الرئيسية » آخر الأخبار الطبية
صورة تعبيرية

بيروت - المغرب اليوم

لم تهزّ فضيحة "الإيكولاي" و"الرصاص" ووجودهما بنسب مرتفعة في الخضراوات، وبشكل متكرّر في الأشهر المنصرمة، أحداً من المسؤولين في لبنان؛ فقرار منع استيراد بعض الخضراوات من لبنان إلى قطر قابلته وعود رسمية بتكثيف الفحوص المخبرية ومعالجة الثغرات. هكذا تُعالج فضائح سلامة الغذاء في لبنان بالوعود التي قد تبقى في إطار الكلام بعيداً من التنفيذ.الخوف على صحة القطريين لم يماثله خوفٌ على صحّة اللبنانيين، فالقرار يخصّ دولة قطر؛ أما في لبنان فلم يكلّف أحد خاطرَه عناءَ مصارحة اللبنانيين بالنتائج المخبريّة وبحقيقة ما يأكلونه. كيف ترفض الدولة القطرية تلك المنتجات الزراعية في حين يستمرّ المواطنون في لبنان باستهلاكها بشكل طبيعي "وكأن شيئاً لم يكن؟"، وكأن الاستهجان اللبناني يصبّ فقط في الشق التجاري لا الصحيّ؟!

صحيح أن وزير الزراعة اللبنانيّ عباس الحاج حسن تعهّد بالتشدّد في الفحوص من ناحية التصدير، لكن ماذا عن الداخل يا معالي الوزير؟من يتعهّد بالتشدّد في الفحوص المخبرية لهذه المنتجات التي تدخل بيت كلّ لبناني؟ أم أن الوعود تخصّ الاقتصاد اللبناني وما قد يترتب على ذلك من خسائر اقتصادية، في حين أن صحة المواطن ليست من ضمن الأولويات؟!القرار القطريّ كان واضحاً: ابتداءً من 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 يُمنع استيراد النعناع والبقدونس والكزبرة والملوخية من لبنان كإجراء احترازي، نظراً إلى ارتفاع نسبة متبقّيات المبيدات، وبكتيريا إيكولاي والرصاص بشكل متكرّر في نسبة كبيرة من العيّنات التي خضعت للتحليل خلال الأشهر الماضية.

في العودة إلى أزمات سابقة مشابهة، يبدو أن للبنان تاريخاً في الوقف المؤقّت لتصدير بعض منتجاته نتيجة وجود نسب عالية من البكتيريا. وإن كانت هذه الفضائح في سلامة الغذاء تدل على شيء، فهي حتماً تشير إلى غياب أيّ معالجة للثغرات التي تطال هذا الملف بمختلف الأوجه والأصعدة.من الجبنة إلى القمح واللفت المسرطن والدجاج الفاسد... تتوالى فصول الفضائح والبكتيريا التي تنمو في هذه الموادّ كما في أمعائنا. هذه الحقيقة المرعبة يتعايش معها البعض، وكأنّها مجرّد خبر مرّ مرور الكرام، في وقت يستوجب ما يجري على أرض الواقع دقّ ناقوس الخطر والتحرّك سريعاً لمعالجة هذه الفضيحة في الداخل قبل الخارج.يستغرب البروفيسور في مركز سلامة الغذاء في جامعة جورجيا في الولايات المتحدة عصمت قاسم الحديث عن مختبرات لإجراء الفحوص، ويسأل عن هذه المختبرات وعن مصادر التمويل والطاقات البشرية لإجراء الفحوص المخبرية، خصوصاً أن بعض الفحوص الكيميائية تعتبر مكلفة. والسؤال الأهمّ: إذا صدق إجراء هذه الفحوص المخبرية، فلماذا لم تُنشر النتائج ولم تُشارَك مع الدولة القطرية ويُصارح بحقيقتها اللبنانيين؟

نحن لا نتحدّث عن بكتيريا تؤدّي إلى أعراض صحية بسيطة كالإسهال والتقيّؤ بل قد تُسبّب أحياناً مشكلات جديّة وخطيرة. صحيح أنّه ليست كلّ بكتيريا من صنف إيكولاي خطيرة، لكن البعض منها كذلك. لكن ما هو أخطر من ذلك، والذي مرّ عليه المعنيّون مرور الكرام، يتمثل بنسبة الرصاص المرتفع في بعض الخضراوات. الرصاص خطير، وهناك قوانين صارمة حول استخدامه، لأنه قد يتسبّب بمشكلات في الجهاز العصبيّ والدماغ ونمو الأطفال، بالإضافة إلى مشكلات في الكلى...برأي قاسم أن وجود الرصاص يشير إلى فرضيّتين: إما أن يكون نتيجة تلوث صناعيّ، أو أن تكون القساطل (الأنابيب)المستخدمة في الريّ غير سليمة، أو وجود مصدر ينتج رصاصاً في الحقول المجاورة، يؤدّي إلى تلوّث التربة أو المياه، ناهيك بالمبيدات، التي يعتبر بعضها مسرطناً، والبعض الآخر يتسبب بتغيّر التوازن الهورموني في الجسم.

علينا أن نعرف أن هناك بكتيريا تنتقل إلى الغذاء تُسبّب السرطان كما هناك مبيدات مسرطنة كالمعادن وغيرها وهي حقيقة مثبتة علمياً. في المقابل، هناك بكتيريا وملوّثات كيميائيّة تؤدّي إلى خلل في التوازن الهورموني، وتؤخّر نمو الأطفال، وتسبّب الفشل الكلوي والإجهاض...وفي العودة إلى وجود بكتيريا في الخضراوات، يؤكّد عصمت أن "هذا الموضوع ليس بجديد، إذ كشفت بعض الفحوص، التي أجريناها مع فريق بحث في الجامعة الأميركية سابقاً على أنواع من الخضراوات من 5 مناطق لبنانية (زحلة، المرج، بعلبك، الهرمل وراشيا)، وجود نسبة عالية من الـE-Coli و coliformsبالرغم من غسلها بمياه نظيفة وتقطيعها قبل فحصها.

وهذه النتيجة متوقعة حسب عصمت لسبيين:
70%* من مياه الرّي ملوّثة وغير صالحة للرّي نتيجة تلوّثها بالإيكولاي والجراثيم القولونيّة. فالمياه الملوّثة هي نتيجة مياه الصرف الصحيّ التي تُعدّ من العوامل الرئيسية في هذا التلوث. فوجود الإيكولاي والجراثيم القولونية هو أحد المؤشرات الأساسية للتلوّث بالبراز. * تلوث المياه يؤدي إلى تلوث المنتجات الزراعية.يُعدّ الخسّ والسبانخ من الخضراوات الورقية الأكثر عرضة للبكتيريا، لأنها قريبة من الأرض، ويتمّ ريّها بشكل كبير، و60-70% من حالات التسمّم الغذائي في العالم تأتي نتيجة للخضراوات الورقية. ويعود ذلك إلى أسباب عدّة، منها نموّها القريب من التربة، وتعرّضها لتلوّث مياه الريّ، بالإضافة إلى أن طريقة تناولها نيئة تزيد من مخاطرها.

إذاً، طالما أن المياه ملوّثة فهذا سيؤدي حكماً إلى تلوّث الخضراوات. وإذا كانت نسبة التلوّث فيها عالية، فإن غسلها وتعقيمها لا ينفع.ونتيجة هذا الواقع، نتفاجأ بغياب أيّ جهود ومساعٍ لتكثيف التوعية حول تلوّث المياه والتفسير للمزارع بأن استخدامه مياه ريّ غير صالحة من شأنه أن يؤدّي إلى تلوّث منتجاته. والأخطر من ذلك - على حدّ قول قاسم - أن "التصدير عامل رئيسيّ ومهمّ، وعلينا الاهتمام به والحفاظ على جودته. ولكن ماذا عن المنتجات المستهلكة في داخل لبنان؟ مَن يفحصها ومَن المسؤول عمّا يأكله اللبناني؟".

يبدو واضحاً تقاذف المسؤولية بين وزارات الزراعة والصحّة والطاقة، علماً بأنّه في أميركا تعدّ وزارة الزراعة مسؤولة عن مياه الريّ بمجرّد استخدامها للمنتجات الزراعيّة. وبمعزل عن هذا الضياع في تحمّل المسؤوليّة، يبقى العامل الأهمّ مصارحة اللبنانيين وعرض كلّ النتائج والبيانات حول الفحوص المخبرية لهذه المنتجات الزراعية لبثّ الطمأنينة أو التحذير من مخاطرها.
ويتأسّف قاسم أنّه بالرغم من نشرنا دراسات عدّة حول تلوّث مياه الأنهر والأجبان والخضراوات في الأسواق اللبنانية، فإن أحداً لم يتحرّك في هذا الإطار.نعرف تماماً أن لبنان يمرّ بأزمة اقتصادية خانقة وظروف سياسية صعبة إلا أن ذلك لا يبرّر غياب المحاسبة والمعالجة وتأمين غذاء وبيئة سليمة ونظيفة بالحدّ المطلوب. يكفي إصدار توجيهات حول ما يجب تناوله وما يجب تجنّبه إلى حين صدور النتائج، وهذه خطوة بسيطة، لكنها كفيلة بالمحافظة على سلامة الغذاء بالحدّ الأدنى.

قد يهمك أيضَا :

علماء يكتشفون سر القضاء على الفيروسات والبكتيريا فى أعماق المحيط

الثوم يقضي على الفيروسات والبكتيريا ويكافح السرطان

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تقرير يكشف توجيهات فرنسية لمستشفياتها بالاستعداد لحالة حرب
النساء أكثر عرضة للضغط النفسي والإجهاد من الرجال بسبب…
دراسة أميركية تحذر من أضرار الإفراط في تناول اللحوم…
تحذيرات طبية من دواء مسرطن سحب بفرنسا ويباع في…
طبيب مغربي يبتكر أول جهاز لتصفية الدم مباشرة داخل…

اخر الاخبار

باريس تستضيف اجتماعا أوروبيا لمناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا
ولي العهد السعودي يبحث مع نائب رئيس دولة فلسطين…
ترامب يبحث خطة لوصاية أميركية على غزة وإسرائيل تؤكد…
نتنياهو يعلن دخول المواجهة مع الحوثيين مرحلة جديدة تحمل…

فن وموسيقى

مي عز الدين تكشف العديد من أسرار حياتها الشخصية…
الكشف عن حقيقة الوضع الصحي لأنغام وتطوراتها الأخيرة
إليسا ضحية عملية احتيال بملايين الدولارات ورجل أعمال يفر…
تدهور في الحالة الصحية للفنانة أنغام واستمرار معاناتها مع…

أخبار النجوم

نجوى كرم تروي تفاصيل مؤثرة عن والدتها وتكشف معاناتها…
الإعلان الرسمي الأول لفيلم جوازة ولا جنازة من بطولة…
منة فضالي تشكر جمهورها بعد عرض أولى حلقات مسلسل…
دينا الشربيني تخوض سباق دراما رمضان المقبل بمسلسل يحمل…

رياضة

إنفانتينو يؤكد أن المغرب قوة كروية وتتويجه الثالث بالشان…
محمد صلاح يشيد بآرسنال ويؤكد استمرار صراع اللقب مع…
وليد الركراكي يُوجه الدعوة ل 27 لاعباً مغربياً لمباراتي…
نفاد تذاكر مباراة المغرب والنيجر بالكامل خلال أربع ساعات

صحة وتغذية

رائحة الفم الكريهة مؤشر مبكر لمضاعفات السكري وأمراض اللثة
زراعة القلب الجزئية تمنح الأمل لأطفال يعانون من اضطراب…
الأطعمة فائقة المعالجة تسبب زيادة الوزن وتدهور الخصوبة
علاج للإمساك قد يفتح الباب أمام أمل جديد لمرضى…

الأخبار الأكثر قراءة

منظمة الصحة العالمية تندد بهجمات إسرائيلية على مقرها ومستودعها…
اتفاق تاريخي في منظمة الصحة العالمية لمكافحة الجوائح في…
علماء يكشفون سر ألم الأسنان عند تناول الآيس كريم…
أخطاء شائعة تُفسد فوائد بذور الشيا الصحية
أطباء يحذرون من النعال والصنادل الخفيفة قد تسبب آلام…