الرئيسية » تحقيقات وأخبار بيئية

الرباط - المغرب اليوم

تواجه الموارد الطبيعية في المغرب ضغوطا بشرية كبيرة، إضافة إلى تأثير التغيرات المناخية عليها، وهو ما يستدعي تعاملا استباقيا في اتجاه تثمينها والحفاظ عليها لفائدة الأجيال الحالية والمستقبلية.

وقد أصبح الحفاظ على الموارد الطبيعية وتثمينها يكتسي أهمية كبيرة، حيث أضحى في مستوى الأولويات الوطنية، كما كان لاحتضان المملكة لمؤتمر الأطراف “كوب-22” سنة 2016 أثر إيجابي في هذا الاتجاه.

إجهاد مائي
تشير التقارير المرفقة بالنموذج التنموي المقترح إلى أن المغرب يوجد في وضعية إجهاد مائي بنيوي تسارعت وتيرته خلال العشرين سنة الأخيرة؛ فعلى الرغم من الزيادة في المنشآت المخصصة لتعبئة الموارد المائية، إلا أن توافرها بقي تحت الضغط بسبب عدم انتظام التساقطات المطرية.

ووفق تحليل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، يرجع الضغط على الموارد المائية إلى الاستغلال المفرط لها، خاصة من طرف القطاع الفلاحي الذي يستهلك 85 في المائة من الموارد المتوفرة، كما أن عدم تعميم تجميع مياه الأمطار وإعادة استعمال المياه العادمة لا يمكن من رفع هذا الضغط على الموارد المائية التقليدية.

ملك غابوي مهدد
يمثل المجال الغابوي حوالي 13 في المائة من المساحة الإجمالية للتراب الوطني، وتقدم الغابة خدمات إيكولوجية وبيئية مختلفة، وتؤمن وظيفة اقتصادية واجتماعية للساكنة القروية التي تعتمد عليها كمورد دخل ومجال للرعي.

لكن الواقع يكشف أن الغابات المغربية تعاني من هشاشة توازنها الإيكولوجي بسبب التقلبات المناخية التي تقوض عمليات التشجير وتحول الغابات خلال فترات الجفاف إلى مناطق للرعي، إضافة إلى الاستغلال المفرط لها في سبيل إنتاج الخشب والفلين.

موارد معدنية غنية
يضم باطن الأرض معادن عدة، أبرزها الفوسفاط الذي يمثل ثلاثة أرباع الاحتياطات العالمية، كما يحتوي أيضا على معادن تتكون أساسا من الفضة والرصاص والزنك.

وقد انتقل إنتاج الفوسفاط ومشتقاته، الذي يمثل 90 في المائة من حجم الإنتاج المعدني، من 25,2 مليون طن إلى ما يقارب 44 مليون طن ما بين سنتي 1998 و2018، وبذلك يكون المغرب ثالث منتج عالمي وأول مصدر لهذه المادة.

كما يعد المغرب أو مصدر للحمض الفوسفوري بحصة 50 في المائة من السوق العالمية، وقد أصبح يتموقع أكثر فأكثر في السوق الدولية للأسمدة مع طفرة تجارية بإفريقيا.

ولا يسلم قطاع الفوسفاط من التحديات البيئية التي يطرحها استغلال الموارد المعدنية وكذلك تحديات تقلب الأسعار في الأسواق الدولية. وذكر تحليل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي أن الرؤية الاستراتيجية للمكتب الشريف للفوسفاط تستبق بشكل كاف هذه الإشكاليات، ودعا إلى الاستمرار في دعمها.

ثروات بحرية مهددة
يمثل الساحل المغربي مجالا جيو-استراتيجيا يمتد على 3500 كيلومتر ويزخر برصيد إيكولوجي متنوع، كما يتوفر المغرب أيضا على ثروة غنية ومتنوعة من الموارد السمكية، وعلى قطاع نشيط للصيد يساهم بما يقارب 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام ويشغل حوالي 670 ألف شخص.

لكن استدامة هذه الموارد تبقى متأثرة بهشاشة الحالة الصحية للأعماق البحرية مقرونة بالاستغلال المفرط للموارد السمكية؛ فالسواحل المغربية مهددة بالتعرية والتلوث، مما يعرض البيئة الساحلية للخطر. إضافة إلى ذلك، تبقى تربية الأسماك، باعتبارها قطاعا رئيسيا لضمان الأمن الغذائي للبلاد، ضعيفة التثمين مقارنة بالإمكانيات الواعدة التي يتوفر عليها هذا القطاع.

التغير المناخي والأنشطة البشرية
يوجد المغرب ضمن البلدان ذات مستوى مرتفع من قابلية التأثر بالتغير المناخي، وذلك يتجلى في ارتفاع الحرارة وانخفاض التساقطات المطرية، وتنامي الظواهر المناخية القصوى مثل الفيضانات والجفاف، وارتفاع متوقع لمستوى البحر.

وبالإضافة إلى التغير المناخي، تشكل الأنشطة البشرية المرتبطة بالنمو الديمغرافي والتمدن المتزايد ضغوطا على الموارد، نظرا لما تخلفه من مضرة بالتوازنات البيئية.

ولمواجهة هذه التحديات، بادر المغرب إلى اتخاذ العديد من الإصلاحات والبرامج التي تهدف إلى إيجاد الحلول المناسبة للإشكاليات البيئية الحالية وتعزيز قدرات البلاد على مواجهة التطورات المناخية المستقبلية بشكل أفضل، كما صادق على اتفاقية باريس واعتمد استراتيجيته الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030.

حكامة غير مندمجة
يكشف تشخيص الوضع الحالي الحكامة المرتبطة بالتنمية المستدامة، من تداخل الاختصاصات ومن ضعف أداء نظام الرصد والمراقبة، وهو ما ينتج عنه تشتت في المسؤوليات على مختلف الفاعلين.

ويشير تحليل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي إلى أن عدم التطبيق الممنهج والشامل لإجراءات التقييم البيئي الاستراتيجي قبل التنزيل الفعلي للسياسات العمومية، جعل البلاد عرضة لآثار التغيرات المناخية.

وتعتبر الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 من بين الاستراتيجيات التي تعرف صعوبة في التنزيل، على الرغم من وجود مخطط يحدد الإجراءات ذات الأولوية الوطنية. أما بالنسبة للسياسة الفلاحية، فقد أعطت الأولوية للإنتاجية والتصدير على حساب الاستدامة.

ويصطدم تأقلم المغرب مع آثار التغيرات المناخية بمعيقات عدة؛ فضعف أنظمة الوقاية والرصد والمراقبة البيئية يعيق مجهودات البلاد في مجال التوقعات المناخية، ناهيك عن محدودية القدرات المالية في سياق يتسم بنقص في تعبئة الإمكانات التي يتيحها التعاون الثنائي ومتعددة الأطراف.

طموح وأهداف وتوجهات
يهدف النموذج التنموي المقترح إلى أن ينجح المغرب في أفق 2035 في زيادة حصة المياه العادمة المعالجة في مجموع الموارد المائية، وزيادة مهمة في حصة الماء الناتج عن تحلية مياه البحر في مجموع الموارد المائية، ناهيك عن رفع حصة الاقتصادين الأخضر والأزرق، وصيانة الملك الغابوي.

وتحقيق ذلك يتطلب التنفيذ الفعلي للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، من أجل تثمين الماء مع مراعاة ندرته، وتقليص ضغط الأنشطة الفلاحية على الموارد المائية، وتعزيز سياسة مواجهة التغيرات المناخية وتنزيلها على مستوى السياسات العمومية.

قد يهمك ايضاً :

انتشار الأفاعي والعقارب في فصل الصيف يهدد ساكنة الجنوب الشرقي المغربي

السلطات تشن حملات لمحاربة الناموس في تطوان

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

قمة الماء تسلط الضوء على أزمة المياه في إفريقيا…
الحكومة المغربية تُقرر إلغاء تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على…
احصاء 32 مليون رأس يثير الجدل بسبب غياب مرجع…
السدود المغربية تفقد ملايين الامتار المكعبة بسبب الحرارة والطلب…
العاصفة الاستوائية فرناند تتكون قرب سواحل برمودا

اخر الاخبار

نتنياهو يحذر حماس من انفجار كامل إذا فشلت في…
ترامب يؤكد حماس تتجه نحو نزع السلاح
الرئاسة الفلسطينية تدين اعدامات ميدانيه وتتهم حماس بتقويض القانون
اسرائيل تتسلم جثث رهائن وحماس مطالبه بتنفيذ الاتفاق

فن وموسيقى

جنات تطرح أغنية الوعود من فيلم أوسكار عودة الماموث…
كريم فهمي يحسم الجدل ويؤكد مشاركته في "وننسى اللي…
بلقيس فتحي تعلن مشاركتها في موسم الرياض 2025
شيرين عبدالوهاب تعود الى جمهورها بعد سنوات من الالم…

أخبار النجوم

أول تعليق من كاتي بيري بعد ظهورها الجريء مع…
ميادة الحناوي تودع شقيقها برسالة مؤثرة من القلب
درة تشارك أحمد العوضي بطولة "علي كلاي" في رمضان…
يللي كريم تعود في رمضان 2026 بمسلسل دراما يجمعها…

رياضة

محمد صلاح ضمن قائمة أفضل 50 لاعبًا في العقد…
برشلونة يتمسك بموهبته الصاعدة بعد عرض تاريخي من الهلال…
مبابي يكشف اللعب بجوار ميسي ضربة حظ ويؤكد أنه…
جدول مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 في مختلف…

صحة وتغذية

فوائد حمية الكيتو لتعزيز صحة الدماغ والوقاية من الخرف
لماذا يعيد العلماء النظر في تأثير كوفيد 19 على…
جهاز استشعار جديد بطعم الزعتر يكشف الإصابة بالإنفلونزا قبل…
بيل غيتس يشارك في مبادرة لإتاحة أدوية إنقاص الوزن…

الأخبار الأكثر قراءة

ربع سكان العالم محرومون من مياه الشرب حسب تقرير…
وزير الفلاحة المغربي يبرز فعالية المبادرات الملكية الرامية للحفاظ…
قمة الماء تسلط الضوء على أزمة المياه في إفريقيا…
الحكومة المغربية تُقرر إلغاء تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على…
احصاء 32 مليون رأس يثير الجدل بسبب غياب مرجع…