الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
الأسواق الفوضوية في الجزائر

الجزائر – ربيعة خريس

أنعش شهر رمضان المبارك انتشار الأسواق الفوضوية عبر محافظة الجزائر، العاصمة، وضواحيها. وتحولت هذه النقاط إلى مصدر دخل للشباب العاطلين عن العمل، لكسب القليل من المال في اليوم يسد احتياجاتهم المختلفة. ولقيت هذه الفضاءات، من جانب آخر، ترحيبًا كبيرًا من قبل المواطنين الجزائريين، لأنها أطفأت حريق الأسعار المرتفة في الأسواق الشعبية، وتحولت إلى قبلة للأغنياء والفقراء في الوقت نفسه من أجل اقتناء مستلزماتهم اليومية بأسعار معقولة.

وخلال جولة ميدانية لـ"المغرب اليوم"، ابتداءً من منطقة الرغاية، التي تبعد عن وسط العاصمة بنحو 30 كيلومترًا،وصولاً إلى باب الزوار، شرق العاصمة، وإلى ساحة الشهداء التي تقع في القصبة السفلى من الجزائر العاصمة، تبين أن شوارع هذه المنطقة تشهد انتشارًا كبيرًا لنقاط البيع خارج القانون، وتنافس هذه النقاط في منتجاتها أكبر الأسواق الشعبية المعتمدة من قبل السلطات المحلية، بالنظر إلى وفرة الأصناف بأرخص الأسعار. ولم يكن من السهل دخول سوق منطقة باش جراج الفوضوي، بسبب الاكتظاظ الكبير الذي يشهده، والذي ويعتبر من أقدم الأسواق على مستوى المنطقة، الأمر الذي جعله يتوسع أكثر فأكثر، وهو خير مثال لهذه الأسواق التي باتت المصدر الأول للعائلات ذات الدخل المتوسط.

ويبيع وليد، البالغ من العمر 27 عامًا، وياسر، صاحب الـ28 عامًا، العاطلان عن العمل، ورق الجلاش، أو ما يطلق عليه "الديول" باللهجة الجزائرية، وأوراق البقدونس، الذي يعرف لدى الجزائريين بـ"المعدنوس"، والكزبرة، التي تعرف في الجزائر بـ"حشيش شربة". وقالا لـ"المغرب اليوم" إنهما، وبسبب عدم حصولهما على وظيفة، قررا التكيف مع الظروف بهدف كسب مال حلال ومحترم، كما أنهما لا يثقلان كاهل المواطنين الجزائريين بنسب فوائد إضافية، كما يحدث في الأسواق الشعبية، وهو ما رفع من عدد عملائهما من مختلف الفئات، سواء الفقراء أو الأغنياء، مبينين أن هامش ربحهما اليومي بسيط.

وأكدت لامية. ر، وهي ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، أنها تقصد هذا السوق بشكل يومي في رمضان، لاقتناء ما تحتاجه من خضر وفواكه لتحضير سفرة رمضان، لسببين رئيسيين، هما قرب المكان من مقر سكنها، والأسعار المنخفضة فيه مقارنة بالأسواق المعتمدة من قبل السلطات المحلية، التي أرهقت جيوب المواطنين كثيرًا خلال شهر رمضان المبارك. وقالت، استنادًا لمعرفتها الجيدة له، إنه يعد من أكبر الأسواق الفوضوية في الجزائر، ورغم محاولات إزالته من قبل قوات الأمن الجزائرية، التي تسعى إلى تطبيق القرار الحكومي القاضي بمحاربة الأسواق الفوضوية، إلا أنه يعود للظهور وبشكل أكبر بكثير مما كان عليه في السابق، فهو يمثل مصدر عيش لمجموعة من الشباب والكهول العاطلين عن العمل.

وأصبح الإقبال المنقطع النظير على هذه الأسواق يثير استياء التجار داخل المراكز التجارية، ونقاط البيع المعتمدة، حيث تسببت نقاط البيع خارج القانون بالإفلاس لعدد كبير من التجار، الذين لا يجنون فوائد ربح كثيرة في اليوم، في وقت يدفعون فيه أموالاً طائلة لمصالح الضرائب مقابل الإيجار. وبنبرة غضب وانزعاج، وصف حكيم أولئك التجار لـ"العرب اليوم" بـ"الانتهازيين"، وحمل السلطات الأمنية والمحلية مسؤولية العجز عن القضاء على نقاط البيع السوداء، التي تسببت في إفلاس الكثير من التجار بسبب المصاريف التي يتحملونها جراء الإيجار، والضرائب المفروضة عليهم، مشيرًا إلى أن التجار الفوضويين سطوا على عملائهم بسبب التنازلات في الأسعار، التي يقدمونها  لجني بضعة دنانير. واحتلت محافظة الجزائر العاصمة صدارة الأسواق الفوضوية، وتضم أكثر من 65 سوقًا، كلها موجودة بمحاذاة الأحياء الشعبية والتجمعات السكنية الجديدة، التي تفتقر للأسواق.

وضخت الحكومة الجزائرية، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مبلغًا قدره 14 مليار دينار لإنشاء أسواق رسمية على مستوى الجماعات المحلية، إلا أن هذه المشاريع بقيت "حبرًا على ورق"، وتم إلغاء الكثير منها بسبب سياسية التقشف التي تبنتها الحكومة الجزائرية، جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية.

ولفت رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، الطاهر بولنوار، إلى أن نشاط التجارة الموازية في الجزائر يمثل 40 %، مشيرا إلى أن هذا النشاط يشمل العديد من المجالات. وقال إن الحكومة الجزائرية اتخذت إجراءات للقضاء على الأسواق الموازية، إلا أنها لم تثمر نتائج إيجابية، موضحًا أن جمعيته رفعت للحكومة الجزائرية ملفًا يهدف إلى تنظيم القطاع التجاري في البلاد، ويتضمن أربعة محاور من أجل توضيح رؤية الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين لترقية التجارة في الجزائر، ويتضمن المحور الأول اقتراحات تخص منظومة الضرائب في قانون المال 2018، وفي هذا الشق بالذات شددت الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين على ضرورة إشراك ممثلي التجار في إعداد قانون الموازنة لعام 2018، لبحث المواد المتعلقة بالضرائب، تفاديًا لتكرار سيناريو الأزمات التي شهدتها محافظات بجاية والبويرة وبومرداس، بسبب الضرائب التي تضمنها مشروع قانون الموازنة لعام 2017.

ويتضمن المحور الثاني، والذي وصفه بولنوار بالمهم، آليات لاستئصال السوق الموازية والتجارة الفوضوية، التي مازالت تنخر في الاقتصاد الجزائري. ويتضمن المحور الثالث تشجيع الإنتاج الوطني والمساهمة في مشاريع التنمية، مشددًا على ضرورة أن يساهم التاجر في التنمية المحلية، وبالتالي في التنمية الوطنية، مضيفًا أن التنمية المحلية هي أساس التنمية.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزير النقل المغربي يوضح أسباب غلاء تذاكر السفر في…
المغرب يصادق على استثمارات بقيمة 200 مليار درهم خلال…
صادرات المغرب من الخضر والفواكه إلى إسبانيا تلامس 900…
المغرب بحاجة إلى استثمارات بقيمة 38 مليار دولار لاستكمال…
المغرب وإسبانيا يطلقان عبّارات كهربائية لدعم التبادل التجاري

اخر الاخبار

فقدان واحد وستين سودانيا في غرق مركب مهاجرين قبالة…
الشيباني في واشنطن لبحث ملفي اسرائيل والعقوبات
السعودية وباكستان تعلنان شراكة دفاعية استراتيجية
دبلوماسيون يؤكدون عدم تحقق تقدم في المحادثات بين الاوروبيين…

فن وموسيقى

ريهام عبد الغفور تخرج عن صمتها عقب تعرضها للتنمر…
تامر حسني يخفي إصابته بكسر في قدمه ويواصل نشاطه…
شيرين عبد الوهاب تعود بقوة بألبوم ضخم ستطرحه خلال…
نيللي كريم سعيدة بترشيح فيلمها "هابي بيرث داي" لتمثيل…

أخبار النجوم

منى زكي ترد على ريهام عبدالغفور بعد تصريحاتها في…
زوجة مينا مسعود تظهر على كرسي متحرك وتساؤلات حول…
نضال الأحمدية تكشف أسراراً صادمة عن فيروز وتوضح حقيقة…
ريهام سعيد تعاني أزمة نفسية جراء التنمر

رياضة

اسحاق ناظر يتوج بذهبية سباق 1500 متر
النصر السعودي يضع براهيم دياز في دائرة اهتمامه لتعزيز…
سفيان البقالي فضية طوكيو انتصار للتضحية والروح الرياضية
كريستيانو رونالدو يقود النصر في مغامرة قارية جديدة بدوري…

صحة وتغذية

الذكاء الاصطناعي يتجاوز الاطباء في توقع مضاعفات العمليات الجراحية
منظمة الصحة العالمية تدرس دعم أدوية إنقاص الوزن لعلاج…
ابتكار غراء عظمي يثبت الكسور في ثلاث دقائق ويذوب…
اليونيسف تؤكد أن السمنة أصبحت الشكل الأكثر شيوعا لسوء…

الأخبار الأكثر قراءة

ترمب يرشح ستيفن ميران لشغل منصب شاغر بمجلس الاحتياطي…
ترامب يعلن بدء تدفق "مليارات الدولارات" إلى الخزينة الأميركية…
الأسر المغربية تسجل نموا قياسيا في أصولها المالية
جلسة تداول ناجحة في بورصة الدار البيضاء
ماذا يعني احتلال غزة للاقتصاد الإسرائيلي في المرحلة المقبلة