الالتزامات التي ترزح تحتها أسرتها.

بعد تجارب ميدانية محدودة، هبت رياح التغيير لتدفع مريم الكوراري نحو تكوين في التمريض يخول العمل مع أطباء الأسنان، وبذلك انبعث حلمها الطفولي كي يجعلها مصرّة على الغدو طبيبة في التخصص الطبي ذاته.

مريم تورد بشأن هذا التطور: "عدت مجددا إلى استيفاء الدراسات الثانوية من أجل نيل شهادة الباكالوريا، وكان ذلك وفق مسار صعب استلزم سنوات من الدروس المسائية، فالوصول متأخرا خير من عدم الوصول أبدا".

طب الأسنان
شرعت الكوراري في مسار التكوين الطبي عند بلوغ ربيعها الـ29، وتأتّى لها الأمر في مدينة "فرانكفورت"، بينما استغرقت 7 سنوات في التعليم العالي من أجل التخرج طبيبة أسنان.

كان لزاما على مريم المزاوجة بين التركيز الدراسي والاشتغال، خلال الطور الجامعي، لكسب مردود مالي يسير بها صوب تحقيق حلم الطفولة، ودأبت على التحرك بين الكلية ومشافٍ عملت بها ممرضة لتحقيق المبتغى.

"بحثي النهائي انصب على العلاقة القائمة بين الفكّين بالمشي السليم عند البشر، وكان ضروريا أن أشتغل سنتين مع المرضى المتوفرين على الضمان الاجتماعي في القطاع العام كي أحصل على إذن بفتح عيادة خاصة"، تسرد الكوراري.

بين ألمانيا والمغرب
تشتغل مريم الكوراري، منذ سنوات، في عيادتها الكائنة بقلب مدينة "فرانكفورت" الألمانية، وتحظى بإقبال كبير على الخدمات التي تقدمها ضمن ميدان لم يفارق أحلامها رغم العثرات الحياتية التي لاقتها.

وترى المغربية عينها أن المجتمع الألماني لم يقدّم غير الدعم المسترسل لمسارها المتذبذب سابقا، مشددة على أنها، طيلة العقود الأربعة الماضية، لم تشعر بتمييز على أساس العرق، أو أي معاملة سلبية لاعتبارها مهاجرة.

تقول الكوراري عن وضعها المهني: "الأمور ناجحة بمنسوب تخطى تصوراتي، والمستقبل أربطه بتوسيع عيادتي من جهة، وافتتاح مركز علاجي فوق التراب المغربي من جهة ثانية".

كما تضيف طبيبة الأسنان ذاتها: "أراهن على تطوير العلاقات المغربية الألمانية إلى مستوى يجعل الأطباء الألمان قادرين على الممارسة في المغرب، وأن يتاح لنظرائهم المغاربة الأمر نفسه بعموم الدولة الألمانية".

الدراسة والأحلام الخالدة
تعلن مريم الكوراري، في كلمة موجهة إلى الأجيال الصاعدة حيثما تواجدت، أن المراحل الدراسية تبقى فرصا لبناء المدارك والفعل الإيجابي في الذوات، وتشكل أساس النجاحات المستقبلية، لذلك يتوجّب التركيز خلالها.

وتردف المنتمية إلى صف الجالية المغربية أن "المسارات لا ترسم دوما بخطوط مستقيمة، وفقدان البوصلة خلال أي من أشواط الحياة لا يعفي من البحث عن مسالك بديلة تتيح العودة إلى الوجهة المحددة سلفا".

"أنصح الشابات والشبان، قبل فوات الأوان، بالحرص على التشبث بأحلامهم الكبيرة كيفما جاءت تحولات الظروف. اليأس لا يجلب أي منافع لمن يتملكه، والمثابرة عصا سحرية افتراضية تحيل الحياة ملأى بالمكاسب".

 وقد يهمك أيضا :  

أول فتاة في العالم تقود طائرة دون ذراعين تروي تفاصيل حياتها

حليمة عدن أبرز عارضة أزياء محجبة تحمل سجادة صلاتها معها في غرفة التبديل

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

‬‬الأمين ‬العام ‬لحزب ‬الاستقلال نزار ‬بركة يُوجه ‬تحية ‬‬إلى…
نبيلة منيب تؤكد أن مدونة الأسرة تحتاج إلى مراجعة…
ميلانيا ترامب تستعد لتصوير حياتها في البيت الأبيض في…
أوبرا وينفري تروي تجربتها المؤثرة مع خسارة الوزن وتذرف…
دعوة لقادة حركة طالبان بفتح مدارس الفتيات في أفغانستان

اخر الاخبار

التميمي يثمن مواقف المغرب التاريخية تجاه فلسطين ويصف لقاءه…
بوريطة يجري سلسلة محادثات ببروكسيل لدفع التعاون المغربي الأوروبي…
أخنوش يؤكد أن إنجازات الحكومة المغربية ليست هدفًا بل…
الملك محمد السادس يُعبر عن تقديره لقيادة سلطان بروناي…

فن وموسيقى

المغربية جنات تعود بألبوم جديد يحمل عنوان ألوم على…
سعد لمجرد يقدّم حفلاً أسطورياً في المغرب بعد غياب…
سميرة سعيد تبدأ تحضيرات ألبوم جديد مع هاني يعقوب…
لطيفة رأفت تعود بقوة في صيف 2025 بجولة فنية…

أخبار النجوم

عمرو دياب يستعد للقاء الجمهور اللبناني في حفل مرتقب…
لطيفة تعبر عن سعادتها بنجاح ألبوم قلبي إرتاح وتكشف…
نانسي عجرم تكشف عن أول لمحة من ألبومها الجديد…
محمد رياض يعلن ختام مسيرته في رئاسة المهرجان القومي…

رياضة

فيفا يختار لاعب الهلال ضمن أبرز 5 "واعدين" في…
الثنائي المغربي أشرف حكيمي وياسين بونو ضمن التشكيل المثالي…
موقعة نارية في النهائي العالمي بين تشيلسي وباريس سان…
مبابي يصنع التاريخ مع ريال مدريد ويسجل في سبع…

صحة وتغذية

تناول ثمرتين من الكيوي يومياً يعزز صحة الأمعاء ويكافح…
تحول جذري في علاج إصابات العمود الفقري بعد موافقة…
لعلاج الصداع النصفي المؤلم إليك حيلة زجاجة الماء البسيطة
جوز البرازيل كنز غذائي يعزّز صحتك من الداخل إلى…

الأخبار الأكثر قراءة

الأميرة ريما تصف زيارة ترامب بأنها لحظة مفصلية للسلام…