الرئيسية » تحقيقات
الكيبوتسات الإسرائيليّة

القدس المحتلة – وليد ابوسرحان

تخشى القرى الزراعية والتعاونية الإسرائيلية المعروفة باسم "الكيبوتسات" أن تفقد الشقراوات السويديات، اللواتي يأتين كل عام كمتطوعات للخدمة، وتبادل الخبرات، في تلك التجمعات الاشتراكية في الدولة العبرية، التي بدأت تفقد أهميتها في المجتمع الإسرائيليّ، لاسيّما بعد تقلص دعم الحكومة لها.وجاءت الخشية الإسرائيلية من فقدان الشقراوات على خلفية اعتزام السويد الاعتراف بدولة فلسطين، الأمر الذي أثار حفيظة إسرائيل، مما خلق نوعًا من الأزمة ما بين الدولتين.

 ومجيء المتطوعات السويديات إلى القرى التعاونية في إسرائيل هو تقليد منذ أعوام، إذ تأتي الفتيات الشقراوات والمليئات بالحيوية بغية تبادل خبرات الحياة، القروية والاشتراكية، لحلب الأبقار، وقطف الثمار وتناول طعام الغداء في غرفة مخصصة للأكل مع مئات الأشخاص.
وأصبح خوض مثل هذه التجربة، على مدار الأعوام، أمرًا شعبيًا جدًّا، وقد أحبَّها الجانبان؛ الفتيات السويديات حيث قضين صيفًا حارًّا، مثيرًا للاهتمام وقيّمًا في هذه القرى، وكذلك استمتع أهل هذه القرى من ثمار ما أنجزنه، والحقيقة فقد كان الأمر جميلاً جدًّا، في بعض الأحيان، تحاول إحداهن التقرب من شاب مفتول العضلات من أهل القرى التعاونية، ويقررن الزواج منه من أجل البقاء والعيش في إسرائيل، بعضهن يغيّرن ديانتهن إلى اليهودية.

 وتغيّر المزاج العام في السويد عقب العدوان الأخير على قطاع غزة، وإعلان الحكومة السويدية اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين، دعمًا لمبدأ حل الدولتين، الأمر الذي أدى لتصاعد حدة التوتر بين إسرائيل والسويد، ودفع وزير الخارجية الإسرائيلي أفغيدر ليبرمان، لتأنيب السفير السويدي لدى إسرائيل.وكانت وزير الخارجية السويدية مارغوت فالستروم، أكّدت أنَّ "كل من له اطلاع على الوضع السياسي في السويد يعلم موقفنا الواضح تجاه قرار اعترافنا بدولة فلسطين"، مشيرة إلى أنَّ "ذلك الأمر لم يكن من قبيل المفاجأة لأي طرف بقرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية".

وأضافت الوزير، في مقابلة تليفزيونية، أخيرًا أنه "قد آن الأوان أن نتحرك من الأقوال إلى الأفعال، ولو أنَّ المجتمع الدولي يؤمن بأنَّ حل الدولتين هو المطلوب وهو الهدف فعلينا أن نتحرك نحو الاتجاه في الشرق الأوسط".وعبّرت الكثيرات من المتطوعات من مختلف القرى التعاونية الزراعية "الكيبوتسات" في إسرائيل عن التغييرات السلبية في الرأي العام السويدي ضد إسرائيل.يذكر أنَّ "الكيبوتس" هو تجمع سكني تعاوني، يضم جماعة من المزارعين أو العمال اليهود، الذين يعيشـون ويعملون سـويًا، ويبلغ عـددهم ما بين 40 و1500 عضو.

 ويُعدُّ الكيبوتس من أهم المؤسسات التي تستند إليها الحركة الصهيونية في فلسطين، قبل 1948، والتي أثرت على الحياة السياسية والاجتماعية في إسرائيل حتى بداية الثمانينات وقتما بدأ انحطاطها، وهي مؤسسة فريدة مقصورة على المجتمع الصهيوني، إذ لا توجد أية مؤسسة تضاهيها في الشرق الأوسط أو خارجه.

 و"الكيبوتس" هو كيان مستقل إداريًا على السلطات المحلية ويوفر خدمات تعلمية وصحية وحرفية معتمدًا على جهود ذاتية للمقيمين فيه ويلقى دعم من الدولة العبرية، وقد أخترع هذا الأسلوب في الإدارة لكي يعالج أشكالية تواجد الأقلية اليهودية في فلسطين بحيث يحتكم اليهود فيما بينهم لقواعد وقوانين وتشريعات تخصهم وحدهم ولا يلجؤون إلى أجهزة الدولة، إذ انهم لا يؤمنون بمعتقدات تلك الدولة أو شرائعها.

 وتأسّس الكيبوتسات الأولى عام 1909 على ساحل بحيرة طبريا، على بعد 10 كيلومترات جنوب مدينة طبريا، وسمي "كفوتسات دغانيا" أي "مجموعة دغانيا"، وتأسست بعده 300 كيبوتس تقريبًا، آخرها عام 1998.وفي عام 2004 كانت في إسرائيل 278 كيبوتسًا، سكن فيها 126800 نسمة، أي 2% من مواطني إسرائيل، أكثريتهم الساحقة من اليهود، وغالبيتهم من اليهود الغربيين، أي المهاجرين من أوروبا إلى فلسطين.

 ورغم تنوُّع انتماءات الكيبوتسات السياسية، تأسست عام 1999 "الحركة الكيبوتسية" من منظمتي "الحركة الكيبوتسية الموحدة" (تاكام) و"حركة الكيبوتس القطرية" (أو هاشومير هاتساعير).وتتمثل أهمية الكيبوتسات داخل إسرائيل، في العقود الثلاثة الأولى لقيام الدولة، عبر الإحصاءات التي قد تعطي فكرة عن مدى إسهام هذه المؤسسة في المجتمع الإسرائيلي في ذلك الحين، حيث بلغت نسبة أعضاء الكيبوتس في النخبة الحاكمة، أي بين قيادات المجتمع الإسرائيلي، سبعة أضعاف نسبتهم في المجتمع، ويكفي أن نذكر أنَّ دافيد بن غوريون وموشيه ديان وشيمون بيريس ويغآل آلون وغيرهم من أبناء الكيبوتسات.

 وكان ثُلث الوزراء الإسرائيليين من 1949 حتى 1967 من أعضاء الكيبوتس، كما أنَّ 40% من إنتاج إسرائيل الزراعي و7% من صادراتها في ذلك الحين كانت من إنتاج الكيبوتسات، و8% من إنتاجها الصناعي، هذا يعني أن نوعية سكان الكيبوتسات كانت من النخبة الصهيونية ومن الفئات القوية في المجتمع الصهيوني، ثم الإسرائيلي، أكبر بكثير من نسبتها في المجتمع.وفي نهاية سبعينات القرن الـ20 ظهرت موجة من الحفيظة ضد الكيبوتسات، لاسيما بين اليهود الشرقيين، الذين يعيشون في المدن الصغيرة.

ومعظم الأراضي التابعة للكيبوتسات هي في ملكية الدولة، من بينها أراض صادرتها الدولة من عرب فلسطينيين هُجّروا أثناء حرب 1948، وكانت سياسة الدولة منح الكيبوتسات حرية للاستثمار من أراضي الدولة ما دامت الكيبوتسات تستخدمها للزراعة والصناعة.وفي نهاية التسعينات أخذت بعض الكيبوتسات تستخدم هذه الأراضي لبناء مراكز تجارية، وطالبت الدولة بالاعتراف بالكيبوتسات كمالكة الأراضي بالفعل، وقد نشأت حركة يهود شرقيين تطالب بإعادة تقسيم الأراضي من جديد، بسبب إحساسهم بالإجحاف في هذا الأمر، معتقدين أن من حقهم الاستفادة بصورة أكبر من الأراضي التابعة للدولة.
ومنذ فوز حزب "الليكود" في الانتخابات الإسرائيلية العامة عام 1977، والأزمة الاقتصادية التي شهدتها إسرائيل في الثمانينات تقلص دعم الحكومة الإسرائيلية للكيبوتسات، وتقللت أهميتها في المجتمع الإسرائيلي.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

FBI يعثر على وثائق سرية في مكتب مستشار ترمب…
تحقيق أممي يكشف نوايا إسرائيل في غزة والضفة
تقرير يكشف الموساد نشر 100 عميل في إيران قبل…
بريطانيا تقترب من الاعتراف بدولة فلسطينية مع تصعيد ضد…
المرصد الوطني للإجرام يتحول من جمع البيانات إلى فاعل…

اخر الاخبار

خامنئي يجيز رفع القيود عن مدى الصواريخ الايرانيه
نتنياهو يتعهد باعاده جميع الاسرى المحتجزين في غزه
ترامب يعلن موافقه اسرائيل وحماس على المرحله الاولى من…
حماس تعلن موافقتها على مقترح ترامب في شرم الشيخ…

فن وموسيقى

شيرين عبدالوهاب تعود الى جمهورها بعد سنوات من الالم…
غادة عادل تكشف تفاصيل تجربتها السينمائية الجديدة وتؤكد أنه…
منه شلبي تتالق بالاحمر في العرض الخاص لهيبتا وتكشف…
ليلى علوي تتلقى دعم مهرجان الاسكندريه بعد انتشار مزاعم…

أخبار النجوم

حمزة نمرة يترشح رسميا لجوائز غرامي وينافس على فئتين
احلام تشعل مواقع التواصل بمبادره فنيه جديده مستوحاه من…
آسر ياسين يكشف تفاصيل دوره في فيلم "وتر واحد"
محمد هنيدي يعلن عودة يوسف معاطي للدراما في مسلسل…

رياضة

صلاح يواجه موسما صعبا مع ليفربول والارقام لا ترحمه
بيريز يوضح الفرق بين انضمام رونالدو ومبابي لريال مدريد
اعتداء على نايف أكرد في مطار مرسيليا واللاعب يصفه…
ريال مدريد يفكر في اعادة الظهير المغربي اشرف حكيمي

صحة وتغذية

تأخير معادلة الشهادات الأجنبية يفاقم نقص الأطباء بالمغرب
اكتشاف علمي يمهد لعلاج جذري لمرض السكري من النوع…
وزير الصحة المغربي يكشف عن إطلاق إصلاح هيكلي للقطاع…
خبراء يحذرون من تناول الحبوب من دون ماء

الأخبار الأكثر قراءة

3 سيناريوهات محتملة لرد إيران على قرار إعادة العقوبات
121 طفلاً يموتون جوعاً في غزة وبرنامج الأغذية العالمي…
بدء تنفيذ خطة تسليم السلاح الفلسطيني في لبنان من…
مرصد حقوقي يكشف استخدام مواقع التواصل لجمع تبرعات لحفر…
تراجع معدلات المواليد في مصر بين توجهات حكومية وأعباء…