الرئيسية » قضايا ساخنة

القاهرة ـ المغرب اليوم

أثارت عودة الفريق محمد التهامي إلى الساحة المصرية، عقب إعادة تأهيل الحكومة المصرية له، وتعيينه في منصب رئيس جهاز المخابرات العامة، تساؤولات خبراء ودبلوماسيين محليين وغربيين عن السر وراء هذا القرار، موضحين أن التهامي كان، في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، مسؤولاً عن اجتثاث الفساد الحكومي، بينما واجه، في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، مجموعة كبيرة من الاتهامات،  تضمنت التستر على المحسوبية والصفقات الشخصية. ويوضح دبلوماسيون غربيون ومصريون، مقربون من الحكومة، أن "التهامي برز كأحد أكبر المحرضين على الحملة القاتلة على الإسلاميين، الرافضين للانقلاب وأنصار الرئيس، في محاولة لسحق جماعة الإخوان، كما اختفت كل آثار اتهامات الفساد، التي وُجهت له من طرف أحد محققي النيابة العامة"، متسائلين عن "أدلة محققي النيابة العامة في شأن فساده، وعرقلته سير العدالة". ويطرح الحقوقي حسام بهجت، الناقد للفريق التهامي في العلن، تساؤلاً بشأن تولي الأخير منصبًا في غاية الأهمية، صبيحة استيلاء الجيش على السلطة، بعدما تقاعد"، مشيرًا إلى أن "أحدًا لم يتطرق إلى هذه الملاحظة"، مؤكّدًا أن "التهامي رفض إجراء مقابلة في هذا الشأن، ولم يجب عن الأسئلة المكتوبة، كما لم تصعد الادعاءات الموهجة ضده إلى المحكمة، كما رفض المتهم المقدم معتصم فتحي، ضابط الشرطة، إجراء مقابلات، بعدما اعترف، في مقابلة تلفزيونية في الخريف الماضي، بأنه استقال موقتًا من العمل مع التهامي في هيئة الرقابة الإدارية، الرقيب الرئيسي لمكافحة الفساد". ويؤكد منتقدو التهامي أنه "رجل مبارك الأساسي، الحارس المختار لنظام الفساد، والإفلات من العقاب"، معتبرين أن "عودته السريعة والصامتة تشير إلى استعادة النظام القديم للحكم، عقب استيلاء الجيش على السلطة". وتساءل الباحث في مركز "كارنيغي للشرق الأوسط" في بيروت يزيد صايغ "من بين جميع الأشخاص المؤهلين في مصر، لماذا تمت الاستعانة بالفريق التهامي في هذا المنصب، وهو تجاوز سن التقاعد، لماذا هو مطلوب على عجل إلى هذا الحد". ويُبين مسؤولون غربيون، اجتمعوا مع التهامي، وغيره من كبار مسؤولي الحكومة القائمة في مصر، والتي يقودها الجيش، أنه "ميّز نفسه بسرعة، كأكثر المدافعين تأثيرًا عن الحملة القمعية القاتلة لجماعة الإخوان المسلمين"، فيما وصفه أحدهم بأنه "كان  الأكثر تشدّدًا، وعدو الإصلاح الأول، وتحدث كما لو أن ثورة يناير 2011 لم تحدث". وكان الفريق أول عبد الفتاح السيسي قد تعهد، من البداية، بمحاولة ضم أنصار الرئيس مرسي من الإسلاميين في العملية الديمقراطية الجديدة، ولأكثر من شهر، بدا أن السيسي كان ينظر في حجج نائب الرئيس محمد البرادعي، وقلة آخرين، في الحث على ضبط النفس، وإجراء المصالحة مع الإسلاميين، الذين كانوا قد نزلوا بعشرات الآلاف، في اعتصامات، احتجاجًا على ما أسموه "الانقلاب العسكري"، ولكن، في غضون أيام من استيلاء الجيش على الحكم، رفض التهامي إدراج أي من التابعين لجماعة "الإخوان" في العملية السياسية الجديدة، حيث أكّد، وفقًا لمسؤولين غربيين التقوا به، ومصريين في الحكومة المصرية الجديدة، أن "أعضاؤها إرهابيون يجب استبعادهم وسحقهم". ومع حلول منتصف آب/أغسطس الماضي، غلب رأي التهامي، واقتحمت قوات الأمن الاعتصامات "الإسلامية"، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من ألف متظاهر، في أكبر عمليات القتل الجماعي في التاريخ المصري الحديث، كما قتل أكثر من 40 ضابطًا في قوات الأمن، إثر إطلاق النار عليهم من طرف  المعتصميين. واتهم الإسلاميون التهامي بأنه "ينتقم  من الرئيس مرسي"، حيث أوضح مستشار مرسي السابق وائل هدارة، الذين يعيش الآن في كندا، أن "الانتقام حافز قوي"، مشيرًا إلى أن "جهاز المخابرات المصري لم  يكن يثق بالرئيس مرسي، المنتخب بنزاهة للمرة الأولى". يذكر أن مسؤولاً كبيرًا في المخابرات المصرية قد دعا الشعب إلى التظاهر بغية الإطاحة بالرئيس مرسي، ومنذ ذلك الحين، تجسست المخابرات على مرسي، بغية جمع معلومات قد تُستخدم ضده الأن، ربما في محاكمة جنائية. وشغل التهامي منصب رئيس المخابرات الحربية، وساعد في اختيار السيسي خلفًا له، عندما تولى سلطة الرقابة الإدارية، وهي وكالة سريّة يديرها الجيش المصري، وتعد مزيجًا فريدًا من جهاز الأمن الداخلي ومكتب التدقيق، أنشأه الرئيس جمال عبد الناصر عقب ثورة يوليو عام 1952، بغية المحافظة على أن يكون الجيش في قمة  التوسع البيروقراطي المدني. وعندما سلَّم مبارك السلطة للجيش، في عام 2011، قدّم العقيد فتحي ملفًا مفصلاً إلى النيابة العامة، يتهم فيه التهامي بالتواطؤ في قضايا الفساد، وأشار، في حديث لاحق، إلى أن "القضية تم تحويلها بسرعة إلى محكمة عسكرية، واختفت، وحينما تولى مرسي السلطة في حزيران/يونيو 2012، تقيدت سلطته عبر استيلاء الجيش على السلطة التشريعية". وأكّد العقيد فتحي أنه "عقب استيلاء الجنرالات على السلطة، في آب/أغسطس الماضي، أن التهامي هو أحد أسباب الفساد، الذي عانت منه مصر على مدى الـ 30 عامًا الماضية، وكانت مهمته حماية النظام السابق"، لافتًا إلى أنه "عمل لمدة 10 أعوام في وحدة سريّة، تتعامل مع قضايا حساسة"، واتهم التهامي بأنه "كان يحبط باستمرار محققي الوكالة، عبر إبعاد الأدلة في خزانة سريّة، حيث كان يتستر على التقارير"، وأضاف أن "لديه معرفة مباشرة عن 14 قضية، قام بحجبها التهامي، بغية حماية كبار المسؤولين، لاسيما حاكم شمال سيناء، ووزيرًا سابقًا للإنتاج الحربي"، لافتًا إلى أنه هو وزملاؤه  "قدموا تقريرًا مفصلاً، من 40 صفحة، عن اتهامات الرشاوى، والمكافآت، التي تنطوي على بيع مساحة شاسعة من الأراضي العامة خارج القاهرة، تحت إشراف وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، وأن التهامي تستر على الوثائق، وعمليات التنصت والمراقبة، والشهادة، التي أظهرت أن رئيس لجنة الشؤون الصناعية في مجلس الشورى فريد خميس دفع أكثر من 300 ألف دولار رشوة، لاثنين من كبار القضاة، وعقب اعتراف محامو خميس بتقديم الرشاوي نيابة عنه، واستقالة أو إقالة القضاة، الذين تلقوا منهم الرشوة، حصل خميس، الذي يملك شركة النساجون الشرقيون العملاقة، على البراءة، لعدم كفاية الأدلة". وبيّن العقيد فتحي أن "التهامي كان يحمي أخرين في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، من الذين استفادوا من تهريب الوقود المدعوم، وبعض الثروات المتراكمة، التي تقدر بأكثر من  7 ملايين دولار"، مشيرًا إلى أن "هناك حالات كاملة من الفساد، التي يتورط فيها مسؤولون في المجلس العسكري، معروفيين للجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس"، مؤكدًا أن "السيسي لم يشارك في ذلك، وأن التهامي نفسه تلقى ملايين الجنيهات، كهدايا من الشركات المملوكة للدولة، وكذلك استخدم ميزانية وكالته لشراء هدايا عيد الميلاد، التي تصل قيمتها إلى 16،000 دولار سنويًا، لوزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي، و الهدايا الأخرى لأبناء مبارك". من جانبه، أوضح الباحث القانوني المصري الأميركي شريف بسيوني، الذي عمل مع مصر والحكومات الغربية بغية العثور على الأصول المسروقة في الخارج، أن "هيئة الرقابة الإدارية كانت واحدة من عدد قليل من المؤسسات، التي كان يمكن أن تساعد في هذا الشأن، لكنها فشلت باستمرار في توفير السجلات المالية اللازمة، مؤكدًا أن "الهيئة لديها الأدلة، ولكن لم يتم الكشف عن أي منها"، معتبرًا أن "ذلك هو السبب وراء عدم تعافي مصر". ويذكر أن العقيد فتحي استقال، بداية عام 2011، إثر نقل وظيفي، مقتنعًا بأنه قد عوقب بسبب التقارير التي قدمها، لكنه حصل في وقت لاحق على وظيفته القديمة، ولا يزال هناك في العمل، على الرغم من أنه قد تم نقله مرة أخرى إلى وظيفة أكثر محدودية خارج القاهرة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إيران تندد ببيان مجموعة السبع وتصفه باتهامات "لا أساس…
الأمم المتحدة تعلن وقف المساعدات للأفغان المرحّلين من دول…
المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا وصلت إلى مستوى قياسي عام…
تنفيذ حكم الإعدام في امرأة سعودية قتلت زوجها بالأسيد
المغرب يوقف استخدام مادة لطلاء الأظافر والمستهلكون يطالبون بتطبيق…

اخر الاخبار

إسرائيل تحذر سكان غزة من البقاء في المدينة باعتبارهم…
الولايات المتحدة تدخل في شلل فيدرالي بعد فشل الكونغرس…
بزشكيان يؤكد أن طهران لن تستسلم للعقوبات وستقاوم حتى…
اليونيفيل تعلن دعم الجيش اللبناني في إعادة انتشاره جنوب…

فن وموسيقى

المغربية لطيفة أحرار تُكرم تضحيات نساء العسكر بمسرحية وثائقية…
جنات تظهر مع ابنتيها للمرة الأولى وتشارك الجمهور تفاصيل…
حسين فهمي يرفض مليون دولار حفاظًا على هوية مهرجان…
مي عمر تحصد المركز الثامن عالميًا في قائمة أجمل…

أخبار النجوم

سيرين عبد النور تنتقد السوشيال ميديا وتقول عايشين مع…
نجاة أحمد السقا من حادث سير مروع أدى إلى…
إيمان العاصي تثير قضية الميراث من جديد في مسلسل…
إخلاء سبيل المطربة بوسي من النيابة بعد انتهاء التحقيقات

رياضة

رونالدو يتجاوز المغربي حمد الله ويصبح الهداف التاريخي للنصر…
المغربي أيوب الكعبي يُتوج بجائزة أفضل لاعب أجنبي في…
عثمان ديمبلي يتوّج بجائزة الكرة الذهبية في مفاجأة كبرى…
الإعلان عن الفائز بالكرة الذهبية 2025 الليلة وسط ترقب…

صحة وتغذية

التوت الأزرق للأطفال الرضع يقوي المناعة ويخفف الحساسية
إحتجاجات شبابية في المغرب ضد أولوية الملاعب على حساب…
علماء بريطانيون يعيدون شباب الخلايا الجلدية 30 عاما ويفتحون…
وزير الصحة المغربي يستنفر مصالحه لمواجهة الغيابات والتأخرات غير…

الأخبار الأكثر قراءة

تقارير تكشف تجاوزات في توزيع الدعم المالي للجمعيات بالمغرب
تجنيس نحو مليون فلسطيني يثير الجدل في ليبيا والجيش…
المدنيون في غزة يواجهون الموت جوعا وقصفا
لبنان يتحول من شرعنة السلاح إلى تجريمه للمرة الأولى…
محكمة أميركية تمنع ترامب من إعتقال المهاجرين في لوس…