الدارالبيضاء - عادل أمين
عرفت العلاقات المغربية السعودية، استقرارًا استمر لعقود، وهو ما يُرشحها للاستمرار مع الملك الجديد سلمان بن العزيز، صديق المغرب القديم الذي وشّحه الملك الراحل الحسن الثاني عام 1980 بوسام الكفاءة الفكرية، تعبيرًا من المغرب عن المكانة الكبيرة التي يحظى بها الأمير سلمان آنذاك من طرف المملكة المغربية.
ويجمع المغرب والسعودية الكثير من السياسات الوسطية والمواقف البناءة في الاعتدال ومحاربة التطرف وتركيزهما على المسائل والقضايا التي تهم الأمتين العربية والإسلامية وتعزيز التعاون المثمر مع كافة الأمم والشعوب المحبة للسلام.
وتعتبر العلاقات المغربية المغربية من أكثر العلاقات العربية استقرارًا انطلاقًا من الثوابت الأساسية لكلا البلدين القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.
وتمثل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين أحد أقدم آليات التعاون العربية، إذ أنشئت بناءًا على اتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني الموقعة بين البلدين في 14/4/1976و التي عقدت اجتماعها الأول عام 1980.
وشهدت العلاقات تطورات إيجابية في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية، تم خلالها التوقيع على العديد من الاتفاقيات، وارتفعت معها التبادلات التجارية بين البلدين والزيارات الرسمية بين كبار المسؤولين.
كما ارتفع التعاون الثقافي بين المؤسسات الثقافية، و يتم التنسيق الآن بين البلدين على المستوى العربي من خلال عضويتهما في الجامعة العربية وعلى المستوى الإسلامي من خلال عضويتهما في منظمة المؤتمر الإسلامي.
أما على المستوى الدولي، فكلاهما عضوين في منظمة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى التنسيق من خلال المنظمات الدولية المتخصصة واللقاءات الثنائية المستمرة بين كبار المسؤولين في البلدين.
وتردد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، على المغرب في زيارات عمل وصداقة وزيارات خاصة متكررة ودائمة، سواء عندما كان وليًا للعهد أو حينما تقلد الحكم في عام 2005، وكان آخرها زيارته الخاصة التي قام بها إلى المغرب في آيار/مايو من العام الماضي 2014، وأعوام 2011 و 2012 و 2013.
وفي مقابل ذلك، فقد حظي الملك محمد السادس باستقبال من طرف الأمير سلمان بن عبد العزيز حين كان وليًا للعهد آنذاك في تموز/يوليو الماضي، حينما حل العاهل المغربي بالمملكة العربية السعودية، وأدى خلالها العمرة في زيارة قصيرة دامت 48 ساعة.
وكرم ملك المغرب الراحل الحسن الثاني والد الملك محمد السادس عام 1980، الملك سلمان بن عبد العزيز، بتوشيحه وسام الكفاءة الفكرية.
ويعود تاريخ العلاقات المغربية السعودية إلى زمن بعيد، وتحديدًا منذ الدولة السعودية الأولى، إذ كانت الحركة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبدالوهاب، قد بعثت رسالة من الحجاز إلى فاس لتبليغ دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب.
وكان ذلك في عهد الملك المولى سليمان الذي كلف علماء القرويين بالرد على الرسالة ثم ارسل ابنه إبراهيم على رأس وفد الحجاج والذي كان يضم الكثير من العلماء للرد على تلك الرسالة.
ويرجع بعض الباحثين العلاقات المميزة بين البلدين في الوقت الحاضر إلى عمقها التاريخي، فقد قامت بينهما عام 1957م أي بعد أقل من عام على استقلال المملكة المغربية.
ويرى السفير السعودي المعتمد في المملكة المغربية الدكتور عبدالرحمن الجُدَيع، أن تقييم العلاقة السعودية المغربية لا بد من يؤخذ بعين الاعتبار العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين على مر العصور، وكيف أن التراث الحضاري للبلدين جمع كثيرًا القواسم المشتركة من قيم ومبادئ وتقاليد وممارسات بين الشعبين على أكثر من صعيد.
كما اعتبر الجديع في تصريح سابق، أن العلاقات السياسية قد شهدت تطورًا نوعيًا على أكثر من مستوى.
وأضاف أنها تشهد حاليًا ازدهارًا غير مسبوقًا، نظرًا لحرص الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والملك محمد السادس على تطوير وتنمية أبعاد هذه العلاقة وتعزيز الصلات القائمة نوعًا وكمًا